دروب شائكة

بعض التعليقات على مقالي السابق «نحن الشباب لنا الغد» يمكن أن تضيف عنصرا مهما على عناصر التحديات الصعبة عندما نقارنها بالفرص المتاحة لتمكين الشباب، ذلك العنصر الذي يتعلق بالحالة النفسية والعاطفية لجيل الشباب في هذه المنطقة من العالم، التي تسودها الحروب والأزمات والصراعات السياسية والمذهبية والعرقية، وتتصاعد فيها معدلات الفقر والبطالة واللجوء القسْري، فضلا عن عقدة النقص المركبة على الشعور بالهزيمة واليأس والخوف من المستقبل المجهول. توقفتُ طويلا عند الشكوك لدى مُعلقين شباب بـ» الغد» أي: المستقبل، في سياق النشيد الذي بنيت عليه فكرة المقال السابق، ولن أخفي شعوري بالحيرة أمام حجم اليأس وفقدان الثقة في محتوى التعليقات المتأثرة بالوضع الاقتصادي الراهن، وما نجم عن الكورونا من آثار نفسية، إلى جانب الآثار الاقتصادية، وغيرها من الآثار الناجمة عن: حالة الفوضى الإقليمية، والفكر المتطرف، وتنامي عوامل الاستفزاز الأخرى، التي منها العقبات التي تعترض مسيرة الإصلاح، والأجواء المحتقنة أحيانا، ولا سيما تلك التي تعكسها مواقع التواصل الاجتماعي ليل نهار! أمام هذه التحديات وغيرها، هناك الفرص دائما موجودة، نعرف بعضها، ونبحث عن بقيتها في العناوين العريضة، والفرعية أيضا، قد تبدو للوهلة الأولى أنها غير مُدركة بقدْر ما هي عميقة، خاصة عندما نبحث في المعاني الحقيقية للرؤية الملكية التي تركز على مشاريع الابتكار والاختراع والإبداع والريادة، وفتح آفاقها أمام الشباب، أو عندما نُنعمُ النظر في القيمة المادية والمعنوية لمكانة الأردن ودوره الإقليمي والدولي، وعلاقات الصداقة والتعاون، والدعم الذي تقدمه لنا دول صديقة في مجالات تمكين الشباب، فضلا عن القوانين التي تُدرسُ حاليا في نطاق اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي تسعى بقوة إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية - وخاصة الشباب - في عملية اتخاذ القرار. سيظل السؤال الكبير حول تشغيل الشباب، وإيجاد فرص العمل كأحد مظاهر التمكين، وهناك من يقول: إننا نسير على دروب شائكة كلما تقدمنا نحو الغايات والأهداف العديدة التي نريد تحقيقها من أجل الشباب؛ ذلك بسبب وجود قناعة بأن الشعارات كانت أكبر وأكثر من النتائج على أرض الواقع، وأن تلك الشعارات لم تعدْ تغري أحدا منهم بسماعها من جديد! لقد حان وقت المكاشفة، وحان الوقت لتغيير الخطاب إلى الشباب، ومن الشباب؛ ليستقيم مع الرؤية الملكية، ويكون منطلقا لمرحلة جديدة، تضع الحصان أمام العربة، وتحدد العناوين الواضحة لاستراتيجية، يشارك ممثلو الشباب في صياغتها وتنفيذها وفق منطلقات ومعايير واضحة للحقوق والواجبات، وتوزيع الأدوار والمهام، في عمليات الإنتاج القائمة على مفاهيم الاقتصاد الجديد، وعلى مُقدرات الوطن القابلة للتطوير والتحديث، المُعتمدة أساسا على الشباب المعرفي أو الرقمي، المُدرب على استخدام الآليات الحديثة في قطاعات الإنتاج جميعها. اقتصادُنا الحالي، في شكله ومضمونه، قائمٌ على مفاهيم قديمة، ونحن نطمح إلى اقتصاد جديد، يُوظف القوى البشرية الشابة والمتعلمة والمؤهلة، وتلك هي البداية السليمة لمئوية جديدة بالنسبة لنا، ينبغي أن ندخل إليها متحررين من أعباء حمل لا يستحق العناء. ولا بأس أنْ أختم هذا المقال ببيت شعر لأمير الشعراء، أحمد شوقي: « وما استعصى على قوم منالٌ......إذا الإقدامُ كان لهم ركابا»!.اضافة اعلان