خطوات مهمة لإنجاح حوار الآباء مع الأبناء

نغمة الصوت التي تطرح السؤال لها تأثير كبير في دفع ابنك للإجابة عن أسئلتك أو تجنُبها - (أرشيفية)
نغمة الصوت التي تطرح السؤال لها تأثير كبير في دفع ابنك للإجابة عن أسئلتك أو تجنُبها - (أرشيفية)

عمان- يُعدّ الحوار من أحسن الوسائل الموصلة إلى الإقناع وتغيير الاتجاه الذي قد يدفع إلى تعديل السلوك إلى الحسن، لأن الحوار ترويض للنفوس على قبول النقد، واحترام آراء الآخرين، وتتجلّى أهميته في دعم النمو النفسي والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق؛ فأهميته تكمن في أنّه وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات.اضافة اعلان
وحتى يكون الحوار بين الولد وأبوَيهِ فعّالاً ومثمراً يجب أنْ يبدأ الوالدان الحديث بإظهارِ مشاعرَ وُدِّيةٍ تجاه الابن، فإظهار الحب والتعاطف يساعدُه على نموه النفسي، وذلك من خلال استخدامِ كلمات دالةٍ على ذلك قبل بدءِ الحديث، وإظهارِ البشاشة خلال اللقاء به، والأخذ بيده أو وضع اليدِ على كتفه، كما يجبُ الحرصُ كلّ الحرصِ على عدم استعمالِ الكلمات والإيماءاتِ التي تدلُّ على الاستهزاء أو الكراهية، والتي تؤدي حتماً إلى اضطرابٍ نفسي.
خطوات مهمة على طريق الحوار
يتطلب ذلك إلقاء الضوء على بعض الخطوات المهمة التي يجب مراعاتها وصولاً إلى هذا الهدف، مثل:
1 - محاكاة مستوى أعمار الأولاد ودرجة فهمهم للحوار، مع بذل جهود متواصلة لرفع كفاءة التفكير لديهم واستيعاب الحياة بصورة تدريجية.
2 - احترام مشاعر وأفكار الأولاد مهما كانت متواضعة، والانطلاق منها إلى تنميتها وتحسين اتجاهها.
3 - تقدير رغبات الأولاد وهواياتهم، والحرص على مشاركتهم في أنشطتهم وأحاديثهم وأفكارهم.
4 - الاهتمام الشديد ببناء جسور الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء، والتي تعتمد على غرس انطباع إيجابي عندهم يفضي إلى تعريفهم بحجم المحبة والعواطف التي يكنها لهم آباؤهم، فلا بد أن يحسّ الأولاد بأننا نحبهم ونسعى لمساعدتهم ونضحي من أجلهم.
5 - حسن الإصغاء للأبناء وحُسْن الاستماع لمشاكلهم، لأن ذلك يتيح للآباء معرفة المعوقات التي تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم ومن ثم يمكنهم مساعدتهم بطريقة سهلة وواضحة.
6 - معالجة مشاكل الأبناء بطريقة سليمة تقتضي ألا يغفل الآباء أن كل إنسان مُعرض للخطأ، وذلك حتى لا يمتنع الأبناء عن نقل مشاكلهم إلى الأهل ثم يتعرضوا لمشاكل أكبر أو للضياع، بل تتم مناقشة المشكلة التي يتعرض لها الابن بشكل موضوعي هادئ يتيح له القبول والاعتراف بمواطن خطئه وبالتالي تجنب الوقوع فيها مرة أخرى.
7 - يجب ألا نلوم الأبناء على أخطائهم في موقف المصارحة نفسه حتى لا نخسر صدقهم وصراحتهم في المستقبل، بل علينا الانتظار لوقت آخر ويكون ذلك بأسلوب غير مباشر.
8 - تهيئة الأبناء، من خلال الأساليب السابقة، لحل مشاكلهم المتوقع تعرضهم لها مستقبلاً في ظل تعريفهم بأسس الحماية والوقاية.
