خطايا الحكومة وقصص نجاحها

لو كنت مكان الحكومة لما ارتكبت هذا الخطأ الشنيع بوضع اسماء سلع لم يسمع بها الناس، او لم تكن يوماً ضمن اولويات طعامهم ليشملها تخفيض ضريبة المبيعات.
كان يمكن ببساطة ووضوح وضع قوائم بالسلع الاساسية التي يحتاجها الناس يومياً، ويعرفونها وتعرفها الجهات الجمركية والضريبية ودون استخفاف بعقول الناس.
الامر لا يحتاج الى فذلكات كثيرة، ومن عرض قائمة السلع بهذه الطريقة مهما كانت مبرراته أضر بصورة الحكومة وصدقيتها، وجعلها مادة للتندر والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، والسؤال الذي يطرحه اي متابع ما حاجة المواطنين للزواحف والسحالي والثعابين؟
ألا يعرف من أعد الرسالة الاعلامية للجمهور ضرورة ان تكون واضحة ومباشرة ومختصرة وتلامس وتلبي احتياجات الأردنيين؟!
كان يمكن تفادي كل هذا اللغط والاستخفاف لو وضعت السلع الاساسية التي يعرفها الجميع بشكل واضح، فما الصعوبة في القول "جرى تخفيض ضريبة المبيعات على سبيل المثال على الرز، والزيت، والسمنة، والالبان، والاجبان، واللحوم، والدواجن، والبقوليات … الخ".
اعرف ان قائمة السلع التي شملها تخفيض ضريبة المبيعات بقرار الحكومة تضم سلعاً اساسية، ولكنها ضاعت بين "الغرغر" و"السلاحف" وحتى من قرأها تجاهلها لأن ما حدث وفر مادة دسمة لقصف الحكومة.


اضافة اعلان

لا تحتاج الحكومة لخصوم جدد، فخصومها في صالونات عمان لا يتعبون عن ملاحقتها وتوجيه الضربات المتتالية لها، آخر أحاديثهم الشائعة كانت عن رحيل حكومة الدكتور عمر الرزاز بعد العودة من رحلة واشنطن، مشيرين الى ان جلالة الملك ترك الرئيس ليواجه كل السيناريوهات المحتملة، النجاح او الفشل في محادثاته مع صندوق النقد والبنك الدولي، في ضوء معلومات راشحة عن أن صندوق النقد كان غاضباً ورافضاً لتعديلات الحكومة على قانون الضريبة، واستنادا لذلك فان التقديرات المرجحة برأيهم أن الرزاز سيفشل في مهمته في الحصول على القرض والضمانات المطلوبة سواء من الصندوق أو الإدارة الأميركية، وهذا يعني الاطاحة به وانتهاء عمر الحكومة!
لست خبيرا اقتصاديا لأجادل في تقييم نتائج زيارة الرئيس الرزاز لواشنطن، ولكن الشيء المؤكد انه حصل على القرض لسداد ديون مستحقة وبفائدة أقل، وهو بذلك انجز ما خطط له.
تبدو الحكومة بعد زيارة واشنطن أكثر ارتياحاً واستقراراً، ومن الواضح أنها لا تجمع حقائبها لرحيل مفاجئ عن الدوار الرابع، بل يبدو المشهد أن الملك منح تفويضا للرئيس بإدارة الملف المالي والاقتصادي وتحمل التبعات، ولذلك ذهب الرئيس الى تركيا لفتح نوافذ وآفاق للتحرك، وتوجه الى بغداد وأبرم اتفاقيات في غاية الأهمية لو نفذت، وقدم الملك إسنادا للرئيس بالتوجه الى العراق بزيارة تاريخية ليعظم المنجز السياسي والاقتصادي لعل البوابة العراقية، وتليها البوابة السورية تكون الأمل لمواجهة حالة الانسداد الاقتصادي.
بعد ان يعود الرزاز من بيروت عقب مشاركته برئاسة وفد الأردن للقمة الاقتصادية سيكون امام ملف أرجئ كثيرا وهو التعديل الوزاري.
تريث الرزاز كثيرا بإنجاز هذا التعديل، وانتظر حتى تمر الموازنة، وهو اليوم خارج الضغوط، وامامه حسب المعلومات مساران، الاول ان يقتصر التعديل على تعبئة الوزارات الشاغرة، ونعني وزارة التربية ووزارة التعليم العالي إذا لم يبق الدمج بينهما، والسياحة، والمسار الثاني ان يستفيد من فرصة التعديل الالزامي ليعيد تقييم ومراجعة اداء فريقه الوزاري، فيخرج من يرى انه لم يثبت كفاءة وقدرة على التحرك وتقديم المبادرات والعمل الميداني.
أمام الرئيس مهام في المرحلة القادمة لا بد ان ينجزها، فهو بانتظار مؤتمر لندن الشهر القادم، والتحدي كيف سيقنع العالم بضرورة مساندة الأردن، فالتعهدات الدولية التي صرفت للأردن من قبل لمساعدته على مواجهة اعباء استضافة اللاجئين لم تتحقق، وظلت في جزء كبير منها تعهدات كلامية وحبرا على ورق؟
يظل تحدي الاصلاح السياسي أمام الحكومة قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة، فالرئيس وفريقه مطالبون بإنجاز قانون معدل جديد للامركزية، والاهم قانون معدل للانتخابات، وهذا هو "مربط الفرس" وما يظهر جديتها بتحقيق نقلة نوعية في العمل السياسي بالأردن.
تمضي الحكومة في مسيرتها ترتكب اخطاء وخطايا مثلما فعلت في قائمة السلع التي خفضت الضريبة عليها، وبذات الوقت تملك بوصلة لبناء قصص نجاح وانجازات وفتح آفاق جديدة.