دكور.. طبيب الألحان القادم من القرية الموسيقية "ترشيحا"

Untitled-1
Untitled-1

ديما محبوبة

عمان – "كرسي كبير، رائحة أدوية ومخدر، ضوء ساطع فوق الرأس، قفازات بلاستيكية تتفحص، وطبيب يتحدث من وراء كمامة"، كل هذه النمطية قرر الفنان شادي دكور أن يتخطاها، وبل ويحقق حلمه الموسيقي.اضافة اعلان
الفنان الفلسطيني، طبيب الأسنان شادي دكور، من قرية ترشيحا شمال فلسطين، يقول، "أنا لست من عائلة فنية، بل من قرية تشتهر بالكامل بالغناء والموسيقا"، شعر والده أنه يملك صوتا جميلا، بحبال صوتية جيدة، كان يشجعه، وعندما بلغ 12 عاما، دفعه دائما للغناء أمام أفراد العائلة، وفي أعياد الميلاد والمناسبات.
عمه أيضا ساهم بدعمه، فهو في إدارة فرقة ترشيحا الفلكلورية، وطلب منه في أحد الاجتماعات الغناء أمام الفرقة، نال صوته إعجابهم جميعا، عرضوا عليه التمرن معهم، بعد الاجتماع مباشرة.
ويضيف، "بعد التدريب مع مدرب الفرقة تيسير حداد، الذي أعجب بصوتي، جعلني عضوا في الفرقة، وكنت أصغر فرد فيها، ولأن الكثيرين يشبهون صوتي للفنان الراحل عبد الحليم حافظ، جعلوني أغني أغنية خاصة له".
كان ذلك بعمر الـ 15 عاما، فغنى في إحدى الحفلات 3 أغان منفردة مع فرقة ترشيحا، وذلك من باب التشجيع، "وكانت بالفعل أول تجربة لي على مسرح كبير وأمام جمهور ترشيحا، وغنيت "قولوا الحقيقة" و"أنا لك على طول"، و"بتلوموني ليه"، للراحل عبد الحليم. ويقول، "فرقة ترشيحا لها جمهور عريق واسم وتاريخ كبير في فلسطين خاصة والوطن العربي عامة".
عندما وصل شادي إلى مرحلة التوجيهي، كان يغني كهواية وفي أوقات الفراغ، ويشعر أن الغناء يجدد حيويته، ويستطيع إنجاز دروسه من خلاله.
بعدها اشترك في برنامج محلي في فلسطين باسم "نيو ستار" لكنه انسحب من البرنامج لعدم معرفته الكاملة بخطته المستقبلية، والخطوات الحقيقية التي عليه اتباعها للوصول إلى التنافس الناضج.
يقول "سجلت أول أغنية لي بعنوان العاشق، من كلمات دكتور فلسطيني باللغة العربية يكتب الكثير من الأشعار، ولحنها إيهاب خوري"، ثم أطلقت أغنية "شادي"، إذ لها خصوصية خاصة لديه، فهي على اسمه، وكلمات تعني أن فلسطين لا تضيع وعودتها محتمة وإن طالت".
بعد نجاحه في التوجيهي، انتقل إلى الأردن لدراسة الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا، إذ لم يرغب بدراسة الموسيقى، بل يطمح أن يكون طبيبا تماما كوالده وإخوته.
يقول "حبي للغناء جعلني أدرس طب الأسنان، إذ لا يحتاج إلى وقت كبير في دراسته كما هو الطب العام، وتشجعت على الدراسة في الأردن، لأنها بلدي الثاني القريب على بلدي الأم، فكنت أقضي إجازاتي الأسبوعية في ترشيحا، للتدرب على الغناء، وهنا أشعر أني أشحن ذاتي ونفسيتي للتعلم أكثر في مجال الطب، فأعود وكلي نشاط للتعلم ولإنهاء مراحل الدراسة بشكل جيد".
ويؤكد أنه لم يعش كباقي طلاب الجامعة، الذين يستغلون أوقات فراغهم باللعب والخروج مع الأصدقاء أو السينما، فكان عليه أن يدرس ويتمرن أكثر على صوته، وشارك خلال تلك الفترة بعروض أردنية مع الدكتور أيمن تيسير.
