دائرة المكتبات تكرم الروائية ليلى الأطرش

عزيزة علي

عمان - ضمن برنامج "كتاب ومبدع وقارئ"، الذي أطلقته دائرة المكتبات العامة في أمانة عمان الكبرى، أقيم أول من أمس حفل تكريم للروائية ليلى الأطرش، بحضور نانسي أبو حيانة المدير التنفيذي لمديرية الثقافة، ثامر الشوبكي مدير دائرة المكتبات، وشيما التل مديرة الدائرة الثقافية.اضافة اعلان
الحفل الذي عرض فيه فيلم يتحدث عن منجزات الأطرش الإبداعية والإعلامية؛ يهدف الى الاحتفاء بالمبدعين والمبدعات، وتكريمهم وخلق مساحة للتواصل بينهم وبين جمهورهم.
ورأت د. عالية صالح أن رواية "لا تشبه ذاتها"، مشغولة بحرفية فنية عالية، وجميع عناصرها مخطط لها ومدروسة، وتطرح القضايا برؤية واضحة ومختارة بعناية واحتراف، تتسع لتخوض في أزمنة متعددة، فهذا الاتساع جذّر قضاياها، وكشف عن أصولها ووضح تشابكاتها وتعقداتها. بسرد سلس منساب، يتعرج أحيانا، وينقطع، ليتصل مرة أخرى، ويملأ الفجوة التي تركها.
تحدثت صالح عن القضايا الكثيرة التي تطرقت اليها الرواية منها: "المنفى الاختياري والإجباري، الغربة والاقتلاع، الحب، الموسيقا وآلاتها، الفنون وتذوقها، فن العمارة، جذور المسألة اليهودية في أفغانستان والعاملين على تحريكها، الصهيونية وتأثيرها على مناحي الحياة في كل بيئات الرواية، الأديان والمذاهب وتعالقاتها، اتفاقية وادي عربة، الارتباط بين القضية الفلسطينية والصراع الأفغاني، صناعة الحكاية الشخصية، السياسة ورأس المال والدين".
واعتبرت صالح أن البطل الحقيقي في هذا العمل هو "رأس المال"، الذي يعطي ويحرم ويعلي ويدني وينشر ويحصر الفكر والدين والناس، يحب ذاته ويحب الحركة يكره الاستقرار والانتماء، لا يهمه من ملكه ومن تركه، لا يملك عواطف، يبرق ويحرق، يحب المراوغة ليتكاثر كالفطريات، كما أنه المساعد على التحكم والسيطرة على الأشياء والأشخاص، والمساعد على تحديد الأولويات والأهداف في الحاضر والمستقبل.
وتابعت صالح حديثها، قائلة "سؤال نطرحه في حاضرنا دائما هو ما الذي لا يمكننا شراؤه بالمال؟"، مبينة أن كل القيم المعنوية والرتب الاجتماعية والدرجات الأكاديمية والمتع الشخصية، الذهنية والحسية والهويات، باتت خاضعة لقوانين العرض والطلب، ومعروضة للبيع ومطلوبة للشراء مثل المنتجات المادية والسلع الصناعية والخدمات الضرورية.
تعود صالح الى مكونات الرواية فتتحدث عن العائلات التي شكلت نسيجها، أما الشخصيات، فكما رأتها صالح، هي: حبيبة العين الغلزاني، ومنذر الشرفا، وابنتهما منار. الوالد الأب أرسلان الغلزاني، الشريفة هانية الأم، فردوس، وعالِم ومهاب، سارة وعزا وأبراهام، عائلة أفغانية، وعائلة يهودية وابن وأم فلسطينية.
أما اللغة، فقد رأت صالح أنها تميزت بشاعرية عالية تمثلت في اللغة الاستعارية التي بدأت بها الأطرش عندما تقول: "تعرف المدن عاشقها.. تشرّبت مدينتك على مهل، غيرتني، توقّع المدن على أرواح ساكنيها، ينابيع تشكل من يرتوي منها ويعيش فيها، غيّرتني.. لم أعد أشبهني.. اشتدّ عودي فيها، نجحت، وحتى خذلني الحب ثم جسدي، فتساوى الحب والكره في تناقض المشاعر، لم أعد أدري في أي الاتجاهات أسابق الحياة، وهباء وهج للعشق كان".
أما مدينة عمان فقدمتها الأطرش، بحسب صالح، بلغة بلاغية ضاجة بالاستعارات الشعرية، هذه اللغة أعلت من تأثير الرواية وثرائها وجعلتها نصاً ذا جمال شائك، ومكنون احتمالي.
وتابعت صالح "اللغة الروائية مشحونة من الداخل ومكتنزة بعناصرها الصوتية والدلالية والتركيبية، ولغة تتحدى النظرة التقليدية القائلة إن للشعر لغته وللنثر لغته"، مثبتة أن للنثر القدرة على امتلاك كل اللغات، فهو شكل يحتوي على جميع الأشكال، وفن يستوعب الكثير من متعلقات الفنون الأخرى ولا يقف عند حد في ثورته التوسعية الطامحة والمتجددة دوماً.
وخلصت صالح الى أن الرواية تقدم رسائل اجتماعية وسياسية وأخلاقية تشتبك مع هموم المرحلة التي أصبح فيها الإنسان سلعة في أيدي القوى الاقتصادية، وحتى يستطيع الإنسان أن يعيش عيشا كريما يجب أن يتوفر له حرية المعتقد وحرية الاختلاف، وتقبل الآخر، وشيوع المحبة والتسامح.
بعد ذلك، تقدمت الأطرش بالشكر الى دائرة المكتبات في أمانة عمان الكبرى، على هذه الفرصة بلقاء قرائها، وعلى حفاوة التكريم، مؤكدة ضرورة الاحتفاء بالمبدعين وهم في أوج عطائهم حتى يكون ذلك بمثابة الحافز والدافع للعمل ولمزيد من التميز.
ثم قدمت أبو حيانة درعا تكريمية للأطرش تعبيرا عن تقدير القطاع الثقافي في أمانة عمان لإبداع الأطرش ومسيرتها العملية والمهنية الحافلة بالعطاء والإنجاز والتميز.
يذكر أن أعمال الكاتبة الأطرش ترجمت للعديد من اللغات، كما يتم تدريسها في بعض الجامعات الأردنية والعربية والفرنسية والأميركية.