د.محمد حسن المومني يكتب: متى ستنتهي أزمة كورونا؟

هذا هو سؤال المليون الذي يتسابق الجميع لمعرفة جواب له. لا أحد، ولا حتى أكثر العلماء إلماما ومعرفة بهذا الخطر الوبائي العالمي المتفشي، يستطيع أن يجزم متى سيكون انتهاء حالة الإرباك العالمي التي تسبب بها فيروس كورونا. البعض يعتقد أن الأمر سيتم السيطرة عليه بحلول الصيف مستندين بذلك لارتفاع درجات الحرارة القاتلة للفيروس، آخرون يعتقدون أن الأمر يرتبط بإيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا قياسا على تجربة العالم مع وبائي السارس وإيبولا، لذلك تجد العلماء بشتى أصقاع الأرض يتسابقون للبحث عن اللقاح المضاد، وهو ما يمكن أن يحدث بغضون أشهر. فريق ثالث يعتقد أن الطريق الأكثر منطقية يكمن بالسيطرة على تفشي الفيروس لدرجة تسمح بأن تتمكن الأنظمة الصحية الوطنية في الدول من التعامل مع حالاته؛ أي أن تكون أعداد ومعدلات الإصابات يمكن التعامل معها طبيا لا أن تنهار الأنظمة الصحية بسبب التدفق الهائل بأعداد المرضى. هناك فريق أخير يقول بضرورة وحتمية انتشار الفيروس على نحو شامل والناجون منه يصبحون تلقائيا محصنين مناعيا، وهذا هو الأسلوب الذي تبناه رئيس وزراء بريطانيا ورئيس الولايات المتحدة في البداية قبل أن يتراجعا عنه أمام موجات الضحايا التي تسبب بها انتشار فيروس كورونا. من المفيد رؤية كيف تباين تعامل الدول مع هذا الوباء العالمي، وما هي الدول التي صمدت أنظمتها الصحية وتلك التي لم تصمد، ومثير أكثر ملاحظة كيفية تعامل السياسيين وقادة الدول مع هذا الخطر العالمي الذي طرق أبواب الدول؛ حيث تراوحت ردود الفعل بين الإنكار والتسخيف الى اعتبار ما يحدث كارثة وطنية عامة استدعت حالة الطوارئ. مهم أن نرى كيف واءم السياسيون بين الأبعاد الإنسانية، والدولية، والاقتصادية، والسياسية المصلحية. فيروس كورونا خلط كل هذه الأوراق وأربك غالبية السياسيين الذين اعتادوا التعامل مع معادلات مصلحية واضحة غابت عنها تعقيدات المشهد الدولي والإنساني في غالب الأحيان. دول آسيا بالمجمل أظهرت قدرة جيدة على التعامل الوطني والمؤسسي مع هذا النوع من التحديات، في حين نجحت بعض دول أوروبا مثل ألمانيا والسويد وإلى حد ما فرنسا، وأخفقت إيطاليا وإسبانيا وبدرجة أقل بريطانيا. أميركا كانت مفاجأة العالم؛ حيث كان من المتوقع أن تكون أفضل أو من أفضل الدول بالتعامل مع تحدي كورونا نظراً للتطور الطبي الكبير والقدرات المالية الهائلة للحكومة. أخفقت الحكومة الأميركية على صعيد توقيت القرار خاصة في البدايات، ثم ظهرت صعوبات التنسيق المؤسسي في بعض الولايات، وظهرت أيضا صعوبات في اتخاذ القرار أمام أهمية استدامة الاقتصاد الذي بقي يحتل الأولوية في القرار حتى في ظل هذا التحدي الوبائي العالمي. لم يكن هناك قائد عالمي لهذه الأزمة، فلا أحد يريد أن يدفع مالا لمواجهتها، ولا أحد قدم نموذج تعامل وطني تستطيع باقي الدول تطبيقه. هذا معناه حتمية العمل الجماعي الدولي -وليس الأحادي- من خلال المنظمات الدولية في مرحلة ما بعد كورونا.اضافة اعلان