9 - عدم التقليل من قدرات الأبناء وشأنهم أو مقارنتهم بمن هم أفضل منهم في جانب معين، لأن هذا الأسلوب يزرع في نفوسهم الكراهية والبعد ويولد النفور ويغلق الأبواب التي يسعى الآباء إلى فتحها معهم.
10 - إشعار الأبناء بأهميتهم ومنحهم الثقة بأنفسهم من خلال إسناد بعض الأعمال والمسؤوليات لهم بما يتناسب مع أعمارهم وإمكانياتهم، مع استشارتهم في بعض التحسينات المنزلية أو المفاضلة بين طلبات عدة للمنزل، وعدم التقليل من جهود الأبناء لمجرد تواضع المردود عن المتوقع منهم لأن ذلك قد يخلق تراجعاً في عطائهم وينمي فيهم الخمول والإحباط مستقبلاً.
11 - الاهتمام بالمواضيع والأحاديث التي يحبها الأبناء ويسعدون بها وتناولها بين الحين والآخر، فإن ذلك يوصل إليهم شعوراً بمشاركة الأهل لهم في كل شيء وأنهم يريدون إسعادهم وإدخال السرور إلى نفوسهم.
12 - يُراعى أثناء الجلسات العائلية والمناقشات أن تقابل اقتراحات الأبناء وآراؤهم باحترام وقبول، بما أنها لا تخل بالأخلاق ولا تنافي تعاليم تقاليد المجتمع وأحكام الإسلام.
فوائد الحوار التربوي
1 - يعزّز استراتيجيات بناء العلاقات الإيجابية بين الوالدين والأولاد من جهة وبين الأولاد وزملائهم في المدرسة من جهة أخرى؛ حيث يؤكّد الاحترام المتبادل والتقبل ونبذ الصراع.
2 - يبني ويعزز ثقة الأولاد بأنفسهم ويؤكد ذواتهم وينمّي استقلاليتهم، ويشجعهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وهذا من أهم أهداف التوجيه والإرشاد الطلابي.
3 - يدرب الأولاد على تقبل الاختلاف مع الآخرين، وأن ذلك لا يُعدّ تهديدا لهم.
4 - يدرّب الأولاد على تحقيق وتقرير مبدأ القيم المقبولة، فهو مناخ ممتاز لتعديل السلوك.
5 - ينمّي المبادرة والمنافسة وحب الاكتشاف، فهو تنمية للروح الاجتماعية حيث يساعد في التغلب على الخوف الاجتماعي والخجل، ويعطي مناعة ضد ذلك مستقبلا.
6 - يُظهِر الحوار، للآباء والمعلمين والمرشدين بشكل صريح أو بشكل إسقاطي، ما يعانيه الأولاد من مشاعر عدائية أو قلق أو خوف أو صراعات نفسية وإحباطات وكبت، وهذه فرصة يجب أن تنتهز لعلاج تلك المشكلات ودعم النمو الانفعالي واستنطاق المشاعر والتنفيس ومن ثمّ العلاج. وهذا من صلب العملية الإرشادية.
7 - يساعد الأولاد على تصحيح أخطائهم بأنفسهم، بالاقتناع نتيجة التعلم.
8 - يساعد على رفع مؤشّر التحصيل الدراسي؛ حيث يفرغ كثيراً من المكبوتات، كما أن ما يسقطه من فلتات اللسان قد يوظف إرشادياً مما يدعّم التحصيل الدراسي إيجابياً.
9 - يساعد الطالب على اكتساب أصدقاء جُدد، قد يهدونه إلى ما فيه الخير.
10 - الحوار يدعّم فعالية التوجيه والإرشاد؛إذ إن المقابلات الإرشادية تُستهل بالحوار، كما أن المقابلة تستخدم مهارات أساسية كالإصغاء والاستماع والنظر والصوت والأسئلة...الخ وهذا يتم في الحوار الإيجابي أيضاً.
