دمج "الهيئات المستقلة": هل تصنع الحكومة "المعجزة"؟

Untitled-1-388
Untitled-1-388

عبدالرحمن الخوالدة

عمان- طالب خبراء اقتصاديون الحكومة للتعامل مع ملف دمج الهيئات المستقلة بجدية لأن بعض الوحدات الحكومية المستقلة باتت تشكل عبئا ثقيلا على كاهل الاقتصاد الوطني وتزيد عجز الموازنة المتفاقم.
ويرى الخبراء أن الهيئات المستقلة في المملكة لم تحقق الهدف الذي أنشأت من أجله بينما أدى العدد المتزايد من الهيئات إلى زيادة عجز الموازنة العامة وازدواج أداء مهام هذه الهيئات التي تتقاطع مع بعضها في مهام عدة ،وزارات ودوائر حكومية، إضافة إلى إيجاد فجوة هائلة في هيكل الأجور قد تؤدي في المدى الطويل إلى توليد ضغائن وصراعات داخل المجتمع.
وتضم موازنة الوحدات الحكومية المستقلة 57 هيئة بقانون موازنة الوحدات الحكومية، اذا تظهر أرقام تلك الموازنة أن 21 هيئة أو وحدة مستقلة تورد فوائض للخزينة من اجمالي المؤسسات، علما بأن اجمالي الموازنة المركزية ذات الحجم 9.25 مليار دينار.
ويذكر أن مشروع قانون موازنة الوحدات الحكومية لسنة المالية 2019، قدر إجمالي إيردات الوحدات الحكومية لعام 2019 بنحو 1388 مليون دينار وإجمالي النفقات بنحو 1500 مليون دينار بعجز مقداره 112 مليون دينار.
واعتبر الخبراء أن افتقار آليات ومعايير واضحة إضافة إلى غياب الإرادة الحقيقية لدى الحكومة تحول دون دمج هذه الهيئات وتقليص عددها،الأمر الذي لطالما سعت هذه الحكومة والحكومات السابقة إلى تنفيذه على حد زعمها.
وقال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن"إنشاء أغلب الهيئات جاء بناءً على توصيات الفريق الاقتصادي الذي اتبع المنهج النيوليبرالي في إدارته للشؤون الإقتصادية الأردنية على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة".

اضافة اعلان

وزاد " هذا الفريق كان يهدف من وراء انشاء هذه الهيئات لرفع نسبة النمو وتقليص الفجوة في الموازنة ليكون متوافقا مع الإنفاق الحكومي العام إضافة إلى إيجاد كوادر مهنية )موارد بشرية ( من اجل ان تحقق مردودات عالية إلى الاقتصاد الأردني ويصبح قريب من شكل القطاع الخاص الا أن هذه الأهداف لم تتحقق واغرقتنا في الوهم وفاقمت من عجز الميزانية".
واكد البشير أن حجم الإنفاق الكبير على هذه الهيئات من المآخذ عليها ولا يتماشى مع حجم إنتاجيتها موضحاً بأن هذا التضخم في الإنفاق عليها يؤدي الى شعور غياب العدالة وخلق ضغائن بين العاملين في مؤسسات القطاع العام
وستواجه مشاريع دمج الهيئات الفشل ما دامت الفرق الاقتصادية التي تتوالى على الحكومات مؤمنة بهذا النهج ولم يتغير جوهرها نحو دور الدولة التي تعمل على خلق التوازن بين طبقات المجتمع
وبدوره أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة فشل هذه الهيئات في تحقيق الأهداف والغايات التي جاءت من أجلها مبيناً أنها أفرزت أعباء مالية على الخزينة واصبحنا بوجود هذه الهيئات كأننا نصرف على حكومتين واحدة تتمثل بهذه الهيئات والأخرى في النفقات التقليدية الموجهة الى الوزارات والقطاع العام التقليدي مما يؤدي إلى تشتت في المرجعية الاقتصادية للدولة.
وأوضح زوانة بأن هذا العدد المتزايد من الهيئات عمل على زيادة أعباء القطاع العام وميزانيته في الوقت الذي تعمل به الحكومات المتعاقبة على تخفيض أعبائه وحجم ميزانيته إضافة إلى ان هذه الهيئات أدت إلى زيادة عجز الميزانية العامة وخلق فجوة هائلة في هيكل الأجور وخلق نوع من الاحتقان بين كوادر القطاع العام.
واستبعد زوانة نجاح اي مبادرة دمج لهذه الهيئات في ظل غياب الحكومات التي لا تملك الإرادة .
وينظر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري الى الهيئات المستقلة في الأردن على انها فشلت في تحقيق اهدافها وبأنها "بيئة لتنفيع بعض الشخصيات كمدراء بوظائف ورواتب مبالغ بها "وبأن اعمالها تتقاطع مع عمل الوزرات عدا عن مفاقمتها لعجز الميزانية
ويعتبر الحموري أن هناك بعض الهيئات كانت لها إنتاجية إيجابية بسبب طبيعة عملها واحتكارها بعينهاة لسلعة وخدمة عليها إقبال من قبل كافة المواطنين والمؤسسات كهيئة تنظيم قطاع الاتصالات.
وقال الحموري "لا يمكن ان يكون هناك دمج وتقليص لعدد الهيئات في ظل عدم وجود دراسات وآليات ومعايير واضحة وحوكمة شفافة لعملية الدمج إضافة الى غياب الدور الحكومي الفاعل في هذا الاطار".
وتختلف وجهة نظر وزير المالية الأسبق محمد ابو حمور عن سابقيه اذا يرى بأن الهدف من إيجاد الهيئات هو تنظيم القطاعات المختلفة التي تنشط بها الشركات التي كانت تمتلكها الحكومة سابقاً وتحقق هذا الهدف في الكثير من الهيئات إلا ان هناك ضيابية في الادوار والصلاحيات التي تتقاطع مع بعض الوزرات.
وبين أن العجز الحاصل في الميزانية سببه بشكل كبير فاتورة المياه المرتفعة التي تقوم الحكومات بتغطيتها لا نفقات هذه الهيئات.