"داعش" تطرق أبواب الأردن

في خطوة لافتة استأثرت بالاهتمام الإعلامي والشعبي، نظمت مجموعات من التيار السلفي الجهادي في معان مسيرة بعد صلاة الجمعة تأييداً ونصرة لتنظيم "داعش" إثر ما حققه من "انتصارات" في العراق.اضافة اعلان
اختلفت الروايات حول عدد المشاركين بها، فهناك من أشار إلى أنهم لم يتجاوزوا 200 شخص، وآخرون تحدثوا عن خلافات بين التيارات السلفية حول الضرر الذي يمكن أن يلحقه تنظيم المسيرة بأهالي معان، وفي هذا أكد القيادي بالتيار السلفي محمد الشلبي الملقب بأبو سياف "لعمان نت" رفض التيار السلفي الجهادي في معان الخروج بهذه المسيرة.
وأوضح أبو سياف أن العقلاء من أهالي معان رفضوا هذه المسيرة حتى أن شباب المساجد أعلنوا براءتهم منها.
السلفية الجهادية ليست حالة طارئة على الأردن، بل كانت وماتزال قياداتها الأردنية تتصدر المشهد منذ زعامة عبدالله عزام مؤسس تنظيم القاعدة والمعلم الأول لأسامة بن لادن، مروراً بالحالة التي جسدها أبو مصعب الزرقاوي، وليس انتهاء بالمقدسي وأبو قتادة اللذين يعتبران منظرين يتبعهما الآلاف من "الجهاديين" ليس بالأردن فحسب وإنما في العالم.
ومع إدراكنا أن "السلفية الجهادية" مستوطنة في بؤر بالداخل الأردني، إلا أن هذه المسيرة رغم محدوديتها تثير القلق والفزع، بعد أن أصبح لتنظيم "داعش" أرض يقيم كيانه عليها، ويملك المال والسلاح، ويفرض وجوده على أرض الواقع، ويقيم تحالفات مع تنظيمات أخرى، ويجد حماية وملاذاً من الناس باعتباره يمثل المكون "السني" في العراق، ويدافع عنه وعن الاضطهاد والإقصاء اللذين تعرض لهما خلال السنوات الماضية منذ سقوط صدام حسين عام 2003.
إذن السلفية الجهادية، و"داعش" مكون منها، لم تعد خلايا وبؤراً تختفي وتظهر في مدن أردنية، بل حالة تتمدد على حدودنا مع العراق وسورية، ويفرض وجودها أسئلة على الأردنيين.
اليوم يسأل عامة الناس كيف ستتعامل الدولة الأردنية في حال اقترب خطر هذه التيارات المتطرفة إلى الأردن؟!
وبعد مسيرة معان يسأل آخرون.. هل يعقل أن يسكت النظام عن تحرك هذه التنظيمات دون اتخاذ إجراءات وقائية مسبقة؟!
كثيرون ممن أتحدث معهم لا يريدون أن يسمعوا كلاماً عن حقوق الإنسان، وحماية حق المعتقد مادام سلمياً، ومبادئ سيادة القانون، وعدم جواز محاسبة الناس على أفكارهم ونياتهم قبل أن تقوم بعمل يخالف القانون، كل هؤلاء يشغلهم هاجس الأمن وضرورة ألا نسمح لهذه الأفكار المتطرفة بما تحمله من خطر أن تطرق بابنا، وكل شيء في سبيل تحقيق هذه الغاية والهدف يهون.
سواء كانت "داعش" هي من تسيطر على المدن العراقية وتقف على أبواب بغداد، أو كان تحالف العشائر "السنية" والبعثيين السابقين هما من يقف خلف ذلك، فإن الواقع العراقي الجديد والدمار في سورية، وهما حالتان ستمتدان لأجل غير قصير، تفرضان علينا أن نضع خطة استراتيجية لإدارة الأزمة والتعامل معها.
مطلوب أردنياً الآن مبادرة تحشد الجميع، حكومة، برلماناً، أحزاباً، إعلاماً، مؤسسات مجتمع مدني لبلورة استراتيجية تتضمن سيناريوهات التعامل مع القادم. سيناريوهات سياسية وأمنية واقتصادية وإعلامية تضع بالتفصيل تصوراً للأدوار وآليات التعامل، وتنعكس شراكة بين كل مكونات المجتمع.
إنها خطة طوارئ مجتمعية يضعها الأردنيون لحماية بلدهم من العواصف التي تحيق به، وأهم ركائزها التوافق والمكاشفة والشراكة، فهي ليست تصوراً حكومياً أو أمنياً يفرض على الجميع دون أن يدركوا أبعاده.
التحرك لخطة لإدارة الأزمة لا تعني أبداً أننا دولة "كرتونية" تهزها مسيرة لمؤيدي "داعش"، بل يعني أننا مصممون على أن يكون الأردن نموذجاً مختلفاً حتى في مواجهة التحديات.