دموع في عيون خائفة! (1)

لم يكن يخطر ببال أحد مطمئن طبيعي أن يسمع في هذا البلد، وفي هذا الزمن عن جريمة ولا أبشع ارتكبت بحق سيدة أردنية وأم لأطفال عدة، على يد زوجها قبل أسبوع. ماذا يعني أن يقوم شخص باقتلاع عيني إنسان من رأسه، بسبب غضبه وسخطه عليه؟ كيف يستوي أن تصل البشاعة في الإجرام على يد بشر بحيث يقوم بفعلته النكراء تلك، وأمام أطفاله، بوقت قصير ومحدد؟ بمعنى هل من الممكن أن تقتلع عينا إنسان ولو باستخدام آلة حادة، هكذا؟ وبدون تخطيط وتدريب مسبقين على العملية، ثم تتكلل بـ”النجاح” من دون ولا غلطة؟! حاولت أن أبحث عن قضايا مماثلة عبر الانترنت، وحرفيا لم أتمكن من الوصول إلى قصة مشابهة إلا في روايات السجون والمعتقلات السوداء، وحكايات تاريخية لا شاهد عليها إلا خيال مردديها! فحتى قصص البلطجة لم تصل إلى حد الجرم الذي يمكن للمجرم أن يقتلع فيها عينين اثنتين مرة واحدة من رأس خصمه، لم يحدث ذلك ولا في الأفلام. نعلم بأن التنمر على المرأة وارد بل وواقع إن أردنا أن نكون حقيقيين في الطرح. ونعلم أن حملات بالعشرات وقوانين مثلها وجمعيات حقوقية تحاول على مدى سنوات، أن تخفف من وطأة هذه المعضلة في مجتمعاتنا، وقد نجحت بالفعل مع الإرادة والدعاية والتوجيه والتوعية، ليس أن تحد منها نهائيا، إنما على الأقل أن تضع لها حدودا مطاطية تشتد وترتخي، حسب كل حالة. لكن أن يصل العنف على المرأة، وهنا أدرك أنني أتحدث عن حالة فردية، إلى درجة مخيفة مرعبة مقيتة، تجعل من الخبر “ترند” إخباريا عالميا، لغرابة وبشاعة التفاصيل، فهنا نعم يوجب علينا أن نستوقف أنفسنا قليلا، ونلتقط الباقي من أنفاسنا لنحاول أن نفهم، لماذا يمكن أن يصل الوضع إلى هذه النقطة البغيضة. وهنا لن أتطرق إلى الأطفال والأذى النفسي والعصبي الذي سيلحق بهم، مدى حياتهم المقبلة، لأن هذا الأمر فوق مستوى التحليل المقالي أو الصحفي، بل فوق الإدراك الذهني الطبيعي! المرأة في مجتمعنا تتعرض دائما إلى شكل أو لآخر من التعنيف، الممنهج أو غير الممنهج، في حياتها الأسرية والزوجية والدراسية والمهنية. هذا الموضوع، ومع احترامي للآراء التي تدافع عن حقوق وحرية المرأة، حاصل وموجود رغم عدم اعتراف المدافعين عن تلك الحقوق بوجوده، أو لنقل ادعاءهم بأنه تضاءل كثيرا مع التطور العلمي والحضاري والفكري في المجتمع. إن ما تعاني منه المرأة بصمت بسبب حيائها أو خوفها من فقدان ميزات أو من أحكام جاهزة تتهمها بالتحريض والاستفزاز، لهو كثير بل وكثير جدا. وصدقا أن موضوع فقء العيون مع بشاعته، يتماهى جدا مع نهايات حزينة ومدمرة في حياة المرأة، سواء بفقدانها وظيفة أو حقها في الأمومة أو التعليم والتكريم وغيرها من المفاصل التي يتحكم بها مزاج الرجل. وكل ذلك لا يأتي مرة واحدة، ولا في لحظة مباغتة. بل هو نتاج تراكم سنوات طويلة من الخوف والصمت والتردد وحساب رد فعل المجتمع.. وللحديث بقية فالقصة لن تنتهي هنا!اضافة اعلان