درعا وحدود الدور الأردني

الأسبوع الفائت، طمأننا وزير الإعلام د. محمد المومني، أن حدودنا آمنة، وأن نظام الحماية المستخدم لن يسمح حتى لفراشة أن تعبر الحدود.
كلام المومني حمل كثيرا من الرمزية في التدليل على قوة النظام المطبق، مبينا أنه لا يوجد له مثيل في معظم دول العالم، وأن من يقترب من الحدود سيلقى حتفه، بحسب المومني.اضافة اعلان
مؤكد أن الجهات الرسمية تتابع تطورات الأزمة السورية، وهي كثيرة وحافلة في هذه الفترة، وهذا طبيعي بصراحة لأن السنوات السبع الماضية من عمر الأزمة، شكلت خطرا دائما ومباشرا على الحد الشمالي للمملكة.
الحدود الشمالية التي تربط المملكة بسورية هي الأطول، ومن حق الأردن التركيز على حماية حدوده، تحديدا في هذه الفترة الحرجة، وعليه، أيضا، أن يسعى للحفاظ على استمرار الهدوء في منطقة خفض التصعيد في الجنوب الغربي لسورية إن استطاع إلى ذلك سبيلا في ظل تسارع الأحداث وتعقدها.
الأردن، عمليا، يتواصل مع جميع أطراف الأزمة؛ فهناك غرف عمليات مشتركة مع الروس والأميركان، وبالتالي ثمة تواصل غير مباشر مع جميع الأطراف الأخرى، وكل هذا لأجل حماية مصالح الأردن في الفترة المقبلة من الأزمة السورية التي يتضاعف الحديث عن كونها ستشهد معركة درعا لتكون، ربما، المواجهة الأكبر والحاسمة بين جميع الأطراف.
على وقع هذه الأنباء، يأتي كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأن قوات بلاده لن تبقى في سورية، وأن على القوات الأميركية الانسحاب. هذ الكلام، وبشكل مباشر، معني به الأردن، لأن القاعدة الأميركية الموجودة في التنف والتي ترشح معلومات تؤكد أن قواتها المقدرة بألفي عسكري بدأت بتحريك جزء منها إلى مناطق أخرى قريبة من حقول النفط، هي عمليا بدأت تسير على ترتيب الأوضاع في منطقة الـ55 التي تقع على الحدود الأردنية.
علينا ألا ننسى أن جميع الأطراف تبحث عن مصالحها، وهو ما على الأردن أن يفعله من أجل حماية مصالحه العليا وأمنه واستقراره، وليس كما تفعل أطراف أخرى، مثل الروس والأميركان حين تتنافس في السيطرة على مواقع النفوذ في سورية، وكذلك على مناطق النفط والثروات السورية، ومن الطبيعي أن تضع هذه الدول مصالحها في أعلى سلم الأولويات.
أيضا، على وقع أنباء المواجهة في درعا، يخرج الكلام حول ضرورة وجود قوات عربية، وبصراحة ليس واضحا بعد أي قوات يمكن أن تأتي في الوقت الذي تنشغل فيه جميع جيوش الدول العربية بحروبها وأزماتها الداخلية، ما يطرح عديد تساؤلات حول نجاح المبدأ كله ومن سيكلف للقيام بهذه المهمة في ظل المشهد العربي الكارثي الراهن!
كذلك، ينبغي علينا، أردنيا، أن نفكر بمصير مخيم الركبان الذي يقبع على حدودنا، وفيه عشرات آلاف الأسر التي تقول المصادر الرسمية إن من بينها كثيرا من الدواعش وأعضاء من الجماعات الإرهابية التي تلاشت قواها ونفوذها في الفترة الأخيرة، والسؤال المهم هنا: كيف سنتعامل مع هذا التحدي في حال اندلعت المعركة الكبرى في درعا؟
النقطة الأخرى التي تحتاج إلى تخطيط وتفكير عميق هي ما يتعلق بموجات اللجوء إن وقعت المعركة، فهل نحن حاضرون للقصة، وهل بنينا تصورات استشرافية لسيناريوهات متوقعة ووضعنا لها الخطط المناسبة، أم أننا سنفاجأ بها كما حدث في التعامل مع موجات اللجوء في بدايات الأزمة السورية!
بقدر ما يخطط اللاعبون الرئيسيون لمعركة درعا، تبدو المعركة حساسة وخطيرة بالنسبة لنا في الأردن بالقدر ذاته، وعلينا بجميع مؤسساتنا الانتباه لها والتفكير بأسوأ السيناريوهات المتوقعة، وأن نعرف منذ اليوم كيف سنتعامل مع كل تفاصيلها ونتائجها، وأن نضع محددات لدورنا هناك، ليبقى عند حدود التماس الآمنة.