خبراء يطالبون بإعادة النظر بكلف التصنيع لدعم عجلة النمو

Untitled-1
Untitled-1

طارق الدعجة

عمان- أكد خبراء ومختصون في القطاع الصناعي أن القطاع هو المرتكز الأساس لتحقيق دولة الإنتاج، إلا أنه بحاجة إلى اتخاذ قرارات حكومية سريعة لتحريك عجلة القطاع وتحفيز الإنتاج بما ينعكس على زيادة النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل للأردنيين.اضافة اعلان
وبين الخبراء لـ"الغد"، أن تحقيق هذه الخطوة (دول الإنتاج من خلال الصناعة) يتطلب إعادة النظر بكلف التصنيع، خصوصا فيما يتعلق بالطاقة التي تستحوذ على نسب تتراوح بين 29 % و45 % من كلف الإنتاج بحسب القطاعات.
ويتضمن محور دولة الإنتاج في مشروع النهضة الوطني للحكومة النمو من خلال ريادة الأعمال والتجارة، عبر تحفيز الصادرات الوطنية، وتخفيض كلف الطاقة على القطاعات الاقتصادية، وتحسين مرتبة الأردن في مجال ممارسة الأعمال، كما يتضمن المحور النمو من خلال الاستثمار والنهوض بقطاعات اقتصادية يتميز بها الأردن، عبر تحفيز الاستثمار في المناطق الصناعية من خلال تخفيض كلف إيجارات الأراضي فيها حسب المحافظة والقطاع.
وأشار الخبراء إلى ضرورة إعادة النظر أيضا بكلف النقل ونوافذ تمويلية مختصة بالصناعة بأسعار فائدة منخفضة وفترة سداد طويلة، إضافة إلى فتح أسواق جديدة أمام الصادرات الوطنية، وتسهيل دخولها إلى الأسواق التقليدية، خصوصا العراقية والسورية.
ویشكل القطاع الصناعي 24 % من الناتج المحلي الإجمالي ویستقطب 65 % من الاستثمارات الأجنبیة المتدفقة، فیما تشكل صادراته 90 % من إجمالي الصادرات الوطنیة.
ویشغل القطاع 20 % من إجمالي القوى العاملة بالمملكة، بالإضافة لرفد الاحتياطات من العملات الأجنبیة بما قیمته 9 ملیارات دولار سنویا.
وبدوره، قال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن، المهندس فتحي الجغبير "إن القطاع الصناعي يعد أساس دولة الإنتاج، وهو الأقدر من بين القطاعات الاقتصادية الأخرى على تحقيق أهداف مشروع النهضة، في ظل أن القطاع الصناعي يسهم بصورة مباشرة وغير مباشرة فيما يزيد قليلا على 40 % من الناتج المحلي الإجمالي، بفضل تشابكه وتحريكه لنشاط عدد من القطاعات الاقتصادية، كما أنه استطاع قيادة النمو الاقتصادي في المملكة على الرغم من كل الظروف والعراقيل التي تواجهه سواء من الداخل أو الخارج".
وبين أن القطاع الصناعي استطاع جذب ما يزيد على 65 % من الاستثمارات الجديدة المقامة في المملكة، وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة، فضلاً عن كونه الأقدر على التشغيل من خلال فرص العمل المستحدثة من قبله.
وأوضح أن تعزیز دولة الإنتاج یتطلب تخفیض الكلف على القطاع الصناعي، خصوصا فیما یتعلق بالطاقة، لاسيما أن كلف التصنیع في الدول المجاورة أقل من الأردن بنسب تصل إلى 25 %، إضافة إلى التزام مؤسسات الدولة بتطبیق قرار الحكومة بمنح الأفضلیة للمنتج الوطني بنسبة 15 % في العطاءات الحكومیة.
