خطة نتنياهو للضم أصبحت في أيدي غانتس وإشكنازي

figuur-i
figuur-i

بن كاسبيت* - (المونيتور) 12/6/2020

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

يمسك رئيسا الجيش السابقان، وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الخارجية غابي اشكنازي، بمفتاح الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية. وقد تمكن الرجلان من عرض نفسيهما في واشنطن على أنهما حاسمان لأي قرار بشأن خطة الضم. وبالاستفادة من انشغال القيادة بأزمات فيروس كورونا المستجد وأزمة وحشية الشرطة، تمكنا من التوصل إلى تفاهم مع إدارة دونالد ترامب، والذي بموجبه سيدعم الرئيس دونالد ترامب أي قرار إسرائيلي بشأن الضم طالما أنه يتمتع بدعم كامل من كلا حزبي الحكومة -حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحزب غانتس وأشكنازي "أزرق-أبيض".
يتمتع زعيما "أزرق وأبيض" بوصول مباشر إلى مقربين من ترامب، مثل صهره جاريد كوشنر وآفي بيركوفيتش، الذي حل محل جيسون غرينبلات كمبعوث أميركي خاص إلى الشرق الأوسط. ومن المفترض أن يكون أحدهما قد أبلغ غانتس وأشكنازي بأن الأميركيين سيدعمون أي قرار تتخذه إسرائيل طالما أن "أزرق-أبيض" يدعمه أيضاً. وقال أحد المقربين من قادة "أزرق-أبيض" لـ"المونيتور" الأسبوع الماضي شريطة عدم الكشف عن اسمه: "لقد تلقينا حقاً بالنقض؛ لسنا متأكدين من أننا سنستخدمه".
يبدو غانتس وأشكنازي ممزقين. فقد التقى غانتس في 10 حزيران (يونيو) بقادة المستوطنات. وكان يمكن أن يكون ذلك لقاءً متوتراً وصاخباً حيث تُرسَم فيه خطوط المعركة بين قادة المستوطنين الذين يطالبون بالسيادة الإسرائيلية الكاملة على مستوطناتهم في الضفة الغربية وبين الرجل الذي يمثل المعارضة لمثل هذه الخطوة. وفي الواقع، كانت النغمة هادئة. وبدا غانتس وكأنه يوحي بأنه يفكر بجدية في دعم الضم، وإن لم يكن لجميع الأراضي التي يريدها المستوطنون. ومن الصعب قراءة غانتس. وليس كل تلميحاته وتمتماته تُترجم إلى أفعال. ومن المقرر أن يجتمع مع أشكنازي في نهاية الأسبوع للتوصل إلى موقف متماسك قبل المناقشات المقرر إجراؤها مع نتنياهو الأسبوع المقبل.
وفي الوقت نفسه، سوف يقوم رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية -رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال أفيف كوخافي، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ومدير الشين بيت نداف أرغمان، ورئيس المخابرات العسكرية الميجور جنرال تامير هيمان- بتقديم إحاطة لمجلس الوزراء الأمني المصغّر حول التداعيات المحتملة للضم. وسوف يتم إصدار قرار في أعقاب هذه المداولات، ولكن حتى عندئذٍ قد لا تكون رغبات ترامب واضحة؛ حيث إنه أصعب على التنبؤ من غانتس. ووفقاً للمؤشرات القادمة من واشنطن، فإن قاعدة دعم ترامب الإنجيلية المسيحية تبدو أقل اهتماماً بقضية الضم في الوقت الحالي. وتعمل الاضطرابات الداخلية، والأزمة الاقتصادية، وأعمال الشغب والانتخابات المقبلة كلها على تهميش إسرائيل وقضاياها وتضع خطوة الضم برمتها في موضع التساؤل.
وقال مصدر آخر بارز في "أزرق أبيض"، والذي تحدث إلينا شريطة عدم الكشف عن هويته: "هناك شيء واحد مؤكد. الضم الكامل للـ30 في المائة (من الضفة الغربية) على النحو المنصوص عليه في خطة ترامب لن يحدث". ومن الآمن أيضاً افتراض أن من غير المرجح أن يرفض رئيسا الجيش السابقان توصيات قادة الأجهزة الأمنية. لن يتجاهل أشكنازي وغانتس تحذيرات كوتشافي وزملائه من التصعيد الأمني المحتمل، وربما الخسائر الباهظة والتكلفة العالية للضم. وسوف نعرف في الشهر المقبل إلى أين يذهب كل هذا. وسوف يقترح التخمين المستنير أنه إذا قررت إسرائيل ضم بعض الأراضي، فإن تلك الأراضي ستكون أصغر بكثير مما يتوقعه المستوطنون وبعيدة عن الـ30 في المائة التي تنص عليها الخطة الأميركية.
