خوسيه..

إذا ما صادفته في الشارع قد تعطف عليه بعشر ليرات، أو قد تشتري له وجبة شاروما.. وستتمتم بكلمات بينك وبين نفسك  الله يعين الناس.
هذا ما ستفعله في حال ما شاهدت رئيس الأوروغواي السابق خوسيه، أفقر رئيس بالعالم والذي تقاعد ولا يملك الا سيارة فوكس موديل 87، بينما عضو لا مركزية أو بلدية في بلدنا يركب مرسيدس موديل السنة لزوم الجخ.اضافة اعلان
هذا الرئيس بكل تأكيد قد تراكمت عليه فواتير الماء والكهرباء، وربما هاتفه الخلوي من الأنواع القديمة الذي لا يوجد به حتى بلوتوث، وإذا ما أرسلت له رسالة نصية تقول فيها (كيفك أخ خوسيه).. لا يصله الا (كيفك أخ) وجزء من النص مفقود، وأحدث خدمة في جهازه الخلوي هي المنبه!
أعتقد أنه إذا ما احتاجت الفوكس الى صنوبرص فإنه يبحث عن واحد مستعمل، ولا أستبعد إن أراد أن يبيع السيارة وعرضها للبيع على السوق المفتوح أن يبادله أحدهم ببكسة عنب أو طبق بيض بلدي، وبكل تأكيد الراديو الموجود في السيارة ما يزال يعترف بالاتحاد السوفييتي.
هذا الرئيس إذا ما اشتهى في يوم من الأيام وجبة ستيك، قد يمضي باقي الشهر على الطن والسردين.. ومن يشاهد ملابسه المتواضعة يتأكد أنه من رواد سوق الجمعة، أما منزله فهو متواضع لدرجة يخيل لك أنه كشك قهوة وليس منزل رئيس دولة.
هذا الرئيس، وعلى الرغم من أنه لا يجد الخبز، إلا أنه رفض أن يحصل على راتب تقاعدي عن فترة خدمته في مجلس الشيوخ.
بينما في بلدنا وزراء جلسوا على الكرسي بضعة أشهر، ولم يخدموا الوطن في تلك الفترة القصيرة إلا قيامهم بافتتاح  مهرجان الرمان.. ومع ذلك حصلوا على رواتب تقاعدية مدى الحياة.. لم يشعر أي منهم بتأنيب الضمير وهو يرى كيف تقفز مديونية الدولة يوميا وهو يحصل على راتب تقاعدي والخدمة الوحيدة التي قدمها للوطن أن أكل في يوم من الأيام  حبة رمان!
رؤساء وزارات رصيدهم البنكي أكبر من رصيد بنك الدم، ومع ذلك لم يفكر أي منهم بالتبرع بجزء من راتبه حتى للفقراء والمحتاجين، أو عمل مشروع لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل، أو التبرع لإحدى الجامعات ولو بكولر ماء!
لو أوقفوا نزيف العجز والمديونية لقلنا رواتبكم حلال زلال، فبعضهم كانت المديونية تزداد مقابل زيادة أوزانهم فقد تعاقدوا  مع مطعم ليورد له يوميا خروفا محشيا مع المقبلات، مع أن موازنة الدولة والوضع الاقتصادي الصعب كانت لا تسمح حتى بأن يأكل "زعتر وزيت" من أموالنا!
رئيس الأوروغواي رفض أن يحصل على راتب تقاعدي، وبعض المسؤولين لدينا لم يكتفوا بالحصول على الراتب التقاعدي بل حصلوا أيضا على معلولية جسيمة كما لو أنهم شاركوا بمعركة الكرامة، ونظفوا البلد من الفساد، وغلبوا ريال مدريد، ومسكوا مطيع في المطار، وهددوا اقتصاد الصين بتنميتهم لصادراتنا!
الدول التي لا يوجد بها عجز ولا مديونية يخرج الرئيس بها بسيارة موديل 87 ومنزل 50م، بينما الدول التي دولارات مديونيتها أكثر من سمك المحيط الأطلسي، خرج بها المسؤولون بقصور وشاليهات وسيارات وبعضهم اشترى غرف النوم والغسالة والمكواة من أموال الدولة.
لو استلم أي مسؤول أردني بدل خوسيه لن تجد عنده سيارة فوكس، بل ستجده امتلك مصنع الفوكس ومرسيدس وكيا وربما أصبح شريكا بوكالة ناسا الفضائية!