"خطة التحديث" تحابي الهيئات المستقلة

محمود خطاطبة خلت خطة تحديث القطاع العام، التي أُعلنت نتائجها يوم الأحد الماضي، وتضمنت 7 مُكونات كأولوية قُصوى للتحديث، من أي تلميح أو إجراء أو مُعالجة إلى الهيئات المُستقلة في الأردن، التي كانت وما تزال وستبقى تُشكل هاجسًا يُقلق الأردنيين، على امتداد الوطن، ويُسبب لهم الامتعاظ. الحكومة بكل أذرعها المُختلفة والخُبراء التي تعاونت معهم من أجل إخراج «خطة التحديث» على أكمل وجه، وبعد جهد استمر لنحو ستة أشهر، تغاضت، وعن سبق إصرار وتعمد، عن موضوع الهيئات المُستقلة، وما تستنزفه من خزينة الدولة، والتي تُقدر ميزانيتها السنوية بنحو 1.7 مليار دينار، والذي يستفيد منها قلة من «عُلية القوم». إذا كانت موازنة هذه الهيئات في الوقت الحالي تبلغ مثل ذلك الرقم، فكم ستبلغ قيمتها بعد 11 عامًا، وهي المدة التي وضعتها الحُكومة لتنفيذ كُل محاور «خطة التحديث»؟. للأسف، إنهم يتعمدون استفزاز أو مُضايقة المواطن الأردني، فالكثير يعلم أين الخلل، ويعلمون أيضًا كيفية مُعالجته، أو الحلول التي تُساهم أو تُساعد، على الأقل، في تخفيف الآثار السلبية لتلك الهيئات، لكنهم مُصرون بطريقة أو أخرى لتسليط الضوء على أمور أخرى ومُعالجتها، من قبيل دمج وزارات أو إلغاء أخرى، وكأن القضية عبارة عن «ذر للرماد في العيون». رغم أن النقطة الأساسية التي أُناقشها هُنا، لا علاقة لها بموضوعي الدمج أو الإلغاء، واللذين قد يكونان أمرين مُهمين ومُفيدين، ولهما آثار إيجابية كثيرة، شريطة أن تتم مُعالجته من شتى النواحي، أكانت مادية أم إدارية، إلا أنه يتوجب التطرق إليها، من قبيل العلم بالشيء. فمثلًا، تكاليف دمج وزارة كالتربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عالية جدًا، أكاد أُجزم بأن مضارها أكثر من منافعها، خصوصًا إذا ما علمنا بأن «التربية» مسؤولة عن أكثر من 4 آلاف مدرسة ونحو مليوني طالب وطالبة، فضلًا عما يقرب من الـ100 ألف معلم ومعلمة، بينما «التعليم العالي» مسؤولة عن حوالي 50 جامعة ما بين حُكومية وخاصة، ونحو 400 الف طالب وطالبة، وعشرات الآلاف من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية.. فكيف سيكون هُناك وزير واحد مسؤول عن كُل ذلك؟. وبعيدًا عن كُل ذلك، لا يوجد هُناك سبب مُبرر لإغفال أو «تطنيش» ملف بحجم الهيئات المُستقلة، التي كانت وما تزال وستبقى تستنزف موازنة الدولة، والأردنيين يدفعون الضريبة تلو الأخرى لدفع فاتورة العاملين في هذه الهيئات.. فرغم أهمية ما تضمنته خطة «التحديث»، إلا أن الأهم موجود أمام أعين مسؤولي الحُكومة، فعند مُعالجة هذا الملف، حتمًا سيعود بالنفع على الكثير من أبناء الوطن، ومن قبلهم الوطن ككل، فالميزانية أصبحت تئن تحت وطأة ارتفاعها إلى أرقام تدق ناقوس الخطر. ويبقى السؤال القديم الجديد، والذي سيتداوله الأردنيون على مدار الأعوام المقبلة، والذي يتمحور حول لماذا لم تتطرق الحُكومة، ولو من قبيل المُجاملة، إلى تلك الهيئات المُستقلة؟، على الرغم من أن خطة «التحديث» ستمتد حتى العام 2033، ما يعني أن هُناك 11 عامًا لتنفيذ كامل محاورها الرئيسة. ولكي أكون مُنصفًا، فإن الخطة التحديثية اشتملت على: الخدمات الحكومية، والإجراءات والرقمنة، والهيكل التنظيمي والحوكمة، ورسم السياسات وصنع القرار، والموارد البشرية، والتشريعات، والثقافة المؤسسية، بما تضمنه كُل ذلك على إلغاء وزارة العمل ودمج وزارات أخرى، فضلًا عن إنشاء منصة واحدة لجميع الخدمات الحكومية، فضلًا عن أنها قيمت أوضاع 97 دائرة ومؤسسة حُكومية. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان