خطة الحكومة الاقتصادية: تشابكات القطاعات الاقتصادية (2)

يبقى الحديث عن الخطة الحكومية التي تنوي الحكومة إعدادها خلال الأسابيع المقبلة حسب التوجيه الملكي، نقطة أساسية في سبيل أي تحرك منهجي فاعل يخدم الفكرة الأساسية، وهي تشخيص الواقع الاقتصادي ووضع الحلول الاقتصادية الواقعية. وقد أكدنا، في المقال السابق، ضرورة أن تركز أي خطة اقتصادية على القطاعات الاقتصادية بصورة استراتيجية ممتدة وليست إجرائية تتعامل مع حدث اقتصادي معين، هذا إضافة لضرورة التركيز على القطاعات الأكثر إنتاجاً وتشغيلاً في الاقتصاد الأردني. بالتالي، علينا النظر الى تلك القطاعات الاقتصادية ومدى ترابطها وتشابكها فيما بينها، حيث إن أي خطة أو برنامج اقتصادي لتحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار يجب أن يرتكز على الترابطات الأمامية والخلفية لأي من القطاعات الاقتصادية المختلفة، فعلى سبيل المثال، تظهر جداول المدخلات والمخرجات (Input–output model) التي تقيس التشابكات القطاعية بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، أن قطاع الصناعات التحويلية هو أحد القطاعات الأساسية المحركة للنمو الاقتصادي؛ حيث إن كل (1) دينار ينفق في هذا القطاع يولد أكثر من (2) دينار كقيمة مضافة حسب مبدأ المضاعف. وبالنظر أيضاً لقطاع السياحة والخدمات الفندقية، سنرى أن المضاعف (Multiplier) لهذا القطاع يقارب 2.1، وهذا يعني أن كل (1) دينار ينفق في هذا القطاع يولد ضعف هذا المبلغ في الاقتصاد الأردني. أما قطاع العقار، مثلاً، فيتضح أن كل (1) دينار يخلق (1.12) دينار تقريباً كقيمة مضافة في الاقتصاد الأردني، هذا يؤشر الى أن هناك مساهمة في تحريك النمو، لكن هناك ضعف في خلق فرص العمل وفي الترابط مع باقي الاقطاعات الاقتصادية. وبالتالي، إذا أردنا الحديث عن فرص نمو وتعاف من جائحة كورونا، علينا التركيز في خططنا الاقتصادية على مثل هذه القطاعات التي لها مردود وتشابك عال مع القطاعات الاقتصادية الأخرى. إن الأرقام التي أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة في منتصف العام 2020 وشخصت كل الترابطات بين القطاعات الاقتصادية، ليست فقط أرقاما فنية وإحصائية، وإنما هي أرقام ذات دلالات اقتصادية مهمة جداً، وأي خطة أو برنامج اقتصادي يجب أن يستند لتلك الأرقام التي تظهر التداخلات بين القطاعات الاقتصادية، ذلك يمكننا من استهداف القطاعات الرائدة في الاقتصاد التي من الممكن أن تقود النمو الاقتصادي في الفترة الحالية وتسهم في زيادة التشغيل وخلق فرص عمل. وعليه، فإننا ندعو راسمي السياسات الاقتصادية لأن لا تبقى هذه الأرقام فقط أرقاماً صماء دون الاستفادة منها وتوظيفها في أي برنامج اقتصادي مقبل.اضافة اعلان