ديون على طلبة الجامعة!

في البداية، علي أن أشير إلى أن المعلومات والأرقام الواردة في المقال، هي من خلال رصد برنامج "صوت المملكة" الذي يديره الزميل عامر الرجوب في حلقة أول من أمس. الأرقام بجلها صادمة سواء كانت تخص أعداد المنتفعين من صندوق دعم الطالب الجامعي وهم أكثر من مائة وثلاثة وتسعين ألف طالب، بميزانية تفوق الربع مليار دينار. أو تلك التي تخص نسبة الطالبات والطلبة الحاصلين على القروض، وهم خمسة وسبعون بالمائة من عدد طلبة الجامعات الحكومية! ثلاثة أرباع طلبتنا غير قادرين على مصاريف الجامعات الحكومية والتي هي بالأساس حق مكتسب طبيعي للمواطن الأردني بمجانية التعليم. مثله مثل حقه في جودة الصحة وتحسين وسائل النقل والحصول على الوظيفة المناسبة وتوفير السكن والغذاء والدواء. كلها حقوق تنسحب تدريجيا من ملاءة المواطن وتدخل في حسابات الدولة كأسس تكوين ميزانيات كبيرة، تضيع نسب كبيرة منها في مشاريع فاشلة وموازنات ضائعة واسترضاءات ظالمة. هل يمكن أن نعتقد للحظة بأن طالبة أو طالبا يذهب بقدميه، مع كفيله وهو بالعادة والده أو أخوه إلى صندوق منح أو دعم، هكذا فقط لأنه يريد أن يستفيد من مال سائب؟ بالطبع مستحيل! خاصة عندما نعرف أن المبلغ وإن كان بدون فوائد والحمد لله وسوف يسدد على سنوات طويلة، يبقى في ذمة الطالب إلى آخر يوم بحياته أو حياة الكفيل. وبالمناسبة كثير من الكفلاء، انتقلوا إلى رحمة الله تعالى. وبقي الطالب المتخرج العاطل عن العمل أو الذي عمل بمهن غير موفقة، لا يستطيع سداد دينه الذي يمكن أن يلاحق بسببه قانونيا أو حتى يمنع من السفر، وهو في طريق بحثه عن العمل في الخارج. ستة وسبعون مليون دينار هو المبلغ الذي ظهر في مذكرة رفعتها النائب وفاء بني مصطفى ووقع عليها أكثر من أربعين نائبا، لإسقاطها من بند المطالبات، وحصولها على الإعفاء. ستة وسبعون مليون دينار من العيب أن تقف عائقا أمام كرامة المواطن من أجل حقه المجاني في التعليم. وإن لم يكن للحكومة قدرة على وضع هذا البند في أولوياتها ضمن موازنة العام الجديد، بدل بنود لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تزيد الجوع جوعا أحيانا، فللمسؤولية الاجتماعية الواقعة على المستثمرين والشركات والمؤسسات الخاصة دور مهم هذه المرة، حتى لو تم التوافق على إخضاع نسبة بسيطة من الضريبة المستحقة عليها لأجل هذا الصندوق الذي لا يجب أن تتوقف خدماته أبدا. نسبة البطالة في الأرقام الرسمية تبلغ تسعة عشر بالمائة، في حين أن النسب الحقيقية تفوق هذا التصريح بكثير وكلنا نعرف ذلك. فمن أين للطالب الخريج أو الطالبة الخريجة أن يسددا ما عليهما من ديون، إن لم يحصلا على عمل في الأساس، حتى لو أن فترة السماح جيدة، والأقساط تعد نوعا ما مريحة؟ صندوق التعليم للطالب الجامعي حق يجب أن لا يتزحزح عن مكانه شبرا واحدا، في دولة تخلت عن دورها الرئيسي في التعليم المجاني والمواصلات والصحة المجانية المحترمة. فنحن لا نملك إلا أن نعلم بناتنا وأولادنا ليحملوا شهادات ربما تعينهم على أيامهم المقبلة، ولو أن الأمل بالتوظيف ليس حالما. الطلبة في الجامعات، يحتاجون إلى مصاريف مكلفة أخرى فوق تكاليف وأقساط الدراسة؛ المواصلات والطعام أو فنجان النسكافيه على أقل تقدير، الملازم والأوراق وأدوات الدراسة المختلفة حسب التخصصات، كلها موازنات صعبة وثقيلة على كاهل الأسر، رغم أن غالبية هؤلاء الطلبة يعملون في ساعات اليوم غير الدراسية لمساعدة أهلهم في الإنفاق. سامحوهم في الستة وسبعين مليون دينار هذه المرة. ولا يتحدث أحد عن بقية الطلبة في قادم الأيام. حينها إما أن تشمل موازنة الدولة مصاريف الصندوق، أو لكل حادث حديث!اضافة اعلان