خبير اجتماعي: عودة الحياة تدريجيا تتطلب من الأفراد مسؤولية مضاعفة

عمان- _- تميزت الأردن بفاعلية إجراءاتها للتعامل مع وباء كورونا، مما انعكس إيجابيا على عدد حالات الإصابة، وهذا النجاح يسجل لمتخذ القرار وللتنسيق بين الجهات المتعددة.اضافة اعلان
ومع تطبيق الإجراءات الأخيرة التي اتخذت لبدء عودة الحياة الى طبيعتها تدريجيا، فإن المسؤولية كبيرة على الجميع للمحافظة على هذا التميز وعدم انتشار الوباء لحماية المجتمع ومؤسساته لضمان استمرار العمل وعدم توقف الإنتاج في الوقت الذي نحافظ فيه على صحة الجميع وحياة الإنسان.
من هنا، تبرز أهمية أن يقوم الجميع منا بتحمل مسؤولياته وعدم التقليل من دورنا كبارا وصغارا. وفي هذا المجال يقول الاختصاصي الاجتماعي ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان "إن القيم الأخلاقية والإنسانية يكون الالتزام بها ضروريا لرقي الأمم والمجتمعات، ونجاحها في جميع الظروف، وإن كانت هذه القيم أكثر أهمية في ظروف المحن والشدائد، وتحمل المسؤولية من أبرز هذه القيم التي نجني ثمارها أفرادا ومجتمعات، والتخلي عنها يسبب الضرر للجميع".
ويقول سرحان "إن الانتماء والمواطنة ليسا شعارا يرفع، أو قصيدة تلقى أو أغنية تلحن أو لوحة ترسم، إنه سلوك قويم وممارسة عملية تحقق مصلحة الفرد والمجتمع بتوازن. وتحمل المسؤولية من أهم القيم الأخلاقية التي يجب تعزيزها لأنها قيمة إنسانية يجب أن يتمتع بها الإنسان في كل الظروف وخصوصا في الظروف الاستثنائية".
ويضيف سرحان "أن تحمل المسؤولية مؤشر قوي على نهضة وتقدم الأمم والشعوب والمجتمعات، وهو دليل على الرقي والوعي والالتزام الذاتي، وتأكيد لإدراك الشخص لدوره في الحياة، وقيامه بواجباته تماما كما يطالب بحقوقه".
ويوضح سرحان "أن تحمل المسؤولية أمر ضروري لحياة الفرد كما هو للمجتمع والأمة والإنسانية. فالفرد جزء من كل، والأصل أنه يعطي ويأخذ ويتفاعل وهو ليس منعزلا، ومصلحته يجب أن لا تتعارض مع مصلحة المجتمع".
كما أن المجتمع يجب أن يراعي المصالح الأساسية للأفراد، والمحافظة على هذا التوازن هي المقياس لنجاح الجميع.
ويقول سرحان "لضمان تحمل الإنسان المسؤولية، يجب أن نعزز ابتداء مفهوم "الرقابة الذاتية" وهي الكفيلة بالالتزام في السر والعلن، لتصبح سلوكا ذاتيا، لأن الرقابة الخارجية الدائمة والقوانين وحدها لا يمكن أن تضبط السلوك، كما أن العقوبات وحدها لا يمكن أن تردع في كل الأحوال".
ويضيف سرحان "أن بعض الظروف تشعرنا أكثر من غيرها بأهمية تحمل المسؤولية بدافع ذاتي، كالظرف الحالي الذي نعيشه بسبب انتشار فيروس كورونا".
ومن مظاهر عدم تحمل المسؤولية التي أصبحت تقلق الجميع في هذا الظرف؛ غياب الالتزام بالحجر الصحي المنزلي لبعض الأشخاص وما سببه ذلك من نقل العدوى لأسرهم وأقاربهم ومحيطم بالرغم من التعليمات المشددة بذلك، الأمر الذي يؤدي الى مزيد من الإشغال والإرهاق للاجهزة الصحية المتابعة لهذا الوباء، واستنزاف للموارد والطاقات، والأخطر من ذلك ما يمكن أن ينتج عن نقل للوباء وزيادة أعداد المصابين.
ومن مظاهره أيضا؛ عدم الالتزام بحظر التجول، وهو سلوك ينم عن روح التمرد وعدم الالتزام وانعدام الشعور بالمسؤولية، وكذلك عدم الالتزام بإجراءات السلامة العامة أثناء العمل والتنقل.
ويقول سرحان "إن التنصل من المسؤولية مظهر خلل عند الشخص ومرض اجتماعي تعود جذوره إلى عملية التربية منذ الصغر، ودور الأسرة في غرس هذه القيمة الأخلاقية وترجمتها عمليا بما يتناسب مع المرحلة العمرية. لذا ينبغي تعزيز ذلك بالقدوة الحسنة من الآباء والأمهات ووعي المربين إلى دورهم في غرس هذه القيمة وتنميتها. كذلك، عدم تعويد الأبناء على الاعتماد على الآخرين واللامبالاة وعدم الاعتماد على النفس".
ويبين سرحان أن تنمية الشعور بالمسؤولية هي واجب الأسرة والمجتمع والمؤسسات التربوية، والتحذير من الآثار السلبية المترتبة على عدم تحمل المسؤولية ودراسة أسباب ذلك ومعالجتها.
ومن الوسائل التي تساعد على ذلك؛ إسناد بعض المهام للأطفال منذ الصغر بما يتناسب مع مراحلهم العمرية، وهي مسؤولية الأسرة ورياض الأطفال والمدارس.
وتضمين المناهج الدراسية مواضيع تسهم في تنمية الشعور بالمسؤولية، وممارسة العمل التطوعي من أهم العوامل التي تسهم في تعزيز القدرة والاستعداد لتحمل المسؤولية.
ويذهب سرحان إلى أن خطورة عدم تحمل الشخص المسؤولية تزداد بازدياد مكانة الشخص، فكلما زادت مكانة الشخص وموقعه ومسؤولياته كان من واجبه أن يكون أكثر التزاما بمسؤولياته. فالأصل أنه قدوة حسنة للآخرين ولا يقبل منه التنصل من مسؤولياته وعدم أدائها أو الإخلال بها.
ويؤكد سرحان أن مشاركة الجميع في تحمل المسؤولية يعني التوازن وتوزيع أداء الواجبات وتخفيف العبء والنجاح في تحقيق الأهداف العامة.