خبراء يدعون لاستحداث نصوص قانونية توفر حماية أكبر للأطفال من التجنيد "الإرهابي"

oqege3jk
oqege3jk

نادين النمري

عمان - مع خلو التشريعات الأردنية من أي نصوص قانونية تجرم تجنيد أو محاولة تجنيد الأطفال للعمل لدى المنظمات الإرهابية، يدعو خبراء إلى ضرورة فرد نصوص تشدد العقوبة في حالات تجنيد هذه الفئة في منظمات إرهابية أو في حال نتج عن هذه الأفعال ضرر على الأطفال.اضافة اعلان
ويؤكد هؤلاء الخبراء ضرورة أن "يتم التعامل مع الأطفال في هذه الحالات على أنهم ضحايا، مع التأكيد على المسؤولية الجزائية بحق الأطفال المنخرطين بالعمليات الإرهابية، لكنه يجب بالمقابل توفير برامج إصلاح وإعادة دمج لهم نظرا لخصوصيتهم بالمقارنة مع البالغين".
ويقولون إن تجنيد واستغلال الأطفال في التنظيمات الإرهابية يعد شكلا خطيرا من أشكال العنف ضد هذه الفئة وانتهاكا سافرا لقواعد وأعراف القانون الدولي.
وكانت محكمة أمن الدولة أصدرت مؤخرا قرارا بسجن شخص لمدة 10 أعوام بتهمة "المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية والتحريض للقيام بأعمال إرهابية إضافة إلى الترويج لأفكار جماعة إرهابية ومحاولة الالتحاق بجماعات إرهابية وتجنيد أشخاص للالتحاق بجماعات إرهابية".
وحسب قرار المحكمة، فقد تبين "أن المتهم عمل على تجنيد ثلاثة من طلبة المدارس، مستغلا إياهم لتنفيذ عمليات لصالح تنظيم داعش الإرهابي في الأردن، كانت تستهدف إحدى الكنائس في العاصمة وتنفيذ عمليات طعن لمرتاديها، إضافة إلى استهداف متجر لبيع المشروبات الكحولية باستخدام قنابل (مولوتوف)".
وفي هذا السياق، يوضح المحامي المتخصص في قضايا محكمة أمن الدولة مأمون الحراسيس أن "التشريعات الأردنية وبما فيها قانون منع الإرهاب غفل عن نقطة استغلال الأطفال في العمليات الإرهابية أو تجنيدهم، حيث أن القانون ورغم انه يجرم الترويج للأعمال الإرهابية لكنه لا يميز في الترويج بين البالغين والقاصرين".
وبحسب المادة 3 فقرة ج من قانون منع الإرهاب يعتبر الالتحاق أو محاولة الالتحاق بأي جماعات مسلحة أو تنظيمات إرهابية أو تجنيد أو محاولة تجنيد أشخاص للالتحاق بها أو تدريبهم لهذه الغاية سواء داخل المملكة أو خارجها عملا إرهابيا، لكن المادة أبقت على مفهوم التجنيد ومحاولة التجنيد مفهوما عاما على الأشخاص دون تشديد على القاصرين.
ويلفت الحراسيس إلى وجود نص في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية ينص على تشديد العقوبة في حالة استغلال طفل في البيع أو الترويج للمخدرات لتصل إلى الاشغال الشاقة لمدة 15 عاما.
كما انه ووفق المادة 18 من القانون فإنه لا يؤخذ بالأسباب المخففة التقديرية في حال تمت الجريمة بالاشتراك مع قاصر.
ويتابع الحراسيس كون قانون المخدرات والمؤثرات العقلية خصص نصوصا تشدد العقوبة في حالات اشراك الأطفال في تجارة والترويج للمخدرات، فإنه من باب أولى أن يتم تخصيص نص مشابه في قانون منع الإرهاب كون الترويج ومحاولة استغلال الأطفال واليافعين في العمليات والتنظيمات الإرهابية أمر أكبر خطورة.
