دراسة: 3752 حالة زواج لفتيات قاصرات في 2015

سماح بيبرس

عمان– كشفت دراسة حديثة أن مجموع عدد الإناث القاصرات (دون سن الـ18 سنة) المتزوجات بلغ حتى العام 2015 حوالي 414.3 الف حالة، منهن 253.1 ألف أردنية، و113.3 ألف سورية، و47.8 ألف فتاة من جنسيات أخرى.اضافة اعلان
وبينت الدراسة، التي أطلقت بعنوان “زواج القاصرات في الأردن”، أن العام 2015 شهد 8646 حالة زواج لفتاة قاصر (دون الـ18 عاما) في المملكة، منهن 3752 أردنية و4082 سورية و812 من جنسيات أخرى.
ووفقا للدراسة، فإنّ هذه الأرقام تعني أنّه من بين كل 10 متزوجات في المملكة هناك فتاتان تزوجتا دون سن الـ18 العام 2015، وأن من بين كل 10 أردنيات متزوجات هناك فتاة واحدة متزوجة دون سن الـ18 عاما في حين أن هناك 4 فتيات من بين كل 10 فتيات سوريات تزوجن دون سن الـ18 ويعشن في الأردن.
كما أكدت الدراسة، التي أعدت من قبل المجلس الأعلى للسكان، أن هناك اتجاها صاعدا لزواج القاصرات على المستوى الوطني مدفوعا بقوة أعداد الزيجات السوريات، بالإضافة إلى بداية اتجاه صاعد لأعداد الأردنيات المتزوجات دون سن الـ18 منذ العام 2013؛ حيث كان بين عامي 2010 و2013 التزايد مستقرا، لتبدأ نسب الزيادة بالارتفاع بعد العام 2013.
وقالت الدراسة إنّ نسبة زواج القاصرات السوريات اتجهت من 33.1 % العام 2010 إلى 36.2% العام 2013 وإلى 43.8 % العام 2015.
كما ارتفع عدد حالات زواج القاصرات السوريات في الأردن من 3626 حالة العام 2010 إلى 4082 حالة العام 2015، فيما بلغت عند الأردنيات 3752 العام 2010 لترتفع الى 4289 العام 2015.
وبينت الدراسة ارتفاع نسبة المتزوجات دون سن 18 عاماً، من مجمل المتزوجات على المستوي الوطني من 13.7 % العام 2010 إلى 18.1 %، مدفوعة بازدياد عدد السوريات المتزوجات دون سن 18 عاماً، اللواتي شكلن العام 2015، ما يعادل نصف الزيجات السوريات في الأردن، مدفوعة ايضاً، بازدياد أعداد المتزوجات الأردنيات دون سن 18 عاماً خلال الفترة 2013-2015، اذ ارتفعت من 10.2 % العام 2013 الى 11.6 % العام 2015، وذلك بعد استقرار في الاتجاه والنسبة على اقل من 10 % خلال الفترة 2010-2012.
وقالت الدراسة، إن المتزوجات دون سن 18 عاماً، هن الأقل تعليماً، والأضعف في المشاركة الاقتصادية، وأغلبهن لا يحصلن على التأمين الصحي المناسب، وأزواجهن على الأغلب، غير مستقرين وظيفياً.
وكشفت الدراسة، التي تم عرضها أمس خلال حفل إطلاقها من خلال الباحث غالب العزة أنّ عقود الزواج كانت أقل من حالات الزواج، وهذا يدلل على عدم وجود إقبال لتسجيل زواج القاصرات ما يعطي مؤشرا لوجود مشاكل مستقبلية في إثبات النسب والجنسية والهوية.
وقالت الدراسة إن هناك 23 قضاء يزيد فيها عدد زواج القاصرات خلال الفترة 2010 إلى 2015 عن 500 حالة وهي إربد، ماركا، القويسمة، عمان، الزرقاء، الرصيفة، الرمثا، والبادية الشمالية، الجامعةن سحاب، بني عبيد، وعين الباشا، ووادي السير، وجرش، والمفرق، والكورة، والأزرق، والضليل، والاغوار الشمالية، ومادبا، والعقبة، وبني كنانة، والهاشمية؛ حيث تقترح الدراسة اعطاء أولوية أن تكون هذه الاقضية (المناطق) محور التركيز في الجهود الرامية إلى التوعية من مخاطر زواج القاصرات في الأردن.