وشدد على ضرورة أن تعمل الحكومة على تهيئة بيئة العمل المناسبة وتسويق وترويج المنتج الأردني، الذي يتمتع بمواصفات وجودة عالية في الأسواق العالمية، وضمان استغلال اتفاقيات التجارة المختلفة، خاصة مع الاتحاد الأوروبي، والعراق لنضمن تحقيق أسرع وأفضل النتائج.
وقال "إن تعزيز الصادرات والإنتاج الصناعي على المديين المتوسط والطويل يحتاج إلى تنويع المنتجات الصناعية وتعزيز سلاسل القيمة المضافة، وهذا يتحقق من خلال سياسة صناعية متينة تعزز جذب وتوجيه استثمارات جديدة في القطاعات ذات الأولوية، والتي بدورها ستخلق المزيد من الوظائف من جانب، وتعمل على استدامة التشغيل من جانب آخر".
وأشار إلى وجود تحدیات تواجه القطاع الصناعي؛ أهمها ارتفاع تكالیف الإنتاج، خصوصا الطاقة الكهربائیة التي ما تزال مرتفعة؛ حیث وصلت في قطاعات إلى أكثر من 40 % من كلفها التشغیلیة.
وقال رئيس حملة "صنع في الأردن"، المهندس موسى الساكت "إن تحقيق دولة الإنتاج من خلال القطاع الصناعي يتطلب القيام بالعديد من الخطوات التحفيزية التي تساعد على زيادة الإنتاج الصناعي".
وبين الساكت أن أولى خطوات زيادة الإنتاج الصناعي هي إعادة النظر بكلف الطاقة، التي تعد أحد أهم عناصر مدخلات الإنتاج، وتستأثر بما بين 29 % و45 % من الكلف بحسب القطاع.
وأوضح أن الخطوة الثانية لزيادة الإنتاج الصناعي تتطلب إعادة النظر بأجور النقل، التي تعد مرتفعة، وتحد من زيادة التصدير، فعلى سبيل المثال كلف استيراد البضائع من الصين إلى ميناء العقبة أرخص من كلف الشحن من العقبة إلى عمان، ما يعني أن النقل يشكل عاملا رئيسيا في التكلفة الكلية.
وأشار الساكت إلى أن الخطوة الثالثة تتعلق بكلف التمويل، التي تعد في الوقت الحالي مرتفعة جدا، وتصل نسبة الفائدة على الاقتراض إلى 9.5 %، وفترات سداد قصيرة.
وشدد على ضرورة إيجاد نوافذ تمويلية مختصة بالقطاع الصناعي، وبنسب فائدة لا تتجاوز 3 % وفترة سداد لا تقل عن 7 الى 8 سنوات، وذلك لأن التمويل في القطاع الصناعي يختلف عن القطاعات الأخرى، ويتطلب وقتا حتى يتم الإنتاج والتسويق.
وبحسب الساكت، تتعلق الخطوة الرابعة لزيادة الإنتاج الصناعي في زيادة إنتاجية العمالة، خصوصا أنها متدنية؛ حيث إن عدد العطل الرسمية كبير، عدا عن العطل الاستثنائية الأخرى، الأمر الذي يزيد كلفة الإنتاج من حيث العمالة.
وأشار الساكت إلى أن حملة "صنع في الأردن" تبنت محور دولة الإنتاج ضمن مشروع النهضة في 2019؛ حيث يتم العمل على هذا المحور من خلال تذليل الصعوبات الإجرائية اليومية التي تواجه أصحاب المصانع، مشيرا إلى وجود قوانين وأنظمة اقتصادية بحاجة إلى مراجعة، بالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف الوصول إلى دولة الإنتاج.
وقال الساكت: "لا دولة إنتاج من دون تذليل العقبات الإجرائية اليومية"، مبينا أن تعقيد معاملات أصحاب المصانع والبيروقراطية في الإنجاز عند المؤسسات الحكومية يعدان نوعا من زيادة الكلف وتأخير عملية الإنتاج.
