خصخصة السجون

يديعوت – مريم كوتس

الكثير من المجاهيل تختبئ خلف قرار محكمة العدل العليا الذي ألغى قانونا سمح بخصخصة السجون في إسرائيل وعلامات الاستفهام تثير خيال الإنسان العاقل، الذي لنفترض للحظة أنه أنا. في أحد المجاهيل قالت المحكمة العليا إن هذا قانون غير دستوي ولا يجب السماح للدولة بخصخصة صلاحيات نزع الحرية ومنحها لصاحب امتياز وعامل مقاول، يريان في ذلك امكانية لجني الربح.

اضافة اعلان

وتطرقت محكمة العدل العليا فقط الى المبدأ الأخلاقي - الفلسفي، ولكن كيف يمكن وقف الخيال عند هذه النقطة؟ يكاد يكون ضروريا استنادا الى تجربتنا الثقافية المتراكمة تشبيه السجون الخاصة بنوع جديد من السجون القديمة: مال أقل للطعام، قوى بشرية أقل لعدد معين من الأشخاص، ميزانية أقل لحسابات الكهرباء والماء، تعهد بعدد متفق عليه من السعرات الحرارية في اليوم (ولكن تصور من أين ستأتي البروتينات ومن أن ستستمد النشويات)، ولم نتحدث بعد عن فرض القانون والعقاب، عندما تكون الأولوية لاعتبارات استرجاع الاستثمار. صحيح أن الهيكل التشغيلي يضم أيضا منظومة رقابة من الدولة، ولكن كيف يمكن الاعتماد بجدية على منظومة كهذه وعلى مدى الزمن.

 ولكن السيناريو ثنائي الاتجاه. في المسار المعاكس يتخذ السجن الخاص، بتفاصيله العقارية، صورة الموقع الذي يوفر مخيما صيفيا للمجرمين. ومن اللحظة التي يكون فيها هدف السجن عرض ميزان مالي إيجابي، فإنه من المنطقي فقط الافتراض بأن خصخصات مختلفة على الطريق. مثلما وضع مستثمرو الرحلات الجوية زهيدة الثمن لائحة خدمات يتوجب عليك فيها أن تدفع لقاء الشراب، الساندويتش واستخدام أجهزة الاستماع والمراحيض، فإن الإطار يمكنه أن يعمل على نحو ممتاز في السجن أيضا، ولكن من دون أن يتوقف فقط عند لائحة الخدمات الأساس بل أن يقلع إلى الامام وأن يطور كل المفهوم ليصبح مدفوع الأجر: حجرة السجن، مكوناتها، الوجبات، عدد ساعات المكوث في الحجرة أو خارجها. لائحة عديدة تتجاوز بسهولة قيود النوع الأدبي.

 ولكن المجهول ليس فقط مظهر منشآت الحبس الخاص، بل إنه ليس بسيطا ايضا فهم دوافع المستثمرين. صحيح أن ليس للمال رائحة، ولكن رغم ذلك فإن له نكهة. ويحتمل أن يكونوا ساروا على أساس توصية مديري الصناديق المالية وجبابرة البورصة، الذين يشيرون إلى الغذاء وإلى وسائل الإعلام كآفاق آمنة للاستثمار، وهي آخر ما سيكف الناس عن استهلاكه، وبكل بساطة اضافوا الى السلة الانحراف الاجتماعي، باعتباره منتجا استهلاكيا آخر غير قابل للتآكل.

 الآن يهدد المستثمرون برفع دعوى بعشرات الملايين للحصول على التعويضات الواردة في العقود. ولكن لانهم اقتنعوا مسبقا بإمكانية جني الربح من الانحراف الاجتماعي، فما الذي يدعوهم الى اليأس الآن. في العالم يوجد ميل متزايد لتحويل السجون القديمة إلى فنادق والطلب هائل: بعض الناس يشعرون بتجربة خاصة في حجرات ذات نوافذ مغلقة بالحديد والقضبان الحديدية، بالأسيجة وبوجبات الفطور في غرفة الطعام، والتي طعن فيها سجناء منذ وقت غير بعيد بسبب مشادة على صحن عصيدة بائسة.

 واذا لم يكن هناك، برأي المستثمرين مسقبل للسياحة في الجنوب فيمكن إنهاء المبنى حسب خطته الأصلية وتخصيصه للاستخدام الإعلامي في الموسم المقبل.