وعزت الدراسة أسباب زواج القاصرات إلى الفقر، ورغبة الأهل في التخلص من مسؤولية الفتاة المادية، والرسوب المتكرر والفشل الدراسي، والتنشئة الاجتماعية، والتخلص مما يسمى مسؤولية “حماية شرف الفتاة”، لدى اللاجئين السوريين بالتحديد، وخاصة الذين جاء اغلبهم من مناطق ريفية وبدوية، لها خصائصها الاجتماعية، والعادات والتقاليد لدى السوريين.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات الوقائية والعلاجية على المدى القصير والمتوسط والطويل، وكان من أهمها على المدى القصير معالجة قضايا تسرب الطالبات من التعليم ورفع إلزامية التعليم حتى الثانوية العامة، وتعزيز دور الأسرة والمجتمع في ذلك. وإعداد وتنفيذ خطة توعوية شاملة لكافة شرائح المجتمع حول زواج القاصرات، وآثارها السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع بهدف العمل على تغيير الاتجاهات.
كما أوصت بضرورة إعداد برنامج توعوي متخصص للقضاة الشرعيين والوعاظ حول آثار زواج القاصرات على الفرد والمجتمع. وتطوير البرامج والخدمات الوقائية والعلاجية الخاصة بالمتزوجات القاصرات (الاستفادة من خدمات الصحة الإنجابية، بما فيها خدمات تنظيم الأسرة).
كما أوصت بضرورة دعم مبادرات التأييد المجتمعي التي تستهدف الذكور داخل المجتمع، بهدف تغيير الاتجاهات حول الزواج دون سن 18 سنة لكلا الجنسين وآثاره السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع.
وعلى المدى المتوسط، أوصت الدراسة بضرورة ضمان حق التعليم بالنسبة لجميع القاصرات المتزوجات، والحوامل عن طريق استراتيجيات التعليم غير النظامي، أو صفوف محو الأمية، أو أي خيارات وإجراءات يتم استحداثها. ومكافحة كل أشكال العنف الذي يُمارس ضد الفتيات والنساء -ولاسيما العنف الجنسي، والاعتداء الجنسي- من خلال السياسات، والبرامج التي تركز على الوقاية، والعلاج، والإرشاد، والحماية القانونية.
وعلى المدى البعيد دعت الاستراتيجية إلى إعداد استراتيجية وطنية لمعالجة مشكلة زواج القاصرات، واجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية رقم 36 لعام 2010 بما يلغي الاستثناءات، أي حذف المادة (ب) والتي تجيز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل 15 سنة شمسية من عمره، كما دعت إلى تحسين نظم البيانات والرصد، وذلك من أجل المساعدة على تقييم التقدم في الحد من ظاهرة زواج القاصرات.
وزير التخطيط والتعاون الدولي، المهندس عماد الفاخوري، قال إنّ الأردن من الدول السباقة في رسم سياسة سكانية واضحة المعالم، مبنية على أسس علمية والتصانيف المعتمدة دولياً، إضافة إلى عملية التنسيق بين النشاطات السكانية في المملكة، إدراكاً منه لأهمية هذه القضايا وارتباطها الوثيق بقضايا التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن الحكومة أولت جل اهتمامها بالقضايا المتعلقة بالمرأة الاردنية، وعليه أصبحت شريكة أساسية في كافة القضايا التنموية. ولقد أخذت الحكومة على عاتقها تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات من خلال توطين أهداف وغايات التنمية المستدامة وإدماجها بالبرامج التنموية التنفيذية آخذة بعين الاعتبار كافة التحديات والمعيقات التي تحد من حصول الفتاة والمرأة الاردنية على دورها الحقيقي في التنمية والتقدم الى الامام.
وقال إن السعي نحو تحقيق الذات للفتيات يتحقق من خلال وجود رغبة وإرادة في النجاح، ومرتبطا بما توفره الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني من الخدمات الصحية والتعليمية وفرص العمل والتشجيع على ممارسة الفتيات لدورهن في البناء والتنمية، إلا ان زواج القاصرات يحد من قدرات تلك الفتيات ويؤدي بهن الى الحرمان حتى من أبسط حقوقهن، وليس سهلا أن تنتقل الفتاة من مرحلة الطفولة الى مرحلة إنشاء اسرة يفترض فيها تحمل المسؤوليات والأعباء وتربية جيل قادر على التعلم واكتساب الخبرات، مما ينعكس سلباً على الأبناء والمجتمع في المستقبل.
