خفايا اتفاق نتنياهو وبن غفير: صلاة يهودية بالأقصى

مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في الضفة الغربية وكلات-(وكالات)
مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في الضفة الغربية وكلات-(وكالات)
نادية سعد الدين 

لن يكتفي المتطرفون بتسلم ملفي الاستيطان والتهويد بالضفة الغربية في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بعدما سمح لهم اتفاقهم مع المُكلف بتشكيلها، "بنيامين نتنياهو"، بأن يشكلوا "جيشاً" خاصاً من عناصر المستوطنين المسلحين، إيذاناً لمرحلة أكثر تصعيداً وقتامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الاتفاق الذي تم بين "نتنياهو" واليميني المتشدد زعيم حزب "القوة اليهودية"، "ايتمار بن غفير"، أطلق يد الأخير ومناصريه المتطرفين لقمع الشعب الفلسطيني بالقوة المسلحة عبر "حرس وطني" واسع النطاق، يشكل "جيشاً" عسكرياً إسرائيلياً خاصاً يضم عُتاة المستوطنين وأكثرهم غلواً وتطرفاً، ما يحول المستوطنات الجاثمة فوق أراضي الضفة الغربية إلى ثكنات عسكرية تُطوقها وتحكم السيطرة عليها. وفور تكليفه بمنصبه الحامل لمهام غير مسبوقة؛ تعهد "بن غفير"، بالعمل على تغيير الوضع القائم حاليًا بشأن صلاة المستوطنين في المسجد الأقصى المبارك لجهة السماح بأداء طقوسهم بحرية داخل باحاته، وشرعنة البؤر الاستيطانية، وتغيير تعليمات فتح إطلاق النار بشأن الفلسطينيين. وتفوق مهام حقيبة ما يسمى "الأمن القومي" المُستحدثة خصيصاً لكي يتسلمها "بن غفير"، نطاق حقيبة الأمن الداخلي، الحالية، لتشمل صلاحيات أوسع بكثير، تتضمن إنشاء "حرس وطني" وتوسيع حشد قوات الاحتياط في شرطة حرس الحدود، والسيطرة على قسم حرس الحدود في الضفة الغربية، وذلك لأول مرة منذ سنوات عديدة. ويعني مضمون الاتفاق بأن تكون لـ"بن غفير" صلاحيات "السيطرة على قوات ما يسمى "حرس الحدود" التابعة لشرطة الاحتلال والمشاركة في فض المواجهات (مع الفلسطينيين) بالضفة الغربية وتولي مسؤولية البؤر الاستيطانية"، وفق موقع "تايمز أوف إسرائيل"، الإسرائيلي. وقد حقق المتطرف "بن غفير"، من وراء اتفاقه مع "نتنياهو"، كل ما يسعى إليه، إذ سيعمل على تغيير الوقائع في الضفة الغربية، مثل الترخيص لبناء مستوطنات جديدة ومنح الترخيص للمستوطنات القائمة، وترحيل جزء من الفلسطينيين، وتطبيق عقوبة الإعدام على من يسميهم "المخربين" المقاومين الفلسطينيين، وستكون كل الوسائل متاحة أمامه في ما يسمى "وزارة الأمن القومي". ولطالما تسبب "بن غفير"، الذي يعيش وأسرته في مستوطنة "كريات أربع" جنوبي الضفة الغربية، في توتير الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، لاسيما بمدينة القدس المحتلة، من خلال مشاركته في اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى. وأمام مواقف المتطرفين، من أمثال "بن غفير"، بشأن رفض إنهاء الاستيطان أو إخلاء البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، مقابل تبني سياسة أشد عنفاً ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التساهل أكثر في إطلاق النار عليهم، تحت حجة الاشتباه بهم، فضلاً عن مناصرة مسعى "ضم الضفة" للكيان الإسرائيلي، فإن ذلك يُنذر بمرحلة أكثر تصعيداً وانتهاكاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبموجب الاتفاقات المتبلورة بين الأحزاب اليمينية المتشددة، والتي تًمهد لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن المشهد مُقبل على توليفة من المتطرفين الداعمين "للضم" والدعم الكامل لهجمات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وإقامة البؤر الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، وسط تراخي جيش الاحتلال وتوفيره الحماية الأمنية للمستوطنين. وتضمنت الاتفاقات بين أحزاب "الليكود" من جهة و"القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد، برئاسة "بتسلئيل سموتريتش"، ذلك الأمر، إذ إن قضايا المستوطنين في الضفة الغربية ستكون من مسؤولية وزارة المالية التي قد يكلف بها سموتريتش. فيما ستكون قضايا الفلسطينيين من مسؤولية وزارة الحرب الإسرائيلية التي سيكلف بها شخص من "الليكود"، بينما ستكون وزارة الأمن القومي برئاسة بن غفير، الذي أعلن مرارا إنه يريد الحرس الوطني من أجل فرض ما أسماه القانون الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وبالنسبة للمعارضين الإسرائيليين لسياسة "نتنياهو"، فإن "بن غفير" سيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الفعلي، وليس "نتنياهو"، بعد تسلمه حقيبة الأمن القومي، التي تشمل مهام الأمن، والجيش، والدبلوماسية، والقانون، والاقتصاد، بما يشكل خطورة بحسبهم على الأمن الداخلي، وفق ما نقله موقع "هيئة البث الإسرائيلية". وتشكل التطورات الحاصلة على صعيد مفاوضات تشكيلة حكومة الاحتلال القادمة مصدر قلق كبير بالنسبة للفلسطينيين، ودعوة بضرورة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية في مواجهة عدوان الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. واعتبرت القوى والفصائل الفلسطينية أن اتفاق "نتنياهو" و"بن غفير" ينذر بتبني الحكومة الإسرائيلية الجديدة سياسات أكثر عنصرية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه، بما يتطلب الاستعداد للمواجهة القادمة . فيما حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من محاولات الاحتلال تسريع وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي، وخاصة من خلال إقامة وحدات استيطانية عند مدخل بلدة جبل المكبر، جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة، وتوسيع مستوطنة "نوف صهيون" الإسرائيلية. وقالت الجبهة أن "الرد على تسارع وتيرة الاستيطان يتم بخطوات سياسية جادة، من بينها التوجه إلى المؤسسات الدولية لإدانة الاحتلال، بالإضافة إلى تعزيز وتصعيد المقاومة بكل أشكالها على الأرض في مواجهة مشاريع الاحتلال ومن بينها البناء الاستيطاني". من جانبها، دعت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إلى تحرك دولي جاد لحماية إرادة السلام الدولية القائمة على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وطالبت "الخارجية الفلسطينية"، بالضغط على "نتنياهو" لوقف التصعيد ولجم اعتداءات المستوطنين المسلحين ضد الفلسطينيين، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لضمان عدم تنفيذ اتفاقيات "نتنياهو- بن غفير" الخاصة بالقضية الفلسطينية. وأدانت استيلاء سلطات الاحتلال على 360 دونماً من أراضي الفلسطينيين في منطقة ظهر صبح في سلفيت، بالضفة الغربية، والاستيلاء على مساحات واسعة لأراضي الفلسطينيين في بيت لحم، وتغول الاحتلال والمستوطنين على البلدة القديمة في الخليل ومحاولة إلغاء الحياة الفلسطينية فيها. وأكدت أن هذه الانتهاكات ترتقي لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتندرج في إطار التصعيد الإسرائيلي في العدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان