ديما بيبي تتجاوز كل التحديات وتحجز مكانها في العمل التطوعي

ديما بيبي - (من المصدر)
ديما بيبي - (من المصدر)

منى أبو حمور

عمان- لم يخطر في بال الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إنجاز”، ديما بيبي، يوما أنها ستكون من النساء الرياديات والقياديات في العمل التطوعي، خصوصا وأنها درست الهندسة وتخرجت منها وعملت فيها لمدة ثماني سنوات في القطاع الخاص.اضافة اعلان
إصابة بيبي بمرض السرطان في العام 2000 شكلت بالنسبة لها صدمة كبيرة وغيرت مجرى حياتها، فمنذ أن علمت بإصابتها، عاشت تجربة قاسية وشعرت وكأنها قريبة من الموت، حينها فكرت كثيرا بالعمل الذي تقوم به وأدركت أنه ليس ما تتمناه، فبدأت رحلة العمل التطوعي.
بدأت انطلاقة بيبي بالعمل التطوعي في الأمم المتحدة، وكانت تمتلك شغفا كبيرا للعمل في مجال المرأة وتمكينها من خلال التكنولوجيا التي درستها وعملت فيها لسنوات طويلة، فعملت في هذا المجال لمدة خمس سنوات متتالية والتي تعتبرها من أهم سنوات حياتها.
وتقول “وجود بعض الأشخاص في طريقي التطوعي أسهم كثيرا في نجاحي”، لافتة إلى الدعم الكبير الذي تلقته من الدكتورة هيفاء أبوغزالة التي كانت المديرة الإقليمية لليونيسيفم، فمنحتها الخبرة والثقة والأمل، لا سيما وأنه كان مجالا جديدا عليها لم تعمل به من قبل.
لم يكن عمل بيبي التطوعي في اليونيسيفم مقتصرا على الأردن، وإنما قامت بالعديد من المشاريع المهمة على المستوى الإقليمي؛ مصر، لبنان والعديد من الدول حققت نجاحا كبيرا خلال تلك المشاريع.
بدأت بيبي خبرتها في مجال التنمية من الأمم المتحدة، وبعدها ترأست مؤسسة “إنجاز” الممولة من قبل usaid، وكانت في ذلك الوقت مؤسسة صغيرة، وهو ما جعل الكثير ممن يحيطون بها يستغربون توجهها لهذا العمل، رغم الإنجازات المهمة التي استطاعت تحقيقها خلال عملها في الأمم المتحدة.
وتؤكد بيبي أن الفكرة التي تقوم عليها “إنجاز” هي ما جعلها تنضم لها، مضيفة “فضلا عن مساحة الحرية والابتكار التي منحتني إياها هذه المؤسسة لتحقيق التغيير الإيجابي”.
استطاعت بيبي منذ 2005 أن تحدث تغييرا كبيرا وتحقق العديد من النجاحات التي كبرت من خلالها المؤسسة بعد أن كانت صغيرة، محققة ما كانت تسعى إليه من خلال تقليص الفجوة بين المهارات الأكاديمية وما يحتاجه سوق العمل من مهارات وممارسة.
العمل في مجال الإدارة دفع بيبي لدراسة الماجستير في الإدارة والتطوير، إلى جانب ماجستير الهندسة الذي حصلت عليه من قبل، حتى تتمكن من زيادة خبرتها، الأمر الذي ساعدها كثيرا على تحقيق أهداف “إنجاز”.
وتردف “الرضا يأتي دائما عندما يحقق الشخص الأهداف التي يضعها أمام عينيه وفي باله”، مؤكدة أن الخبرات القاسية تجعل الحاجات مختلفة عند الشخص، فيسعى لتلبية وتحقيق مصلحة وأهداف الآخرين.
وتلفت إلى أن العلم والخبرة والتعلم المستمر هي السبب الرئيسي وراء نجاحها واستمرارها؛ حيث بدأت بدراسة الدكتوراه في مجال التربية، حتى تتمكن من مواصلة عملها من خلال خلفية علمية، والاستفادة من تجارب الآخرين، مؤكدة أن كثرة الاختلاط مع الشركات والمؤسسات أثرت خبرتها ومخزونها المعرفي، كما جعلها أكثر حكمة في التعامل مع كل ما يحيط بها، واستطاعت أن تمتلك الخبرة الكافية في إبعاد كل ما يضايقها ويشتت فكرها، الأمر الذي سهل عليها الكثير في حياتها.
