خطة حكومية لالتقاط الأنفاس

فهد الخيطان

تبنت الحكومة الأسبوع الماضي خطة مالية بقيمة 448 مليون دينار، هدفها تحفيز الاقتصاد وتخفيف الأعباء عن فئات اجتماعية وقطاعات متضررة.اضافة اعلان
الخطة التي تشمل ستة محاور رئيسة، هي في الجوهر محاولة لالتقاط الأنفاس بعد موجة وبائية شرسة، فاقمت من أزمات الاقتصاد والمجتمع.
قدمت حكومة الخصاونة بعد تشكيلها بأسابيع، حزمة تحفيزية في استمرار لنهج اتبعته الحكومة السابقة للتخفيف من آثار الجائحة، وكان الأمل يحدو الجميع بأن نشهد مرحلة من التعافي الاقتصادي تجنب الخزينة مزيدا من الدعم ونقص الإيرادات، لكن موجة ثانية أشد شراسة من الوباء ضربت البلاد، وفرضت على الحكومة اتخاذ تدابير صحية مشددة على حساب الأولويات الاقتصادية، والتي أدت بدورها إلى تراجع أصاب قطاعات اقتصادية وخدمية، وزيادة في معاناة فئات اجتماعية ضعيفة.
بموجب الخطة الثانية ستضخ الحكومة نحو 240 مليون دينار في الأسواق، تمثل متأخرات لبعض القطاعات ورديات ضريبية وبدل استملاكات، إلى جانب 208 ملايين دينار كبرامج مساعدات مادية مباشرة لفئات متضررة، وفرص عمل مؤقتة تقدر بحوالي 15 ألف فرصة في عدة قطاعات، للتخفيف من وقع البطالة المتزايد على فئات الشباب.
تعهدت الحكومة ألا تزيد هذه النفقات من حساب الدين العام الذي تجاوز نسبة 109 % من الناتج المحلي الإجمالي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة عدم لجوء الحكومة إلى المزيد من القروض لتمويل العجز في الموازنة، ودعم موازنة الطوارئ الصحية.
أحدث توقعات البنك الدولي حيال الوضع في الأردن تحمل قدرا من التفاؤل الحذر رغم المخاطر المترتبة على زيادة المديونية، إذ توقع البنك أن يحقق الأردن نموا بنسبة 1.4 % للعاام الحالي، بعد انكماش قدر بنسبة 1.8 % العام الماضي.
لكن كل شيء مرهون بالوضع الوبائي بعد أسابيع. السلطات الحكومية تأمل باحتواء الموجة الحالية مع بدايات فصل الصيف، بالتزامن مع حملة تطعيم واسعة النطاق، وبما يتيح فتح القطاعات كافة، وعودة النشاط الاقتصادي إلى سابق عهده.
هذا السيناريو المتفائل في حال تحققه، يساهم في وقف مسلسل الخسائر في النصف الثاني من العام، وتحريك عجلة الاقتصاد لتعويض خسائر في قطاعات خدمية كالسياحة والفنادق وخلق فرص عمل جديدة، والأهم زيادة عائدات الخزينة من الضرائب والرسوم.
لا يعني ذلك بالضرورة نهاية الأزمة، إنما مواجهة فصل جديد من التحديات الاقتصادية وتبعاتها الاجتماعية. برامج الحماية الاجتماعية على سبيل المثال، ستبقى ضرورة ملحة في ضوء الوضع الاقتصادي المتدهور للفئات الهشة، ومشكلة البطالة ستحتل موقع الصدارة في الأجندة الوطنية.
هذه التبعات على ما تحمله من مخاطر على الاستقرار الاجتماعي، تتطلب التفكير منذ الآن ببرامج اقتصادية أكثر عمقا وشمولا، للسنة المقبلة، وسياسات تتجاوز البرامج العاجلة والطارئة، وضمان عوائد اقتصادية مستقرة للإنفاق الحكومي، كي لا تتحول الديون إلى عبء لا يمكن تحمله في المستقبل.
الحكومة وعدت قبل أسابيع بإطلاق خطة اقتصادية للمرحلة المقبلة، وهذه بلا شك مهمة صعبة لا تحسد عليها، لكن في كل الأحوال هذا تحد لا بد من مواجهته بالشراكة مع القطاع الخاص وأصحاب الاختصاص من السياسيين والاقتصاديين ومراكز البحث والتفكير المعنية، للخروج بتصور شامل يحظى بتوافق عام، لمرحلة ما بعد كورونا.