يبدو غانتس وأشكنازي أفضل دراية بكثير بعيوب الضم من مزاياه المحتملة. وقال مصدر أمني عقب التطورات الأخيرة لـ"المونيتور" هذا الصباح شريطة عدم الكشف عن هويته: "وعد الأميركيون بجلب العالم العربي إلى العربة -على الأقل معظمه. والحقيقة هي أنهم لم يفعلوا. ليس هناك زعيم عربي بارز واحد يدعم الخطوة". وأشار إلى المقال غير المسبوق لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، يوسف العتيبة، الذي نُشر في صحيفة إسرائيلية، ويحث فيه إسرائيل على تجنب الضم.
كما هرع وزير الخارجية الألماني، هيكو ماس، إلى إسرائيل الأسبوع الماضي للقاء نظيره المعين حديثا، أشكنازي، وكذلك غانتس ونتنياهو. وحذر الوزير الألماني أيضاً من الضم وتداعياته في زيارة أوضحت إلى حد ما ملامح الصورة الدولية. وبعد الزيارة، قال مصدر سياسي لـ"المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته إن ألمانيا "لن تفرض عقوبات على إسرائيل ولن تعترف بدولة فلسطينية إذا تم الإعلان عن قيام دولة بعد الضم". ومع ذلك، كما أضاف المصدر، "حذروا فعلاً من ضرر كبير قد يلحق بمصالح إسرائيل ومن تأثير سلبي على موقفها في أوروبا".
يشعر حزب "أزرق وأبيض" بقلق خاص إزاء جهود السلطة الفلسطينية لإقناع المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وقال المصدر السياسي: "هذه الخطوة تمضي قدماً وقد يؤدي الضم إلى تسريعها ووضع اللمسات الأخيرة عليها. ليس هذا شيئاً يمكن تجاهله".
وقال مصدر رفيع في "أزرق-أبيض"، بشرط عدم الكشف عن هويته: "حتى الآن، بخلاف الولايات المتحدة، لا توجد دولة واحدة في العالم تدعم الضم. ليس الصين، ولا روسيا، ولا الأوروبيين، ولا اليابان. يبقى هذا شأناً بين نتنياهو وترامب، ونحن لسنا متأكدين من موقف ترامب في الوقت الراهن".
فما الخلاصة إذن؟ سوف يواجه غانتس وأشكنازي صعوبة بالغة في الحيلولة دون تنفيذ شكل من أشكال الضم. فهما يعرفان أن هذه فرصة تاريخية وفريدة ويفهمان القيمة التاريخية لضم العديد من الكتل الاستيطانية. لكنهما، من ناحية أخرى، يدركان أن استقرار النظام في الأردن لا يقل أهمية -بل وربما أكثر أهمية من ضم وادي الأردن.
الآن، يراقب غانتس وأشكنازي الخطوط التي يجري رسمها عن كثب. كانت الخريطة التي توضح إمكانية الضم إلى جانب دولة فلسطينية بموجب الخطة الأميركية سطحية وغير دقيقة. ولذلك يعكف فريق في مكتب رئيس الوزراء على رسم الخريطة الحقيقية الآن. وسوف تكون ذات طبيعة تفصيلية، وستقدم جميع خيارات الضم: كامل أو شبه كامل أو جزئي أو بسيط. كما ستحاول تحديد عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في كل من الخيارات الإقليمية للضم ومحاولة تحديد جيوب المستوطنات الإسرائيلية المعزولة وكذلك الطرق المؤدية إليها. وسوف يستغرق الإعداد السليم لهذه الخريطة شهوراً. وينخرط الفريق الآن في سباق مع الزمن.
في نهاية المطاف، من المحتمل أن يدعم "أزرق-أبيض" الضم الجزئي للعديد من الكتل الاستيطانية التي تتمتع بإجماع إسرائيلي واسع، بالإضافة إلى حزمة تعويض سخية للفلسطينيين من النوع الذي كان قد اقترحه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان في العام 2017. وقد رفضت حكومة نتنياهو اليمينية ما تُدعى "خطة قلقيلية" في ذلك الوقت. ويقدر غانتس وأشكنازي أنه إذا أعطت إسرائيل للفلسطينيين أراض شاسعة في المنطقة (ج) بالضفة الغربية لتطوير المدن الفلسطينية في قلقيلية وجنين، إلى جانب حزمة تعويضات اقتصادية مغرية، فإن الضم يمكن أن يمضي بحذر.
*كاتب عمود في "نبض إسرائيل" للمونيتور. وهو أيضا كاتب عمود ومحلل سياسي للصحف الإسرائيلية، ولديه برنامج إذاعي يومي وبرامج تلفزيونية منتظمة عن السياسة وإسرائيل.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Netanyahu’s annexation plan now in Gantz, Ashkenazi’s hands