دوار الداخلية: حلم سوريالي

نستطيع أن نتفاخر بأن لدينا دوارا في الأردن، يعيش منذ عشرات السنين في ازدحام مروري لا يتوقف، ولا أحد يأبه للمعضلة التي تقتص منا وتصيبنا بمقتل في أوقاتنا، وتتسبب بنكدنا اليومي حين نمر من هناك.اضافة اعلان
فدوار الداخلية يا رعاك الله، بوابة عمان الى مختلف جهات البلاد، وعلى الرغم من أنه رمز مكاني عريق، فإن رمزيته تنهل من سوء حالته التي أجبرنا على اعتيادها، وأضحت جزءا من تاريخنا الثقافي والاجتماعي والسياسي، وملمحا من ملامح صورة عمان المكانية.
ومع ذلك؛ فهذا الدوار مصر على أن يكون غير سوي، سيرته ليست حسنة، لذا، فإنني أتمنى على أمانة عمان الكبرى وإدارة السير وبقية المؤسسات الحكومية، ترشيحه لقائمة جينيس لشدة إهماله ولازدحاماته التي لم تتوقف منذ قحط.
كما أطالب وزارة الثقافة بتقديم عريضة لمنظمة “اليونسكو” تصنفه كمعلم تراثي عالمي، يدلل على الإصابة بالجلطة وضغط الدم والنكد والنرفزة والكآبة للمواطنين الأردنيين، ويمكن الاستفادة منه في الاستثمارات السياحية، وإنتاج تذكارات تشير الى كل ما ينتجه هذا الدوار في النفس البشرية، من آلام وأمراض ونكد مزمن، مع عرض مجاني لتجربة رحلة حوله.
ولا يستغربن أحد أن الأمر وصل بنا الى هذه الحال مع بقعة، اسمها دوار الداخلية، هي بوابة العاصمة وفي الوقت نفسه، تبدو كقلبها، الذي يحتاج الى قسطرة فعلا.
وفي الوقت الذي نتفاخر فيه بأن لدينا أكثر من 200 ألف مهندس وطبيب متنوعي الاختصاصات، والكثير الكثير من المسؤولين والنافذين، لم يتمكن أي منهم من أن يقول قولة شهيرة في الدوار، ترده الى عقله، وتخلصنا مما يسببه لنا من كآبة.
ولم يستطع أي عقل أردني حتى اليوم اختراع دواء لمعالجة ما يسببه الدوار من أعراض، ولا معالجة حالته التي تتعدى على حقوقنا في أن نعيش صباحات محتملة، خالية من الازدحام المروري على الأقل.
دوار؛ إنه مجرد دوار لا أكثر ولا أقل، فلماذا يصر على أن يعبث بمزاجنا وأعصابنا، وأن يقتص منا، هل يعقل هذا؟ ومن له مصلحة بجعله يصل الى ما وصل اليه من تخريب لمزاجنا العام في العاصمة.
في الحقيقة، لم أتفاجأ حين صرحت أمانة عمان قبل أيام، بأنها لا تضع شارع الاستقلال النافذ الى دوار الداخلية، وأحد أسباب ازدحامه المستمر، على سلم أولوياتها، ذلك أن لها أولويات أخرى، مثل تأمين مهبط المكوك الفضائي الأردني في قاعدته الفضائية برأس العين.
ونسيت الدوار (تصلح أغنية شعبية تطلق من آلات التسجيل في السيارات حول الدوار لتخفيف الضغوطات على المواطنين من حوله).
وأخيرا؛ فكل ما نحتاجه، هو أن نستيقظ صباحا، ونمر من دوار الداخلية، بدون أن نصاب بالكآبة، فهل هذا ممكن، أم أن ذلك حلم، سيظل متكئا على ظهر سلم الأولويات؟