خطة "سلام" ترامب تثبت أن الأمور السيئة يمكن أن تصبح أسوأ

ترجمة: علاء الدين أبو زينة ريك سالوتين* - (ذا ستار الكندية) 31/2020 يحب دونالد ترامب أن يقول إنه عندما كان ينشط سابقاً في عالم الأعمال، فإن الصفقة الصعبة سوف تقارَن دائماً بتحقيق المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع خطة الشرق الأوسط التي أعلنها قبل أيام، ادعى أنه أبرم تلك الصفقة. في الحقيقة، بدا هذا دائماً في رأيي وأنه الصراع العالمي الرئيسي الأكثر قابلية للحل على الإطلاق والذي حله سهل للغاية. كان الحل وضحاً منذ عقود: دولتان تتمتعان بضمانات أمنية دولية. تقاسم القدس. عودة لبعض اللاجئين الفلسطينيين؛ منح تعويض للآخرين. مقايضات في الأراضي. وكان هناك دعم قوي لهذا الحل بين الشعبين. لكن المحير حقاً هو، لماذا لم يتم تطبيق هذا الحل مطلقاً. يعود ذلك في جزء منه إلى عدم التزام قادة إسرائيل، أياً كان هؤلاء القادة، وفي جزء آخر إلى عدم كفاءة القيادة الفلسطينية. شكلت خطة ترامب للسلام التي وضعها صهره جاريد كوشنر أسوأ إجابة على الإطلاق لهذا اللغز القابل للحل إلى حد كبير. وقد بدأت الفوضى مع كوشنر وسفير ترامب في إسرائيل، ديفيد فريدمان -وهما مؤيدان يمينيان متطرفان لحكومة إسرائيل ومستوطناتها غير القانونية (بموجب القانون الدولي والأمم المتحدة). ولا صوت من الجانب الفلسطيني. ويبدو الأمر كما لو أن إنجلترا حاولت تسوية الثورة الأميركية بـ"خطة" تم رسمها في بلاط جورج الثالث. هناك، كان ذلك سهلاً. في الأساس، يجري إعطاء كل شيء لإسرائيل، هذه هي الخطة باختصار. تعترف الولايات المتحدة بضم المستوطنات سواء وقع عليها الفلسطينيون أم لا. وفي المقابل -قطعة من الصحراء في مكان ما. والمجموع، السيطرة العسكرية الإسرائيلية المستمرة. لن تكون القدس عاصمة لفلسطين وإنما ستكون عاصمتها قرية ناعسة. وربما في النهاية، تنشأ "دولة" من دون جيش أو موانئ أو مطار. كانت بانتوستانات الأبارتايد في جنوب أفريقيا أكثر قابلية للحياة. و، ربما، 50 مليار دولار من المساعدات، والتي تعني أن الفلسطينيين ليس لديهم شعور بالكرامة. إنها خطة تجعل اتفاقات أوسلو الفاشلة للعام 1993، الموقعة في حديقة البيت الأبيض، تبدو جيدة بالمقارنة كما بدت في ذلك الوقت. في ذلك الحين، لم يكن سوى الراحل إدوارد سعيد وعدد قليل من الآخرين هم الذين أشاروا إلى عيوبها، التي كانت قاتلة: لا خلاصات واضحة، ولا جداول زمنية جدّية. كتب سعيد بأسف أنه "لم يكن هناك فلسطيني واحد يشاهد حفل البيت الأبيض ولم يشعر أيضاً بأن قرناً من التضحية، والتجريد من الممتلكات والنضال البطولي، قد أصبحت أخيراً بلا معنى". وكان غير رحيم في انتقاده للزعيم الفلسطيني عرفات، الذي "يشكر الجميع على تعليق معظم حقوق شعبه". بحلول العام 2000، عندما كان كل شيء قد توقف، قامت الولايات المتحدة بإعادة الطرفين إلى كامب ديفيد حيث رفض عرفات، كما قيل على نطاق واسع، أفضل عرض يمكن أن تقدمه إسرائيل على الإطلاق. بدا هذا الحكم كاذباً بشكل فاضح. وقد سألتُ ذات مرة فلسطينياً آخر متبصراً في الأمور، مصطفى البرغوثي، لماذا فشل عرفات في فضح تلك الأسطورة عن "عرض إسرائيل الأكثر سخاءً". فاقترح: "عدم الكفاءة المطلق"؟ وقد صدمني اقتراحه، وفكرت بأنني كنتُ متشائماً جداً إزاء السياسيين. مع ذلك، في ذلك الوقت كان هناك على الأقل واجهة خارجية من الاحترام في التفاوض. لكن ما تثبته الخطة الجديدة هو: بغض النظر عن مدى فظاعة الأشياء وسوئها، فإنها يمكن أن تصبح أسوأ أيضاً. كفى أنيناً. ما الذي ينبغي فعلهه الآن؟ كان صديقي، كريس جيانو، وهو نوع من الجراح الأسطوري لميدان المعركة، مع الكثير من الخبرة في الشرق الأوسط، قد قال منذ فترة طويلة إنه يجب على الفلسطينيين تسليم سلطتهم الزائفة الوهمية في الأساس إلى إسرائيل -في الضرائب، والصحة، والتعليم- من أجل الكشف عمن يملك السلطة الحقيقية هناك. ثم ابدأ حملة شعبية من أجل العدالة والمساواة بأي شكل يبدو ملائماً. وثمة آخرون يذهبون أبعد من ذلك: تخلوا عن "دولتين". لقد جعلت الحقائق على الأرض، مثل المستوطنات، هذا الحل مستحيلاً. خوضوا حملة من أجل دولة علمانية واحدة، مع المساواة في الحقوق والتصويت. وهذا خيار جذاب. إنه يعترف بالواقع. ومع ذلك، يبدو لي أقل "واقعية" من الدولتين، بالنظر إلى طبيعة الثقافة السياسية الإسرائيلية اليوم. وأتمنى لو كانت هناك إجابة واضحة حول الطريق التي يجب الذهاب إليها، وأخشى أنني لا أرى مثل ذلك. من علامات تدهور الأمور انخفاض الدعم العربي للفلسطينيين. كان هذا الدعم غير موثوق دائماً ولا يمكن الاعتماد عليه، لكنه كان موجوداً. وجاء الربيع العربي بالأمل، لكنه خفتَ وتلاشى. وقد بدأ الفلسطينيون في أن يظهروا بطريقة أكثر شبهاً بالأكراد: كيان بلا دولة ولا مكان، والذي يواصل نضالة ببطولة وبعزيمة لا تلين. *كاتب كندي مساهم في "ذا ستار". *نشر هذا المقال تحت عنوان: Trump’s ‘peace’ plan proves things can always get worseاضافة اعلان