خدمة العلم.. لن تقضي على البطالة!

لا أحد يستطيع أن يُنكر أن المدرسة العسكرية، الممثلة بالقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، أنها خير من يعمل على ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب، وتُعزز ثقافة الانضباط والالتزام لديهم.. وكما يقول الزعيم الألماني السابق، أدولف هتلر، ان “المدرسة الوحيدة التي تُخرج رجالا يثقون بأنفسهم ثقة مطلقة، هي المدرسة العسكرية”.اضافة اعلان
نعم، التجارب في سابق الأعوام، تؤكد أن مدرسة الجيش أنجبت رجالًا أشاوس، قادرين على التعامل مع المتغيرات، التي قد تطرأ على حياتهم، وخصوصًا تلك السلبية، فهي كما يؤكد كُثر، مدرسة الوطنية والانتماء والانضباط.. لكن ذلك كان عندما كان المُجند (المُكلف) يخدم عامين كاملين في إحدى كتائب الجيش العربي.
إن موضوع إعادة تفعيل خدمة العلم، الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، مختلف نوعًا ما، إذ كان سابقا كما تحدثت يخدم (المُكلف) عامين كاملين في صفوف القوات المسلحة الأردنية، أما في هذه الحالة فسوف يخضع لتدريب عسكري مدته ثلاثة أشهر فقط، ثم يتم توزيعه على إحدى المؤسسات والدوائر الحكومية، لكي يكمل باقي خدمته البالغة 12 شهرًا، بصبغة مدنية.
 ليست صدفة أبدًا، أن يتزامن تفعيل إعادة خدمة العلم، كما أعلنت عنها الحكومة، مع أرقام دائرة الإحصاءات العامة التي أكدت ارتفاع نسبة البطالة خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 23 بالمئة.
فرئيس الوزراء، عمر الرزاز، قال “لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ازدياد أرقام البطالة”.. وكأن لسان حاله يُشير إلى أن المئة دينار، التي سيتقاضاه (المُكلف الجديد) شهريًا، ستكون كفيلة بالقضاء على البطالة، أو التخفيف من حدتها، وكأنه نسي أن الدفعة الأولى تشمل 5 آلاف شخص فقط .
كلام الرئيس، يُراد به، شراء وقت، لأكثر من حاجة في نفس الحكومة، أو على الأقل عبارة عن “ذر للرماد في العيون”، فالدفعة الثانية، التي من المتوقع قبول 15 ألف شخص فيها، لن تحقق الأهداف التي وجدت منها خدمة العلم، كما تُريدها أو تدعيها الحكومة.. فحتى نحصل على جيل قوي، غير إمعة أو “ناعم”، يتوجب أن يكون العام الكامل في العسكرية، وليس فترة تدريب فقط، مدتها ثلاثة أشهر.
الحكومة تناست أن نسبة الـ23 بالمئة، تعني أن هناك 95 ألف شخص جديد انضموا إلى صفوف البطالة، وغضت الطرف أيضًا عن أن هذه النسبة سترتفع حتمًا في الربع الثالث من العام الحالي، بناء على الأرقام المتداولة، حيث سيكون هناك أكثر من 40 ألف طالب ثانوية عامة “توجيهي” لن يحصلوا على مقعد جامعي أو حتى في الكليات المتوسطة، هؤلاء سينضمون إلى أولئك الذين يجلسون في الطرقات أو في المقاهي.
كما أن الحكومة، لم تعد العدة كذلك لخريجي الجامعات الأردنية، الذين من المتوقع أن يصل عددهم لـ60 ألف، أضف إليهم المغتربين، الذين سيُعود الكثير منهم، جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
قد تكون “خدمة العلم” الجديدة، بابًا من أبواب تعزيز دور الشباب، وصقل مهاراتهم، وإكسابهم الخبرات والكفاءات اللازمة لدخول معترك الحياة، كما تدعي الحكومة.. ولكن حتمًا لن تكون بابًا للقضاء على البطالة أو تخفيف حدتها، كما تُعلن أو تتمنى الحكومة، وخصوصًا أن هناك فئات كثيرة، ستكون مستثناة من تلك الخدمة.
قد يكون صحيحًا، ما جادت به قريحة وزير العمل، نضال البطاينة، من أن أحد هدفي خدمة العلم “يتعلق بإكساب المهارات التقنية والمهنية والعملية التي من شأنها تأهيل الشباب لتمكينهم من الدخول إلى سوق العمل”.. لكن الوزير البطاينة تناسى، أيضًا، أن تسعة أشهر لن تكون فترة كافية لامتلاك أي شخص مهارات تقنية؟!