11 - تعليم المحاورين الشجاعة النفسية في القبول، عند ظهور الدليل من المحاور الآخر.
تشجيع الأبناء على الحوار
من أجل تشجيع الأبناء على الحوار بدون إشعارهم بأننا نتدخل في حياتهم، يمكن اقتراح الآتي:
1 - إدراك سبب فقد الحوار: أولاً يجب عليك أن تدرك سبب فقد الحوار بينكم حتى نستطيع علاجه.
2 - اختيار الوقت المناسب: أهم شيء أن يخبرك الطفل عندما يكون مستعدا للحديث إليك، وأحياناً يقرر الطفل أن يتحدث في الوقت الذي لا نستطيع ذلك، وفي هذا الموقف يمكنك أن تقول له: ليس لديّ وقت الليلة، لنحدد موعداً للحديث في وقت لاحق، وعندها تأكد من متابعة الأمر والتنفيذ! وستجد أن تأجيل بعض حاجاتك للحديث مع طفلك أمر مهم ويستحق التضحية. الكثير من الأطفال أكثر انفتاحاً بعد المدرسة، حيث يكون كل شيء حاضراً وواضحاً في أذهانهم، فإذا كنت أباً أو أمّاً عاملة، حاول عمل محادثة تليفونية مع أولادك في هذا الوقت بشكل منتظم. أما بعض الأطفال فيفضل أن يحصل على فترة من الراحة والهدوء بعد المدرسة، فإذا كان ابنك من هؤلاء الأطفال فامنحه فرصة للحديث، إمّا على مائدة الطعام أو قبل النوم.
3 - أسئلة محدّدة: لتكن أسئلتك محددة ومباشرة مثل: كيف حال يومك؟ سؤال عمومي قد لا يجد ما يرد به، لذا عليك طرح أسئلة محددة مثل: كيف كانت القراءة اليوم؟ ما الكتاب الذي قرأته اليوم؟ كيف استطعت حل مشكلة الحساب الصعبة؟ أي تسأل أسئلة عامة، حدد أسئلتك، ولكن هناك بعض الأسئلة لا يجب طرحها أبداً، مثل: مَن حصل على أعلى درجة؟ ماذا حصل صديقك من علامات؟ هذه الأسئلة وغيرها قد تشعر الطفل بالنقص والضعف.
4 - استرخاء وراحة: إذا لم يشعر الطفل بالحرج من موضوع ما أو الخوف من توبيخك أو صراخك عليه يكون أكثر استرخاءً وراحة، والسبب في ذلك أن الكثير من الآباء تكون لديهم أحاديث ودية مع طفلهم عندما يكون وحده في السيارة أو في البيت ليلاً، وتقول إحدى الأمهات: "أفضل كلامي مع طفلي أثناء إعداد الطعام". وإذا كان ابنك كثير التحدث فأنت من الآباء القلائل المحظوظين؛ فحاول كثيراً أن تمتدحه بعبارات تشجيع، فأنت في أحيان كثيرة ستحتاج إلى هذه التفاصيل.
5 - نغمة صوتك: نغمة الصوت التي تطرح السؤال لها تأثير كبير في دفع ابنك للإجابة عن أسئلتك أو تجنّبها، فمثلاً قد يأتي سؤالك: هل صرخ المدرس في وجهك اليوم؟ بنغمة عالية دالة على الاتهام في الوقت الذي ترى أنه مجرد سؤال المستقبل.
6 - التدريب المستمر: تدرب على الاستماع الجيّد، وتحدّث بأسلوب متفهم حتى سؤالك له: (وماذا حدث؟)، قد يحمل بعض القلق وبدلاً منه اسأله: (احكِ لي عن ذلك)، وإذا قابلك أيضاً بصمت يمكن طرح سؤال بريء ومحايد مثل: يا ترى ما شعور الأطفال عندما يكون مدرسهم كثير الصراخ؟
عبد العزيز الخضراء
كاتب وتربوي