د.سعد العبيدي يقدم قراءة سياسية نفسية تتناول أحوال العراق ومحنته بين القاتل والمقتول

في كتاب صدر أخيرا

 

عمان- الغد- ينطوي كتاب الباحث الدكتور سعد العبيدي "دوامات المحنة" الصادر عن "الدار العربية للعلوم" على وصف واقعي وشامل لبعض الوقائع التي تمثل حقيقة الفوضى والاضطراب في العراق منذ الغزو الأميركي.

اضافة اعلان

ويقارب المؤلف هذه الحقائق بأسلوب تحليلي من وجهة النظر النفسية والسياسية والاجتماعية، متناولاً الجانب السلبي فيها بطبيعة الحال لخلوها من أي إيجابية تذكر.

ويسلط الضوء على آفاق التخلص من هذه الضغوط، والتحديات القاتلة، مكثراً من الأمثلة السلبية دلالة على سعة الخلل وعمق المأساة.

ويرى الكاتب أن "ليس كل ما يجري في العراق، اليوم، متشحاً بالسواد القاتم رغم وجوده الثقيل. ولا تعني الأمثلة الواردة حول أخطاء السياسيين والمسؤولين ومن هم في سدة السلطة والحكم أن البلاد أصبحت خالية من الوطنيين والحكماء وذوي الاستقامة المهنية والأخلاقية والسياسية".

لكن مقتضيات الاستدلال على حجم الكارثة المروعة والمأساة المستديمة، تحتم القول، وفقاً للمؤلف، بأن الدوامة التي يشهدها العراق قد "بلغت فعلاً حد المأساة، وثمة مساهمون كثر يتعمدون الابقاء على فتيل النزاعات والاضطرابات مشتعلاً على الدوام".

يناقش الكاتب هذه المسائل الصعبة من زاوية أن "التغيير حدث في العراق بفعل حرب لم يقاتل فيها العراقيون اعتقاداً منهم باستحالة القتال، ورغبة لدى أكثريتهم الساحقة في التخلص من ضغوط الحروب التي أقحموا فيها قسراً لعشرات السنين وأسفرت عن تطورات لم تكن محسوبة أبداً بالنسبة الى الجميع".

فقد أدى ما يسمى بالانفتاح الى إدخال العراق الى ساحة القتال الداخلية والمشاركة في محاربة الارهاب، وتوريط الاسلام طرفاً في هذه القضية، بذريعة أن ثمة أملاً محتملاً لإقامة حياة أفضل بعد قهر السنين. وفي النتيجة، يعتبر الكاتب أنه "بعد أربع سنوات من غزو العراق، وجدت الأطراف المعنية بالوضع العراقي، عرباً ومسلمين وأميركيين وعراقيين مؤيدين ومعارضين، أنهم في قلب المحنة التي لا تميّز بين قاتل ومقتول، ولا تفهم فيها الأهداف والاتجاهات ولا الغايات البعيدة والقريبة. كما لا يعي السائرون في فلكها والمشاركون في أحداثها كيفية الخروج من هذا المأزق بسلام أو بأقل خسائر ممكنة".

ويقول الكاتب في هذا السياق "إن بغداد، على سبيل المثال، التي تشهد تحولات خطيرة نحو الأسوأ، حيث يأكل الناس بعضهم بعضاً، سيكون من بينهم من أرهقه السكوت، وأقعده الخوف، ومن ركض مع الراكضين يسرق مع السارقين ويتاجر مع المتاجرين، ولابد من أن يبقى فيهم من لا ينام على الضيم ولا يعلم أولاده النفاق والكذب والانتهازية. ولا بد أيضاً من أن يكون فيهم من لا يزال يحفظ مكاناً للود والاحترام مع جاره ويدافع عنه حتى ولو كان من طائفة أخرى أو عرق آخر أو عقيدة سياسية أو دينية أخرى. في هذا الزمن الرديء المفعم بالغثيان والهذيان والتبعثر، لم يبق أمام المثقفين وأهل الضمائر إلا أن يكتبوا لا لكي يغيروا مسيرة التروي والانهيار، بل للتذكير بأنه ما يزال في العراق مواطنون يتميزون بالطهر والنقاء والاحساس العميق بأهمية الوطنية وترجيح كفة المبادئ والقيم الانسانية".

ولد الكاتب في قرية الجمجمة في محافظة بابل في العام 1946. أكمل دروسه الجامعية في جامعة المستنصرية في العراق. حصل على دبلوم في التربية من جامعة عين شمس في مصر. نال شهادة الدكتوراه في علم النفس السريري من جامعة بغداد. خدم في الجيش العراقي، وعُيّن ملحقاً في السفارة العراقية في العاصمة الفرنسية، باريس، وعمل أستاذاً جامعياً لمادة علم النفس والصحة النفسية.

يتضمن الكتاب الفصول الآتية: جذور المحنة، شمولية المحنة، جوانب المحنة، التصدع، الطائفية، التناشز المعرفي، التدليس السياسي، الفساد، العدوانية، العوامل النفسية، المواقف النفسية، الجهد النفسي، التحريض النفسي، التداعيات النفسية، ويقع في (423) صفحة من القطع الكبير.