دراسة: ملاحقة قضايا الاتجار بالبشر منخفضة لغموض التشريعات

عاملات منازل لجأن إلى سفارة بلادهن سابقا لحين تسفيرهن على خلفية شكاوى من سوء معاملة -(تصوير: ساهر قدارة)
عاملات منازل لجأن إلى سفارة بلادهن سابقا لحين تسفيرهن على خلفية شكاوى من سوء معاملة -(تصوير: ساهر قدارة)

رانيا الصرايرة

عمان- أكدت دراسة متخصصة أن البيانات المتوفرة حول جرائم الاتجار بالبشر في الأردن تؤكد أن نسبة ملاحقة قضاياها "تعتبر منخفضة"، جراء عدم وضوح التشريعات ذات العلاقة بهذه الجريمة، وخاصة قانون منع الاتجار بالبشر وتعريف جريمته، الأمر الذي "يعيق وصول الضحايا للعدالة ويتسبب في إفلات الجناة من العقاب".اضافة اعلان
وبينت الدراسة، التي أعدها الخبير في قضايا العمل أمين عام وزارة العمل سابقا حمادة أبو نجمة وحملت عنوان "واقع الاتجار بالبشر في الأردن"، أن "الفترة 2009 -2016 شهدت تسجيل (213) حالة اتجار بالبشر، كان أعلاها عام 2014 بمعدل (58) حالة، وأدناها عام 2012 بمعدل (8) حالات فقط، وسجلت نسبة الذكور من الجناة النسبة الأعلى خلال هذه الفترة بحوالي (79.2 %) من أصل (427) جانيا".
وأضافت: "بلغ عدد الضحايا (612) مثلت نسبة الإناث الأعلى بينهم بـ(58.5 %)، وحازت الحالات التي تتعلق بالعمل الجبري لعمالة المنازل على أعلى معدل بـ(123) حالة، تلتها جريمة نزع الأعضاء (الكلى) بـ(35) حالة، و(29) حالة للعمل الجبري لغير عمال المنازل، و(20) حالة استغلال جنسي، و(4) حالات تهريب وحالتان للأطفال".
وتابعت الدراسة: "سجل عدد الضحايا في قضايا العمل الجبري للعمالة المنزلية خلال هذه الفترة النسبة الأعلى بمعدل (234) ضحية و(38) حالة للذكور، تلاها ضحايا الاستغلال الجنسي بـ(60) ضحية للإناث مقابل حالتين للذكور".
وقالت: "يشكل الجناة ممن تتراوح أعمارهم بين 31-40 عاما (39.9 %) من إجمالي الجناة، ومن تتجاوز أعمارهم 41 عاما (33.4 %)، أما الضحايا فشكلت الفئة العمرية 18-30 عاما الشريحة الأكبر بنسبة (51.9 %)، تلاها الضحايا للفئة العمرية 31-40 عاما بنسبة (36.9 %)، ويشكل الأردنيون حوالي (78.1 %) من اجمالي الجناة، يليهم جناة من الجنسية البنغالية بنسبة (5.9 %)، والجنسية السورية (4.9 %)".
وبينت الدراسة أنه "ومن خلال تحليل مواضيع القضايا التي تمت إحالتها من قبل وحدة مكافحة الاتجار بالبشر إلى المحاكم المختصة، تبين أن الوسائل والأفعال المستخدمة في حالات الاستغلال التي تعرضت لها العاملات في العمل الجبري وفي بعض الأحيان الاستغلال الجنسي التجاري، تأخذ أشكالا محددة، من أهمها الاحتجاز في مكان العمل، وحجز الأوراق الثبوتية من قبل صاحب العمل، ليصل الأمر في كثير من الحالات إلى إجبارها على العمل لساعات طويلة تصل أحيانا الى 16 ساعة في اليوم الواحد".
ومن الانتهاكات أيضا، وفق الدراسة: "عدم دفع ألاجور في الوقت القانوني وحجز الأجور لدى صاحب العمل لغايات إرغام عاملة المنزل على الاستمرار في العمل لأعوام طويلة، إضافة إلى تعرض بعضهن للإيذاء اللفظي والجسدي، وفي حالات أخرى النوم في مكان غير لائق، وفي بعض الحالات كانت العاملة لا يسمح لها بتناول أكثر من وجبة طعام واحدة في اليوم، كل ذلك في ظل عدم قدرة العاملة على اللجوء الى السلطات المختصة وتقديم شكوى".