وأضاف أن زواج الفتيات دون 18 عاما ما هو إلا إعادة انتاج الفقر والجهل والمرض لهن ولأولادهن، فيترك الزواج المبكر الفتيات في آخر ركب التنمية، فلا تعليم ولا فرص عمل، ناهيك عن الآثار الصحية والنفسية السلبية التي يتركها الزواج على القاصرات، وما يتبعه من حمل وولادة ومسؤوليات اجتماعية ونفسية. ولزواج القاصرات آثار اقتصادية جسيمة على سلامة ورصانة الأسر وانعكاس ذلك على تربية وتعليم ورعاية الأطفال وتهيئتهم بشكل سيئ وقد يؤدي الى اهمالهم وتشردهم وانحرافهم وخلق بيئة مولدة للعنف.
وقال إن أسباب زواج القاصرات عديدة منها ما هو مرتبط بالعادات الاجتماعية، ومنها ما هو مرتبط بالأعباء المادية لأسرة الفتاة وخصوصاً في مجتمع اللاجئين السوريين، ان إرتفاع النسب لظاهرة زواج القاصرات الأردنيات وغير الأردنيات يدفعنا جميعاً لتحمل مسؤولياتنا لمكافحة هذه الظاهرة وآثارها السلبية، ويحتم علينا خلق بيئة داعمة للتغيير المجتمعي من خلال التوعية لكافة شرائح المجتمع ورفع درجة الوعي بشأن الآثار السلبية الناتجة عن هذا الزواج، ومحاولة ضمان الحقوق الأساسية للقاصر المتزوجة في التعليم من خلال التعليم غير النظامي، وكذلك دعم برامج الصحة الإنجابية وتطويرها.
وأكد على أهمية تضافر جهود الأطراف ذات العلاقة من حكومة وقطاع خاص ومنظمات المجتمع المدني للوقوف على أسبابها، وإيجاد الحلول المناسبة وفق  خطة عمل تنفيذية وبإطار زمني، وتحديد الجهات المعنية ومسؤولياتها تجاه هذه الظاهرة مقرونة ببرامج  لرفع مستوى وعي المواطنين، والتحذير من أخطار المشكلة ، والحد منها وتبني برامج تربوية وصحية من خلال التنسيق بين جميع الشركاء.
وأكد الفاخوري على الدور الذي تلعبه المرأة في بناء الأسرة المتعلمة والمنتمية، والمؤمنة بالوسطية والاعتدال في شتى النواحي يدفعنا للخروج بجملة من التوصيات تحدد ما هو مطلوب منا القيام به من إجراءات مستقبلية، إضافة إلى العمل على تقاسم الأدوار لمعالجة هذه الظاهرة، في الوقت الذي تتحمل فيه الحكومة ضغوطات أعباء اللجوء السوري، الذي عجزت عنه الكثير من الدول المتقدمة، سيما وأننا نعاني من أزمة اقتصادية ومالية بسبب ظروف المنطقة المحيطة بنا.
الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، المهندسة ميسون الزعبي، أكدت أنّ المجلس ينظر الى زواج القاصرات على أنه انتهاك للعديد من الحقوق الإنسانية للفتيات، وان اهدار تلك الحقوق، يؤثر سلبياً على نوعية الحياة للفتاة وسلامتها، خاصة ما اتصل بالصحة الانجابية والرفاه الاجتماعي، والمستوى المعيشي اللائق، كما يؤثر على قدرة الاسرة في رعاية الاطفال، كما يهدد الخصائص السكانية للجمتع، والجهود الرامية الى الانتفاع من مرحلة التحول الديموغرافي التي يمر بها الاردن، واستدامة التنمية.
وأشارت الى أن موضوع الحد من زواج القاصرات، احتل مؤخراً حيزاً كبيراً في المناقشات المحلية، وخاصة عبر وسائل الإعلام والتوصل الاجتماعي، بعد التعليمات، والاشتراطات، التي اصدرتها دائرة قاضي القضاة، الخاصة بأخذ الاذن لزواج الفتيات ضمن الفئة العمرية (15-18) عاماً، مشيرة الى أنّ هذا النقاش أعاد تسليط الضوء، على ظاهرة سلبية، بدأت أرقامها المتنامية، تؤشر “لحالة من القلق على الاجيال القادمة”، لأن الأمر لا يقتصر على الفتاة وزوجها، بل على الأسر والمجتمع، والأجيال القادمة، الناتجة عن هذا الارتباط الاسري، لاطفال لا يعرفون معنى الزواج والحياة الأسرية، الا ضمن حدود ضيقة.
وأوضحت الزعبي أن “زوج القاصرات” أخذ حيزاً مناسباً في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، حيث أنّه يحرم  الاناث بالتحديد، من حقوق نصت عليها مواثيق واتفاقيات، ابرزها اتفاقية حقوق الطفل، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1996، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واهداف التنمية العالمية المستدامة، وتحديداً الغاية الثالثة من الهدف الخامس، التي تتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين كل النساء والفتيات.