خطة الاستجابة للأزمة السورية.. نمط استهلاكي وليس استثماريا

زايد حماد* أطلقت الحكومة، وبشكل رسمي، خطة الاستجابة للأزمة السورية للعام 2019؛ حيث بلغت 2.4 مليار دولار شملت التعليم والبيئة والطاقة والأمن الغذائي وسبل العيش والخدمات البلدية والمأوى والحماية الاجتماعية والصحة والعدالة والمياة والصرف الصحي والنقل، جل هذه الاستجابة تتمحور في الجانب الإنساني الخدماتي ذي النمط الاستهلاكي، وهذا الجانب متعارف عليه في الأعراف والمنظومات الدولية، وهو واجب إنساني أخلاقي إغاثي لا خلاف عليه. ومع دخول الأزمة السورية العام التاسع الشهر المقبل؛ حيث بدأ اللجوء السوري للأردن من اليوم الأول للأزمة السورية في 18/3/2011، ما تزال خطط الاستجابة للأزمة السورية تعتمد على الأنماط الاستهلاكية بعكس الدول الأوروبية وأميركا وبعض الدول الآسيوية؛ حيث أغلب اللاجئين في سوق العمل ويرفدون الاقتصاد الوطني ويدفعون الضرائب ويقدمون مشاريع إنتاجية ويخدمون سوق العمل في بلدانهم ناهيك عن الاستقطاب الإيجابي والمتميز للقيام بمشاريع استثمارية؛ حيث إن الكفاءات السورية تم استغلالها في تلك الدول بما يخدم الاقتصاد الوطني لا داعي للتدليل على كفاءة العقل السوري وخبرته المتميزة، ورغم معرفتي بالفوارق بين اقتصاديات تلك الدول وبيننا وحاجيات السوق ومصالح تلك الدول. في خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للعام 2019، نجد أن جل الخطة قائم على أساس استهلاكي خدماتي لسد حاجيات اللجوء في الأردن، وهذه المشكلة ما نزال نعاني منها منذ اليوم الأول للجوء السوري إلى الأردن؛ حيث إن أغلب خطط الاستجابة تعتمد على الأنماط الاستهلاكية والخدمات. فلم يتم في خطة الاستجابة الحديث عن تشجيع الاستثمار للاجئين السوريين في الأردن أسوة بما يحدث في تركيا مثلا؛ حيث إن محور اهتمام الحكومة التركية هو استقطاب وتشجيع الاستثمار وفتح المصانع والمعامل ورفد الاقتصاد التركي بالمشاريع الناجحة وتجنيس السوريين أصحاب الشهادات العليا والكفاءات وأصحاب الأموال، لم تتطرق خطة الاستجابة إلى عقد مؤتمرات وندوات برعاية حكومية لتشجيع الاستثمار السوري في الأردن وتهيئة البيئة الاستثمارية للمستثمر السوري، لم تتطرق الخطة إلى تسويق الاقتصاد الوطني الأردني والمشاريع التي يمكن استغلالها من قبل المستثمرين السوريين، لم يتم الحديث على تكوين شراكات بين المستثمرين الأردنيين والسوريين وتذليل التسهيلات لهذا الأمر، وتحويل أزمة اللاجئين السوريين إلى فرص تنموية استثمارية. كنا نأمل أن تكون خطة الاستجابة مبنية على الطلب من الدول المانحة القيام بمشاريع استثمارية لخدمة الاقتصادي الوطني الأردني بدلا من قيامها بتقديم المساعدات والرقابة على تقديمها. كنا نأمل أن يتم عرض سلسلة من المشاريع الاستثمارية على الدول المانحة مثل أن تكون هناك منطقة اقتصادية خاصة بالمستثمرين السوريين ومدن صناعية للصناعات السورية وأن تستثمر الدول المانحة وغيرها فيها بشكل مباشر وأن تكون هناك اتفاقيات مع الدول الغربية لفتح أسواقها لتلك المنتوجات وبامتيازات، والتي حال تنفيذها، فإننا نتخلى عن طلب المساعدات تدريجيا وتصبح هذه المشاريع رافدا اقتصاديا لسد الحاجيات. وكنا نأمل أن يكون التفكير في التنمية المستدامة قائما على مشاريع ضخمة وليس على تعليم بعض المهن والحرف فقط. وكنا نأمل أن يخرج التفكير في اللجوء السوري في الأردن من منظومة طلب المساعدة التي حال تقديمها يمكن أن تكون مساعدات أو قروضا ميسرة أو قروضا بفوائد بسيطة إلى منظومة اقتصادية متكاملة، ولا أظن أن الكفاءات والعقول الأردنية غير قادرة على ذلك. ما نزال نتعامل مع اللجوء السوري للأردن مثل اليوم الأول للجوء مع تقدم يسير، ومن زار الدول الغربية التي تستضيف اللاجئين يدرك بأن هناك فجوة كبيرة بين المفهوم الغربي لاستيعاب واستقبال اللاجئين والمفهوم المحلي. كلنا أمل أن نصل إلى مرحلة يكون اللجوء فيها عاملا مبنيا على أسس وقواعد ودراسات جاهزة للتطبيق، ولا تشكل عبئا على الاقتصاد الوطني ولا أن نبقى في دائرة الفزعات؛ حيث ما نزال نعيش في دائرة تحيط من حولها الصراعات والنزاعات الإقليمية، ومسيرة هذه البلد الطيب حافلة باستقبال الأشقاء العرب وغير العرب؛ فالأردن دوما واحة خصبة لاستقبال المهجرين من كل دول العالم بفضل قيادته الهاشمية الحكيمة.اضافة اعلان