وأكد أن أهم عنصر في دولة الإنتاج هو الاستهلاك، بمعنى أن زيادة الضرائب على المستهلك تؤدي إلى تراجع قدرته الشرائية، وبالتالي لن يستطيع أن يشتري سلعا، سواء مستوردة أو منتجة محليا حتى لو كانت كلف الإنتاج متدنية.
وبين الساكت أن دولة الإنتاج ليست محصورة بالصناعة أو قطاع محدد بعينه، بل هي ترتكز على قطاعات واسعة منها التعدين والزراعة والتعليم.
وأكد أن حملة "صنع في الأردن"، التي تم إطلاقها قبل 5 سنوات من قبل غرفة صناعة عمان والمؤسسة الأردنیة لتطویر المشاریع الاقتصادیة (جیدكو) وغرف الصناعة في المملكة، تهدف إلى تعریف المستهلك المحلي بمدى الجودة التي وصلتها الصناعة الوطنیة والدور الكبیر الذي تقوم به في دعم الاقتصاد الأردني وتشغیل الأیدي العاملة الوطنیة، وحث المواطنین على الإقبال على هذه الصناعات بالتزامن مع دعوة الصناعیین إلى تطویر منتجاتهم لتلبي احتیاجات وأذواق المواطنین وبأسعار مناسبة.
وقال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، المهندس عمر أبو وشاح "إن تحقيق دولة الإنتاج يتطلب قيام القطاع الخاص بزيادة استثماراته، وعلى الحكومة دور في فتح أسواق جديدة، وتسهيل أعمال القطاع الخاص؛ من خلال تقديم التسهيلات كافة لتجعله قادرا على إنجاز عمله".
وبين أن زيادة التصدير تعد مفتاحا مهما للتوسع وزيادة الإنتاج، في ظل صغر حجم السوق المحلية، ما يتطلب إيجاد أسواق جديدة، أمام الصناعة الوطنية.
وقال أبو وشاح "إن تحفيز وزيادة الصادرات يتطلبان أن تكون أسعار المنتجات منافسة، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر بكلف الإنتاج والضرائب المفروضة على القطاع".
وبين أن تعزيز دولة الإنتاج يتطلب حماية الصناعة الوطنية وعرقلة دخول المنتجات المستوردة من الدول التي تضع معوقات فنية وإدارية لمنع دخول المنتجات الوطنية إلى أسواقها؛ أي تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
وشدد رئيس الجمعية على ضرورة أن تلتزم مؤسسات الدولة بتطبيق قرار منح الأفضلية بنسبة 15 % للمنتجات الوطنية في جميع العطاءات الحكومية، في ظل عدم التزام العديد من المؤسسات الرسمية بتطبيق هذا القرار.
وأكد أهمية تضافر الجهود خلال الفترة المقبلة لزيادة حجم الصادرات الوطنية من خلال تعزيز الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، التي وقعها الأردن مع كثير من البلدان، وخاصة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكندا والعالم العربي.
ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر المحروق، أن مفتاح النجاح للقطاع الصناعي يكمن في التوجه نحو التصدير والدخول إلى أسواق جديدة غير تقليدية، واستغلال الفرص غير المستغلة للمنتجات الأردنية، والتي تقدر بما يزيد على 4.2 مليار دولار، بمختلف المنتجات وإلى جميع دول العالم في ظل محدودية السوق المحلية وصغر حجمها.
وأكد المحروق أن الصادرات الوطنية هي المحرك الأقوى والأسرع على النمو الاقتصادي؛ حيث أظهرت آخر الدراسات أن كل دينار صادرات يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2.89 دينار.
وأوضح أن زيادة التصدير تعد المصدر الرئيسي لفرص العمل والتشغيل، وإذا ما حقق الأردن الاستغلال الأمثل للفرص التصديرية فإنه يستطيع توفير نحو 120 ألف فرصة عمل، وهذا بحد ذاته مهم، بدون النظر إلى جذب استثمارات جديدة ونوعية، ما يعني أننا أمام فرص حقيقية يمكن من خلالها التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن، والوصول الى دولة الإنتاج.