ويبين أن "خطورة تجنيد وتحريض الأطفال للالتحاق في الجماعات الإرهابية، تمكن في التأثير على فكر وقناعات ووجدان الأجيال القادمة وبالتالي فإنه من السهولة أن يتم التأثير بهذه الفئة العمرية من اليافعين بالمقارنة مع البالغين كما انه يتطلب الكثير من الجهد لتعديل الأفكار والقناعات لدى اليافعين بعد زرعها في أذهانهم خصوصا ان المنطلق في الترويج للفكر المتشدد بين اليافعين يقوم من قبل المروجين على عناوين كبيرة كالأخلاق والدين".
ويرى الحراسيس "أن الاشكالية في قانون منع الإرهاب انه لم يفرق بين الضحية والجاني، فان القاصرين والذين يتم استقطابهم من التنظيمات الإرهابية هم في الأصل ضحايا لأشخاص مضللين استغلوا عدم معرفتهم"، مشددا على ضرورة ايجاد برامج تأهيل فكرية ومجتمعية لهؤلاء الأحداث لضمان انخراطهم وعودتهم إلى المجتمع بعد انتهاء محكوميتهم.
من جانبه، يلفت المستشار القانوني لمنظمة محامون بلا حدود المحامي معاذ المومني إلى جزئية تتعلق باستغلال وتحريض الأطفال في الأعمال المخالفة للقانون، كون العقوبة على الحدث مخففة بالمقارنة مع تلك الواقعة على البالغين، ومن هنا وجب التشديد في العقوبة للحد من حالات استغلال الأطفال.
ويوضح أن "قانون العقوبات عامل المحرض على الفعل كالفاعل الأصلي لجهة مدة العقوبة، لكنه لم يميز بين تحريض البالغ أو الحدث".
ويرى المومني انه "بتشديد العقوبة في حال تحريض الأطفال على الأفعال الإرهابية أو القيام بفعل إرهابي بالشراكة مع حدث يوفر حماية أكبر للأطفال"، لكنه شدد على موقفه القائم على ايجاد هذا البند ضمن قانون العقوبات وليس قانون منع الإرهاب.
وفي ورقة بحثية حصلت "الغد" على نسخة منها كان قد قدمها رئيس محكمة الاستئناف الشرطي العقيد طارق النسور، في مؤتمر بحث الاستراتيجيات الخاصة بالأحداث والطفولة الشهر الماضي، أوضحت "أن تجنيد الأطفال واستغلالهم من قبل الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة العنيفة وفقا للإطار القانوني الدولي يعتبر شكلاً خطيراً من أشكال العنف ضد الأطفال وانتهاكاً سافراً لقواعد وأعراف القانون الدولي من جهة.
ويحظر القانون الدولي تجنيد الأطفال، كما يحظر تجنيد الأطفال في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، كما تعتبر اتفاقية منظمة العمل الدولية تجنيد الأطفال واحدا من اسوأ أشكال عمل الأطفال.
ويوضح النسور "الأصل هو اعتبار الأطفال الذين تجندهم وتستغلهم الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة ضحايا" لكنه في ذات الوقت يبين أن ذلك لا يمنع ترتيب مسؤولية جزائية بحق الأطفال المنخرطين بالعمليات الإرهابية.
ويضيف أن الاتفاقيات الدولية وفرت حماية للأطفال المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية خلال فترة انخراطهم بالعمل لمصلحة الجماعات الإرهابية، حيث نصت اتفاقية حقوق الطفل على المبادئ الأساسية المُنطبقة على معاملة الأطفال بمن فيهم الأطفال الجانحون.
وحول التشريعات الوطنية، يقول النسور إن هذه التشريعات تشمل التعامل مع الحدث كضحية للأعمال الإرهابية، ومن جهة أخرى حماية الحدث من الانخراط في الأعمال الإرهابية، موصيا بفرد نص خاص يجرم تجنيد أو محاولة تجنيد الأطفال للعمل لدى المنظمات الإرهابية.
إلى جانب فرد نص خاص يشدد العقوبة على كل من حرض حدثا أو ساهم معه كمتدخل في الأعمال الإرهابية، وتشديد عقوبة الفاعل الأصيل في الجرائم الإرهابية في حال إرتكابه هذا الفعل بالاشتراك مع حدث أو نتج عنها ضرر بالأطفال، على ما أضاف النسور.