ولفتت الى "تسجيل العديد من القضايا على أصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل، تمثلت في احتجاز العاملات في سكن خاص، والضرب والإيذاء والربط بسلاسل أحيانا لغايات إرغام العاملة على العمل، وفي بعض الحالات قامت بعض المكاتب بحجز الأوراق الثبوتية للعاملة لإرغامها على العمل في أكثر من منزل أو لدى صاحب العمل الذي تم نقلها للعمل لديه دون موافقتها، بحيث تتواصل بعد ذلك عملية استغلالها وإرغامها على العمل بالمياومة أو بدون أجور".
وقالت الدراسة إنه "قد تكون العاملة ضحية جريمة عبر وطنية تبدأ من بلدها من خلال عدم اطلاعها على عقد العمل وعدم اطلاعها على حقوقها وواجباتها في العمل، حيث وصلت إلى الأردن أعداد من العاملات لم يكن يعلمن أنهن سيعملن بمهنة عاملة منزل بل بمهن أخرى، لتبدأ عملية إكراههن على العمل من خلال حجز أوراقهن الثبوتية ومنعهن من التواصل مع الغير".
ولفتت الى "تسجيل عدد من القضايا قامت فيها مجموعة من الشباب باستدراج العاملات المتغيبات عن أماكن عملهن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، واستغلالهن جنسيا وإجبارهن على العمل في الدعارة".
وطالبت "بإنشاء قاعدة بيانات دقيقة وموحدة خاصة بعاملات المنازل، ووضع إطار وطني واضح يحدد صلاحيات ومسؤوليات كل من الجهات الرسمية وغير الرسمية المعنية بشكل خاص بإجراءات الوقاية والحماية من انتهاكات حقوق العاملات، واتخاذ إجراءات فعالة لضبط ومعاقبة الوسطاء غير القانونيين الذين يعملون على استغلال العاملات وتشغيلهن بصورة غير قانونية".
وفيما يخص العاملين في قطاعات أخرى، بينت الدراسة أن "معظم القضايا التي تمت متابعتها كانت في قطاع الزراعة، وبشكل خاص حالات احتجاز العمال في المزارع وحجز أوراقهم الثبوتية من قبل صاحب العمل، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة تجاوزت 14 ساعة في بعض الأحيان، إضافة إلى التهديد بإبلاغ السلطات عنهم وترحيلهم باعتبارهم مخالفين لشروط العمل".
وأضافت: "في عدد من القضايا قام أصحاب عمل بتوقيع العمال على سندات دين وكمبيالات مفتوحة لغايات إرغامهم على العمل لديهم".
وتابعت: "أما في المناطق الصناعية المؤهلة، فتم تسجيل عدد من القضايا تمثلت بعدم مراعاة شروط السلامة والصحة المهنية في أماكن عمل العمال وكذلك في أماكن سكنهم، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة واحتجازهم في أماكن العمل، إضافة إلى احتجاز أوراقهم الثبوتية وعدم تجديد تصاريح عملهم وأذونات الإقامة، وحرمانهم من التواصل مع الأهل، وعدم توفر وجبات طعام كافية، إضافة إلى التهديد بإبلاغ السلطات عنهم وترحيلهم عند انتهاء تصاريح عملهم، واستغلال خوفهم من الترحيل بالاستيلاء على أجورهم أو أجزاء منها".
وفي المقابل أكدت الدراسة "وجود تحسن في مدى التزام مصانع المحيكات بحقوق العاملين، وقلت كثيرا أعداد الانتهاكات المرتكبة مقارنة مع السنوات الأولى لبدء العمل في المناطق الصناعية المؤهلة".