“وضوح الفكرة والغاية التي يعمل بها فريق “إنجاز” هو سبب نجاحها وتقدمها”، تقول بيبي التي تؤكد أن عملها مع فريق شغوف برسالة وأهداف مؤسسته ومحب لمساعدة وخدمة الآخرين بطبيعته، ويعمل عن محبة وقناعة، ساعدها على إلى أن تصل بمؤسستها إلى ما هي عليه الآن.
ومنذ أن بدأت بيبي العمل بـ”إنجاز” كانت تسعى إلى ديمومة المؤسسة؛ حيث بدأت بمشروع ممول حتى تمكنت ومن خلال مجلس إدارة من ذوي الخبرة الطويلة والنفوذ والموارد المختلفة الحصول على الدعم المادي الذي ساعد المؤسسة على الاستمرارية بعد انتهاء التمويل.
وتقول “كان عندي نظرة مستقبلية وحاجة ملحة للاستمرارية رغم الظروف كافة”، منوهة إلى الدعم الكبير الذي تلقته المؤسسة من القطاع الخاص والدولة والحكومة.
الثقة التي بنتها بيبي بين المؤسسة والمجتمع من خلال الإنجازات كافة سهلت عليها مهمة أن يكون لديها شركاء تؤثر عليهم ويقدمون الدعم لها، وهو ما ساعدها على الاستمرارية والنجاح، مسجلة بذلك تجربة مميزة ورائدة في الأردن بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التخطيط ووزارة التنمية والبنك المركزي وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.
لم يكن طريق بيبي معبدا فخلقت التوازن بين حياتها الخاصة وهي الأم لابنين ومسؤولة في مجال عملها، ما يجعل التحديات كبيرة وتزيد الحاجة لإيجاد التوازن، موضحة “لا توجد معادلة سحرية للتوازن وإنما هو جهد يومي أحاول أن أخلق من خلاله التوازن”.
البيئة الداعمة التي حظيت بها بيبي كانت سببا في نجاحها، فدعم أهلها المستمر وأهل زوجها خفف عنها حملا كبيرا، خصوصا في تربية أبنائها والاهتمام بهم، فضلا عن زوجها الذي قدم لها الدعم بأوجه عديدة وكان حاضرا دائما إلى جانبها في الأمور كافة.
وتجد أن نشأتها في أسرة تقدر المرأة وبيئة تؤمن بالمرأة ودورها وتؤكد أهمية تعليمها، لها دور كبير بما وصلت إليه الآن، فلم يكن عند والدها خيار أن تدرس البنت وتجلس بالبيت، وإنما عليها أن تدرس وتعمل وتبني حياة اقتصادية مستقله قبل أن تفكر في الزواج.
لم تشعر بيبي بأهمية ما تقوم به بالماضي، إلا أنها بعد أن كبر أولادها ورأت نظرات الفخر والتقدير الكبير لما تقوم به، وأنها كانت مصدر إلهام وقدوة لهم شعرت بعظم الرسالة التي تحملها، مؤكدة أنها لم تندم يوما عن شيء قامت به وحتى في مرضها لم تتأخر عن عملها.
وفيما يتعلق بوضع المرأة في الأردن، تقول بيبي “يجب عدم الإجحاف بحق المرأة”، لافته إلى أن وضع الشخص في المكان غير المناسب يؤذي رسالتها ومحيطها وتجاربها والفرص التي أتيحت لها.
وتردف أن المرأة في الأردن وعلى الرغم من وجود بعض التغيير في الثقافة السائدة والنمطية، إلا أن الإحصائيات تثبت عكس ذلك الأمر، الذي يجعل أمام تمكين المرأة تحديا كبيرا، خصوصا في ظل وجود بعض الظروف غير الملائمة والعقبات التي تحول دون مشاركتها في سوق العمل.
وترى بيبي أنه “يوجد تغيير نوعا ما وإن لم يكن جذريا، ولكنه ليس كافيا ليسهم بإلغاء الصورة النمطية”، وإنما لا يشجع المرأة في المساهمة الاقتصادية لتنمية نفسها والبلد الذي تعيش فيه.
وحصلت بيبي على العديد من الجوائز منها؛ موزاييك للريادة الاجتماعية العام 2008، والتميز من NYIT التي تمنح لكبار القادة المجتمعيين المؤثرين، والتحالف الدولي للمرأة TIAW، والتغيير الايجابي في مؤتمر المفكرين العالميGTF، كما وشاركت وفيما لا يقل عن 100 مؤتمر عالمي في 125 دولة.