خبراء يدعون إلى تجريم المشاجرات الجماعية

figuur-i
figuur-i

طلال غنيمات

عمان - أجمع خبراء على أن المشاجرات الجماعية باتت تشكل خطرا على السلم المجتمعي بعد أن تعاملت مديرية الأمن مع 4 مشاجرات خلال الأسبوع الماضي، لافتين إلى أن المشاجرات الجماعية تعزز الكراهية بين أفراد المجتمع، ووقوعها يدل على تراجع قيم التسامح والتراحم بين أبناء المجتمع.اضافة اعلان
وتشير البيانات الرسمية إلى تزايد نسبي في عدد الجرائم المسجلة العام الحالي، كما أن طبيعة هذه الحوادث تبدو أكثر عنفا من سابقاتها وبصور أكثر قسوة وحدية وشراسة من أي وقت مضى.
واجتاح التشابك المجتمعي والانفعالات الجماعية الأسبوع الماضي عددا من قرى ومدن ومخيمات المملكة بعد أن شهدت 4 مشاجرات جماعية كبيرة وواسعة تدخلت الأجهزه الأمنية في حلها، ونتج عنها إصابات بعيار ناري وإصابات بالأسحلة البيضاء.
فقد شهدت محافظة جرش مشاجرة كبيرة تخللها إطلاق عيارات نارية وتكسير ممتلكات أدت إلى إصابة شخص، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية وتسيطر على الأوضاع.
كما اندلعت مشاجرة في محافظة عجلون بين أصحاب سوابق، نجم عنها إصابة شاب بعدة ضربات بآلة حادة، كما شهدت منطقة حنينا في محافظة مأدبا مشاجرة، وتواجد الأمن بشكل كبير في المكان دون وقوع إصابات، ووقعت مشاجرة بين أبناء عشيرتين في طبربور، على خلفية خلافات سابقة ولم يتم تسجيل أي إصابات وضبطت الأجهزه الأمنية 15 شخصاً من العشيرتين للتحقيق معهم.
أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي عزا المشاجرات إلى "عدم حل الخلافات الأسرية بسرعة وتأجيل حلها، ما يؤدي إلى تأزيم الأمور واستفحال الخلافات وتفاقمها، إضافة الى غياب القدوة، وهم أكابر القوم الذين يتدخلون لإصلاح ذات البين وانحسار دورهم"، متسائلا "أين هم المخاتير والوجهاء ورجال العشائر والمعلمون ومديرو المدارس؟".
وبحسب الخزاعي، فإن "هؤلاء الناس الذين نسميهم قادة المجتمع والرأي، أصبحوا لا يتدخلون إلا في حال الطلب منهم"، لكنه أشار في الوقت ذاته الى "حساسية النزاعات الأسرية وخصوصيتها".
ومن الأسباب أيضا وفق الخزاعي، "تزايد ظاهرة الانعزال في المجتمع وعدم سماح الناس لبعضهم البعض بالتدخل، فالناس تنأى بنفسها عن أي تدخل في حال حصول أي مشكلة".
ومن جهته قال المحامي عارف الوشاح إن المشاجرات نوعان؛ مشاجرات جماعية منظمة وتكون ناتجة عن عصابات وتفرض حضورها على جماعات أخرى وتنتج عنها مشاجرات كبيرة وهذا نوع خطير لأن الإصابات الناجمة عنها تكون قاتلة.
أما النوع الثاني فهو "المشاجرات العشائرية الناتجة عن خلافات بحكم الجوار أو بحكم التعدي على حقوق الآخرين او الانتخابات وهذه أقل خطورة لأنه يتم الصلح بوقت قصير ودون وقوع أي أضرار كما في المشاجرات المنظمة". وأشار الوشاح الى أن بعض المشاجرات يتم افتعالها بهدف الدخول إلى مراكز الإصلاح "لتصفية حسابات مع أشخاص داخل المركز وهؤلاء يعتبرون أخطر أنواع المجرمين لأن الذين يغلبون لغة العنف على لغة القانون هم غالبا من ذوي الأسبقيات".
الخبير في الشؤون الأمنية الدكتور العقيد المتقاعد بشير الدعجة قال: ان المشاجرات الجماعية تعزى الى "غياب الوعي القانوني لدى البعض من المواطنين حيث يلجأ الى العنف متجاهلا ان الجميع في دولة قانون ومتساوون أمامه".
وبحسب الدعجة فإن عدم اللجوء إلى القانون من قبل المشتكي أو من قبل المجني وغياب لغة الحوار كثيرا ما يدفع الى العنف والشجار وهذا ما ترفضه كافة القوانين والأنظمة، لافتا الى أن القانون والقضاء هما صاحبا الحق بإصدار الحكم من حيث العقوبة أو فض النزاعات.
وأضاف، إن "كثيرا من جرائم القتل التي تحدث سببها مشاجرات جماعية بين مجموعة من ذوي السوابق او المطلوبين"، لافتا الى أنه قد ينتج عنها مقتل أشخاص غير معنيين في المشاجرة وغير مشتركين بها، وتكون عواقب ذلك وخيمة على كافة المشتركين في الشجار.
ونوه الدعجة الى انه يجب على المشرع "إعادة النظر في التشديد على العقوبات التي لم ينتج عنها أي إصابات ووضع عقوبة رادعة من شأنها أن يفكر أي شخص ألف مرة قبل أن ينخرط بمشاجرة جماعية"، مشيرا الى أن القانون يعاقب على الجريمة فقط ولا يعاقب على المشاجرة".