دليل النشاط المدرسي... عندما تحسن وزارة التربية صنعـا

Untitled-1
Untitled-1

ذوقان عبيدات ومحمود مساد *

منذ عقد من الزمان، وربما أكثر، زاد إحساس المواطنين: طلابا وأهالي ومعلمين بضرورة تغيير جو الرقابة المدرسية، وقواعدها وثقافتها الصارمة، وكانت استجابة وزارة التربية بوضع حصتين أسبوعيا، ووضع منهاج لهاتين الحصتين أول تطوير في العمق يمس العملية التعليمية منذ أكثر من عقدين على الأقل!اضافة اعلان
فالنشاط المدرسي كان في غرف المعلم التقليدي وبعض المجتمع، مضيعة للوقت ومسخ لجدية الحياة المدرسية، بل أسماه بعضهم ميوعا وانحلالا!
ثم اعترف هؤلاء بالنشاط، ووضعوا له شرطا هو، نشاط لا منهجي، لا علاقة له بالعملية التعليمية، ثم قالوا بل: نشاط مصاحب للمنهاج، ولكنه ليس جزءا منه! أما الآن وبعد أن دخل النشاط الى الخطة الدراسية، والى الجدول الدراسي للطالب، فالنشاط هو نشاط “منهجي” ولا يجوز أن ينظر له بغير ذلك، سواء كان المقصود حصص النشاط، او أي نشاط آخر ضمن منهاج أي مادة دراسية.
إذن المطلوب من وزارة التربية أن تلغي تسميات أخرى فالنشاط منهجي، سواء كان صفيا أم غير صفي.
ولنعد إلى موضوعنا:

  • قدم وزير التربية الأسبق عمر الرزاز اقتراحا بإضافة حصتين اسبوعيا للنشاط، وترك الباب مفتوحا لفراغ هائل قد يعود إلى غير ما قصدت إليه الوزارة.
  • وشعر وزير التربية السابق، د. عزمي محافظة بخطورة بقاء حصتين اسبوعيتين على جدول الطلبة دون أن تقدم للمعلمين منهاجا لهما، ودليلاً لإدارتهما، وشكل لجنة وطنية من مؤسسات متنوعة وخبراء من المجتمع، ومن وزارة التربية. مناهج، تدريب، نشاط، تخطيط.
    وهذه مبادرة مهمة جدا من وزارة أغلقت نفسها على ذاتها.
    -وجاء د. وليد المعاني وزيرا ثالثا، رعى اللجنة وحفزها ودعمها، حتى اكتمل العمل وظهر الدليل، إضاءة لامعة في سماء كل مدرسة. وجاء الدليل ليوضح أهداف النشاط بأنها إدخال المتعة والبهجة إلى الحياة المدرسية وتنمية مهارات وقيم وسلوكات لم تنجح الحصص العادية لمختلف المواد في تنميتها، من أبرزها:
  • مهارات التفكير الناقد من تحليل وتمييز وشك وإصدار قرارات وأحكام وتقييم.
  • مهارات التفكير الإبداعي من خروج عن المألوف، ونفي للمسلمات وعكس لها، وتشويه لها كآليات مؤقتة لإنتاج فكر جديد وحلول جديدة.
  • مهارات المواطنة والاحترام والكرامة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز.
  • مهارات الحوار والاتصال واحترام الآخر، والثقة في التعامل معه مهما اختلفت المذاهب والأديان والجنس والمنطقة والعائلة.
  • مهارات بيئية تركز على التنمية المستدامة، وترشيد الاستهلاك والمحافظة على التوازن البيئي.
  • مهارات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والالتزام بها والدفاع عن الحقوق الشخصية وحقوق الآخرين. واعتبارها حقوقاً طبيعية غير مشروطة.
    كما حدد الدليل شكلاً معيناً للنشاط، مثل: اسم النشاط، ومستوى الفئة المستهدفة، واجراءات تنفيذه، والدروس المتوقعة منه. ومن الطبيعي، أن تتميز نشاطات الحصتين عن غيرها من نشاطات المواد الدراسية بتركيزها على مهارات وسلوكيات وتطبيقات لم تنجح مناهج المواد الدراسية بإكسابها للطلبة ولذلك نقول إنه إنجاز حقيقي.
    لماذا إنجاز حقيقي؟
    إن إدخال حصص للنشاط هو إدخال المتعة والبهجة إلى الصرامة والغلظة. وإدخال الحركة إلى الجمود، والمشاركة إلى الاستماع، والمبادرة إلى الاستسلام.
    وكم كانت الحاجة إلى هذه التغيرات، وربما يسأل أحدهم هل حصتان أسبوعياً كافيتان لإحداث كل هذا التغير؟ والجواب: لا! ولكن:
    إن حصتي النشاط ستقدمان نموذجاً جديداً للتدريس، سوف يؤثر بكل تأكيد على تدريس بقية المواد، فلن يقبل الطلبة بعد ذلك الاّ حصصاً وفق ما يتم في حصص النشاط، ولن يقبل المعلمون أداء الا وفق ما يقوم به معلمو النشاط ولذلك ستحدث العدوى، وسيعمد المدرسون إلى محاكاة نموذج النشاط، وقيمه المتمثلة بـ:
    -تحديد مسبق للأهداف، ومساءلة مباشرة عن مدى تحقيقها.
    -تحديد مسبق لوقت كل نشاط ومدته.
    -تحديد فاعل لكل خطوة من خطوات الدرس.
    -مشاركة كاملة وفاعلة من الطلبة. فالنشاط هو أداء الطلبة وليس أداء المعلم. وهذا هو أساس تطوير عملية التدريس.
    -والأهم من ذلك كله، إن كل طالب يتفاعل مع النشاط بغض النظر عن تصنيفات المعلمين للطلبة. فلا متفوق ولا ضعيف. ففي حصص النشاط – ولأنها خروج عن المألوف- يشارك الجميع وربما كان من يصنفون ضعفاء، أكثر مشاركة وإنجازاً من غيرهم! فالنشاط يعتمد على التفكير لا الحفظ، ودقة الأداء لا كثرته، فالقيادة والتفكير والقرار والحكمة ليست من نتاجات مواد دراسية تقليدية. النشاط هو ما سيطور أداء المعلمين وأداء الطلبة وأداء المناهج والمواد الدراسية الأخرى.
    وأخيراً..
    إن إدراك الوزارة لكل هذه القيم وإن حماسة د. عزمي محافظة لوضع منهاج للنشاط، ودعم د. المعاني لهذه التغيرات يعكس قدرة الوزارة – لا غيرها- على التطوير. فوزارة التربية إذا انفتحت على المجتمع واعترفت بالمواطنة، وحق كل مواطن بالمشاركة، فإنها المؤهلة على إحداث التغيير أو على الأقل قيادة التغير.
    المطلوب، ثقافة جديدة تؤمن بحق المواطن في المشاركة. وهذا الإنجاز يستكمل ببرنامج تدريبي مأمول.
  • خبيران تربويان.