أما أغنيته الثالثة فكانت بعنوان "حالك حالي"، وهي إنتاج فلسطيني، وتحمل الكثير من مشاعر الحب، لكن بشكل آخر، فهو حب يبعدنا عن التمييز بالعرق والفقر أو الدين، "وبهذه الأغنية شعرت أني أشرح عن ذاتي"، ومنها مقطع" دينك جنسك ولا لونك ما بتفرق عندي غير كونك إنسان ومن الله عونك انت الآخر وحالك حالي".
وقدم أغنية "صرخة وطن"، إذ أحدثت وقت انتشارها ضجة كبيرة في العالم العربي، لتزامنها مع أحداث سورية والقتل والدمار، "وصلتني العديد من الرسائل على السوشال ميديا من شتى الدول العربية، وكان تأثير هذا الأمر كبيرا علي، وعرفت أن مسؤوليتي كبرت بوجود قاعدة جماهرية أكبر بعد هذه الأغنية".
ومن كلمات الأغنية، "عم يصرخ الوطن وين الحلم اندفن يا عالم شوفوا ولادي غرقوا بالفتن، جابوا الآسى من مين وبيحكوا باسم الدين، أطفال عمرها سنين بيتموت بلا ثمن يا وطن".
يقول "العام 2015 تخرجت من الجامعة بمعدل متفوق، فالغناء لم يأخذني من دراستي ولا حتى من مهنتي، فلدي عيادة أسنان في فلسطين، ورغبت بالمشاركة في البرنامج العربي "محبوب العرب، أرب أيدول"، سعيا لإسماع صوتي لأكبر عدد ممكن، وأخرج من كوني فنان محلي".
ويبين أن قصة مشاركته لم تخل من الغرابة، إذ تحدثت معه صديقة وصوتها أيضا جميل تريد المشاركة في البرنامج، وكانت تجارب المشاركة في رام الله وستغلق أبوابها بعد عدة ساعات، ومن الصعب الوصول إليها، فمن بلدته إلى رام الله يحتاج لوقت طويل، لكن شقيقته سمعت بما دار بينه وبين الصديقة وعزمت على إيصاله إلى رام الله"، وبالفعل قدم أغنية وشارك بالبرنامج.
في ذلك العام بقي أربعة مشتركين من اثني عشر تأهلوا، في وقت تقدم للاشتراك24 شخصا فلسطينيا، "كانت تجربة جميلة، فأنا مقتنع أن الشخص عليه التعلم من أي تجربة أو موقف يقع فيه، وعند عودتي إلى ترشيحا، باتت نظرة الجميع وحتى المقربين.. بأني أكثر إحترافية وأن الغناء والموهبة دعمت بشيء حقيقي أكثر".
بعد ذلك غنى شادي "الأسى بتنسى"، لتكون أول تجاربه في التلحين بالتعاون مع أخيه، لفيلم فلسطيني، وكان طابع التلحين ثوريا، ومستوحى من قصة الفيلم، الذي حمل عنوان "قانون طوارئ".
يعمل شادي اليوم على تلحين وكتابة كلمات وغناء أغنية "تالا"، لمسلسل يحمل اسم حكاية تالا ذاته وهو من إنتاج نتفلكس، وهو مسلسل مستوحى من رواية الكاتب الفلسطيني شاكر خزعل "حكاية تالا"، التي تتحدث عن لاجئة فلسطينية أثناء رحلة لجوئها وهروبها من الظلم الواقع عليها، سرقت عصابة أوراقها، وجعلتها بائعة هوى.
وينسق شادي العديد من المهرجانات والحفلات، إحداها مع الفنان وليد توفيق في طابا، وأيضا كان له العديد من التجارب مع فنانين عرب معروفين، كالتريو جبران في ذكرى وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حينها أقيم العرض في حيفا وغنى "ريتا".

خلال مشاركة شادي دكور في برنامج "أرب أيدول"- (من المصدر)