‘‘خرافات سرطانية‘‘ تنتشر في العقول أحيانا قبل الأجساد

الفحص المبكر يساهم باكتشاف الخلايا السرطانية إن وجدت في بدايات مبكرة -(ارشيفية)
الفحص المبكر يساهم باكتشاف الخلايا السرطانية إن وجدت في بدايات مبكرة -(ارشيفية)

ديمة محبوبة

عمان- يتشبث مريض السرطان بأي بصيص أمل يفتح له باب العلاج، حتى لو قائما على "جهل وخرافة" يتناقلها الناس وكأنه غريق تعلق بآخر قشة.اضافة اعلان
كلثوم ابنة إحدى المصابات بسرطان الثدي واجهت هذه الخرافات أثناء تواجدها برفقة والدتها المصابة بسرطان الثدي في قاعة الاستراحة لمركز الحسين للسرطان.
صعقت كلثوم مما تسمعه حول خرافات الإصابة بالمرض وعلاجه، حيث كانوا يؤكدون أن زيادة حجم الثدي ترفع فرص الإصابة بالسرطان والعكس صحيح، إضافة إلى قدرة حليب الناقة على علاج المرض دون الخضوع للعلاج.
وزارة الصحة تؤكد أن سرطان الثدي يشكل 36.5 % من الحالات عند النساء و19.7 % من الحالات الكلية عند الجنسين بين (2013-1996)، ومتوسط عمر الإصابة لدى الإناث هو 51 عاما، فـ56.7 % من الإصابات ضمن الفئة العمرية 59-40 عاما.
وتستغرب رئيسة وحدة الكشف المبكر في مركز الحسين للسرطان الدكتورة يسار قتيبة من سيدة راجعت الوحدة وتم اكتشاف إصابتها بسرطان الثدي في شهر كانون الثاني (يناير) لهذا العام، ورفضت الخضوع للعلاج، مفضلة الأعشاب والطب العربي.
تؤكد قتيبة أن السيدة عادت في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، بزيادة مساحة المرض، والتعب الجسدي والنفسي، بعد تصديق الخرافة، و"نحاول في المركز اليوم السيطرة على المرض وعلاجه".
وينفي العطار أبو أحمد أن يكون التداوي بالأعشاب طبا بديلا، إذ يرى أنه هو طب أصيل، يتعرض لحملة شرسة رغم ثبوت فاعليته في كثير من الحالات!.
كذلك، يؤكد العطار أبو أحمد شفاء حالات مصابة بالسرطان، والتي نجح علاجها من خلال القزحة والعسل، ويستذكر شخصا جاءه قبل 25 عاما، مصابا بسرطان الدم، ورفض العلاج الكيماوي، فأعطاه خلطة طبيعية مكونة من "المرمكة، والعلندة، والقزحة، والقريشة، واللوف، والكرفس، والحلبة"، وشفي تماما، وفق قوله.
خرافات مواقع التواصل، قادت مؤسس حملة "تبينوا" معاذ الظاهر، لبدء الحملة العام الماضي لسبب شخصي، عندما أصيب عمه وعمته بمرض السرطان، وما شاهده من نصائح خلطات ووصفات، ليؤسس صفحة على الفيسبوك، لتمييز الحقيقة من الخرافة في المواضيع الدينية والعلمية.
وتقول فاطمة محمود التي تعاني من سرطان الثدي، إنها سمعت خلال فترة مرضها البالغة 5 أعوام، الكثير من الخرافات التي يؤمن بها عدد كبير من الناس حولها، وأغربها، كانت بعد انقطاع جارتها المقربة منها عن زيارتها بعدما علمت عن مرضها، معللة ذلك بـ "خايفة عيني تنقل مرضها".
وتنتشر أيضا خرافات وإشاعات مسببات السرطان، مثل استخدام المرأة لحبوب منع الحمل، وجلسات الليزر إما لنزع الشعر أو لأي عملية تجميلية، إضافة إلى استخدام العطور ومزيلات العرق.
ويعتبر سرطان الثدي، هو أكثر السرطانات انتشارا بين السيدات في العالم، إذ تم تشخيص 1.7 مليون حالة جديدة العام 2012 وهذه أحدث إحصائية حسب مركز الحسين للسرطان، ويشكل سرطان الثدي 12% من حالات السرطان لدى الجنسين و25% من السرطانات التي تصيب السيدات.
اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الثريا للبحوث والدراسات محمد جريبيع يقول: "إن ثقافة الخرافة، تنم عن حالة من اليأس والخوف، وعدم الثقة بالحلول العلمية المنطقية، فيؤمن الفرد بخرافة غير عقلانية عفا عليها الزمن و"كأنه الغريق المتعلق بقشة".
ويقول اختصاصي علم النفس، الدكتور موسى مطارنة، إن قضايا الإنسان واهتماماته تعتمد على المجتمع الذي يعيش فيه، ولأن سرطان الثدي هو الأكثر انتشارا، يصبح التأويل والتأليف حول هذا المرض من حيث الإصابة والانتقال والعلاج كبيرا، ولأن أكثر المصابات بالمرض سيدات، وهن الأكثر تعاطفا ويتسمن بنفسيات مرهفة، قد يصدقن كل ما يقال وينشرن ما قيل، لتصبح الخرافة سارية داخل المجتمع.
وتشرح الدكتورة قتيبة بعض الحقائق حول السرطان، فكلما كبر الشخص زادت نسبة إصابته بالمرض، وفي حال إصابة أحد الأقارب العشر الأوائل، فيتوجب الفحص المبكر في عمر الـ 35.
وتضيف، تحديدا في سرطان الثدي أو سرطان الرحم أو سرطان القولون أو المبيض، ننصح المريضة بجعل السيدات القريبات منها جدا، أن يقمن بالفحص المبكر، لأن نسبة الإصابة تكون أعلى وفي حال الكشف المبكر لمرض السرطان يعني أن الشفاء موثوق وأسرع.
وتؤكد أهمية الفحص المبكر من دون الإحساس بأعراض أو تغير في الجسم، ما يعني اكتشاف الخلايا السرطانية إن وجدت، في بدايات خللها وانقساماتها وعلاجها مبكرا.
تعود الاستجابة لهذه الخرافات أو رفضها لقناعة الشخص نفسه منهم: سهيلة حمدان إحدى المصابات بسرطان الثدي في سن مبكرة، تعرضت للكثير من الإشاعات والخرافات التي نصحتها بالعلاج بالأعشاب واللجوء إلى الطب العربي، إلا أنها كانت مؤمنة بالعلم ولم تقتنع بأي من هذه الإشاعات.
وكذلك المعلمة رائدة حمدان، والتي أصيبت بالمرض وهي بعمر الـ 36 عاما، حاول بعض المحيطين بها إقناعها بشرب بول الجمل، لكنها ظلت مؤمنة بقدرة الأطباء على علاجها، وهي اليوم بصحة جيدة، بعد سنوات طويلة من العلاج.