خصومات تنتهي وعلاقات تعود إلى صفائها في 10 ذي الحجة

Untitled-1
Untitled-1
ربى الرياحي عمان- أيام فيها من الفضل والبركة والخير الكثير.. تلك التي تظلل الجميع بعطاياها وبشائرها، ليالي الـ10 من ذي الحجة هي فرصة يعيش نفحاتها الإيمانية الصغير والكبير، الغني والفقير في كل عام. فيها تعم الرحمات وتتبدل النفوس إلى الأفضل، وتتعانق الأرواح والقلوب حبا وقربا وتآلفا. ولذا لا بد من استغلالها في إنهاء الخصومات بين الناس وإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح الآمن والذي يدعو إلى الأنس والتراحم وتمني الخير لبعضنا بعضا. الالتفات لدورها العميق في تقوية الصلات وتجنب القطيعة سواء بين الأهل أو الأصحاب أو الجيران يؤكد حتما قدسيتها وأهميتها في الحث على صلة الأرحام وتصافي القلوب وتعافيها من أحقاد قد علقت بها لأسباب لا قيمة لها تهدف فقط إلى زعزعة الثقة والأمان والمحبة بين الناس جميعا. خلافات كبيرة وتراشق اتهامات وتناثر بذور الحقد، كل ذلك أدى إلى قطيعة دامت مدة ثلاث سنوات بين الثلاثينية نادية وأختها التي قررت أن تدوس على مشاعر الأخوة التي جمعتهما وتضرب بذكرياتها معها عرض الحائط. تقول إن خصامها مع أختها كان سببه موقف صغير لا قيمة له، لكنه للأسف استطاع أن يفرق بينهما. عجزت نادية عن أن تمنع قلبها من أن يحن ويشتاق لكل لحظة بينهما أو لم تكن تريد ذلك أصلا فرأت أن تحاول مصالحتها لعلها تستعيد علاقتها بها كما كانت في السابق وتعوض ما فاتهما، إلا أن محاولاتها جميعها باءت بالفشل. مبينة أنها في كل مرة كانت تحاول فيها إنهاء القطيعة مع أختها كانت لا تجد سوى الجفاء والصد بل وأكثر من ذلك فقد كانت أختها تتعمد اختلاق الأسباب الواهية لتبقيها بعيدة عنها. نادية أرادت وبكل الحب الذي تحمله في قلبها لأختها أن تكرر المحاولة لعلها تتمكن من إعادة المياه إلى مجاريها وبالفعل حدث ما أرادته. وتؤكد أن مصالحتها لأختها جاءت بالتزامن مع دخول 10 ذي الحجة، فقد كانت هذه الأيام بمثابة البلسم الشافي الذي داوى ألمهما وألف بين قلبيهما لما لها من فضل كبير في وصل ما انقطع من علاقات وتنقيتها من كل الشوائب التي علقت بها. أما الأربعيني مصطفى خالد الذي انتهز فرصة دخول 10 ذي الحجة، وبادر لمصالحة صديقه المقرب فيقول إن الحياة لا تستحق منا أن نضيع أعمارنا في تبادل الكرب والعداء والحقد، لأنها مجرد لحظات سرعان ما تنقضي، والسعيد هو من فهم هذه الحقيقة وعمد إلى كسب قلوب من حوله بالحب والاحترام. ويبين أنه من الطبيعي أن تحدث بعض الخلافات بين المتحابين، لكن المهم هو أن تزول في لحظتها مع الإبقاء على الوضوح وتقدير مشاعر الآخر وعدم إيذائه بالقول أو الفعل لمجرد أن لديه رأيا مختلفا عن رأينا. لافتا إلى أن إدراك الجميع لأهمية 10 ذي الحجة وأثرها في التقريب بين القلوب والحث على صلة الأرحام يجعلهم حتما يسارعون إلى محاسبة أنفسهم، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من علاقاتهم التي يجب أن يسودها الوفاق والحب والتراحم. وحول ذلك، يقول الاستشاري الاجتماعي الأسري مفيد سرحان "إن الله تعالى شرع لعباده مواسم للخيرات وأوقاتا أفضل من غيرها، ومن هذه الأوقات العشر الأوائل من ذي الحجة لقوله تعالى "والفجر وليالٍ عشر" وفسر العلماء أن المراد بذلك هو العشر الأولى من ذي الحجة". ويستحب للمسلم في هذه الأيام الإكثار من الأعمال الصالحة بأنواعها المختلفة، وفق سرحان، ومن صور العمل الصالح في هذه الأيام توثيق العلاقات الاجتماعية مع الآخرين والتجاوز عن زلاتهم، وأن يكون الشخص مبادرا في ذلك طلبا لرضا الله في هذه الأيام الفضيلة، وكذلك الواصل مع الأرحام والأقارب، وإن كان هذا التواصل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي. ويضيف "وإن استطاع الشخص تقديم المساعدة أو عون مادي سواء للأرحام أو غيرهم، فهذا يسهم في تمكينهم من تجاوز صعوبات الحياة ويزيد من أواصر المحبة والألفة". ويجب أن يحرص الإنسان على أن يكون الجميع فرحا؛ فإدخال السرور إلى قلوب الآخرين من أعظم الأعمال عند الله تعالى وصلة الرحم من أعظم وسائل التقرب إلى الله. وأشكال الصلة متنوعة، منها الزيارات والاتصال وتقديم المساعدة والعون وذكر الآخرين بالخير والدعاء لهم، والحرص على أن يكون راضيا عنك قدر الاستطاعة. ويلفت سرحان إلى أن شكل الصلة قد يختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر. فالرحم الغني صلته بالتواصل والفقير بالتواصل وتقديم العون له. وإذا كان الظرف لا يسمح بالتواصل الشخصي فيكون التواصل عن بعد وفي هذه الأيام المباركة يتذكر الشخص أن يوصي أصدقاءه بوصل أرحامهم وأقاربهم. ويبين "فالإنسان يرشد الآخرين لعمل الخير، وكذلك تعويد الأبناء على التواصل مع الآخرين الكبار منهم والأطفال. فاصطحاب الأبناء في الزيارات يعودهم على التواصل، ويحببهم به، وقد يبادر أهل الخير والإصلاح إلى التدخل هذه الأيام في حل أي خلافات داخل الأسرة أو بين الأصدقاء حتى يأتي العيد والجميع على علاقة طيبة". ويرى أستاذ الشريعة منذر زيتون أن هذه الأيام الفضيلة وما يعقبها من يوم العيد، وأيام التشريق، مناسبة جميلة لنعيد بناء علاقاتنا مع من حولنا فنتسامح ونتصافح علنا نلقى الله وهو راض عنا. ويضيف زيتون "وأولى الناس بصفحنا وإحساننا وتسامحنا هم الأمهات والآباء والعقوق من أكابر الذنوب، ويأتي بعد الشرك بالله مباشرة، ثم يجب الحرص بشكل خاص أيضا على وصل الرحم لمن يقطعها، ففي الحديث لا يدخل الجنة قاطع رحم". وللأسف أن هناك كثيرين في حال خصام مع إخوانهم أو أخواتهم أو عمومتهم فهؤلاء في خطر شديد وعليهم أن يعودوا فورا ويصلح الأمر وإلا قطعهم الله تعالى.اضافة اعلان