خطاب الكراهية و"مواقع التواصل"

بعد جريمة اغتيال الكاتب الصحفي ناهض حتر، تصاعدت حدة الانتقادات لمواقع التواصل الاجتماعي، وهناك من حمّلها مسؤولية انتشار خطاب الكراهية بشكل واسع. وهناك من طالب بإغلاقها، ومنعها، أو الحد منها. وترافق ذلك، مع حملة قامت بها الأجهزة المختصة، لمواجهة انتشار خطاب الكراهية، لآثاره السلبية جدا على المجتمع ووحدته واستقراره وسلامته، وكان من إجراءات الحملة، توقيف عدد من الاشخاص، روجوا لخطاب الكراهية والتفرقة، وإغلاق صفحات على مواقع تواصل اجتماعي لنفس السبب. اضافة اعلان
وطبعا، كلنا نؤيد تطبيق القانون على من يسيء، أو يروج للتفرقة، وزرع الفتنة في صفوف أبناء المجتمع الواحد، ولكن، مع ذلك، لا يمكن تحميل مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية انتشار خطاب الكراهية. فهذه المواقع، لا تتحمل هذه المسؤولية، ومن يتحملها، هم أصحاب هذه الدعوات الذين استغلوا هذه المواقع لنشر أفكارهم المقيتة والسيئة والنتنة، في محاولة لشق الصف الواحد، وزعزعة المجتمع، ونشر الفوضى في صفوفه. وبهذا السياق، أيضا، فإنه يجب عدم تأييد الدعوة المتطرفة جدا، والتي تدعو لمنع، أو وقف، أو الحد من وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي لاتهامها بترويج التطرف والكراهية. طبعا، هذا الأمر، في هذا العصر، ليس ممكنا، وقد يكون مستحيلا. ولكن الممكن، وغير المستحيل هو مواجهة أصحاب الدعوات المتطرفة، وفقا للقوانين والانظمة السارية في بلدنا. كما من المفترض، أن ندرس بشكل جاد بعيدا عن الإثارة والاستعراض والتضخيم والتهويل الأسباب التي تؤدي إلى انتشار خطاب الكراهية في مجتمعنا.
نعم، الكراهية وخطابها غريبان عن مجتمعنا، ولكن، مؤخرا، ولأسباب عديدة، يجب معرفتها ودراستها، بدأت تنتشر، بشكل يثير المخاوف، وبطريقة فجة وغير مقبولة. هذه الأسباب التي يمكن تحديد بعضها سريعا، تحتاج إلى دراسة عميقة وإجراءات حقيقية وفاعلة وسريعة لمعالجتها، قبل أن تستفحل.
كما يجب أن ننتبه جيدا لمحاولات البعض، تضخيم المخاوف من خطوات معينة. فهناك من يسعى دائما لإعاقة الحركة للأمام، ويحاول دائما وضع العراقيل والعقبات لمنع التقدم، ويعمل على إثارة الخوف والجزع في المجتمع، لتحشيده ضد أي محاولة للتقدم إلى الأمام. ورغم، ذلك، فإن خطورة انتشار خطاب الكراهية في المجتمع تتطلب حركة فاعلة وعميقة وواضحة لمواجهته ومنع تفاقمه ووقف آثاره المدمرة على المجتمع. نحن فعلا بحاجة لتحرك حقيقي لحماية مستقبلنا ومستقبل الأجيال.