ذرة أمل

معاريف

*بقلم: متان فيلنائي

اضافة اعلان

ان اتفاق التطبيع مع اتحاد الامارات هو انجاز سياسي مهم. ومع ذلك، كلما مر الوقت يتبين أن الادعاء أن الحديث يدور عن اتفاق "السلام مقابل السلام" بعيد عن الواقع، وانه مقابل هذا السلام دفعت اسرائيل الثمن بالغاء الضم – الذي كان على اي حال هو الامر الصائب عمله – أم بعملات اشكالية مثل خلق شك في ضرورة معارضتها لبيع طائرات اف 35 للامارات.
ان التعاون والتطبيع للعلاقات مع دول في المنطقة هما مصلحة اسرائيلية صرفة. ولكن ليس فيهما ما يعفينا من خناق النزاع مع الفلسطينيين. وبالتالي، فان اختبار الزعامة هو في توجيه الامكانية الكامنة الناشئة مع اقامة العلاقات المتوقعة مع الامارات نحو تجنيد المساعدة في عملية الانفصال الحيوية عن الفلسطينيين. وكما اسلفنا، فقد أنتج الاتفاق منذ الآن علاوة مهمة في هذا الاتجاه: ازالة الضم عن جدول الاعمال. غير أن هذا لا يكفي لتحويل الميل: من الانزلاق باتجاه واقع الدولة الواحدة، المشتركة للشعبين، والتي تعني نهاية المشروع الصهيوني، الى الاتجاه المعاكس للانفصال العاقل والمضبوط في الطريق الى تسوية الدولتين.
ان خطة "الامن اولا" لحركة "قادة من اجل أمن اسرائيل"، والتي نعمل هذه الايام على تحديثها وتكييفها مع الواقع المتغير، يمكن ان تشكل اساسا في الدفع الى الامام بالانفصال اللازم. للخطة ثلاث اقدام: أمنية، اقتصادية وسياسية، والتي في التداخل فيما بينها يكمن الامل في تقليص الاحتكاك بين الفئتين السكانيتين، تحسين حياة السكان الفلسطينيين وقدرة حكم السلطة الفلسطينية، تعزيز المحافل المعتدلة واضعاف المتطرفين وغيره – كل الشروط لزيادة الاستقرار، خلق واقع من الانفصال المدني وتهيئة الارض لمفاوضات مستقبلية. ماذا لا يوجد الخطة؟ ليس فيها اي تغيير في انتشار الجيش الاسرائيلي الذي سيواصل السيطرة في المجال طالما لم يتفق على تسوية امنية في اطار اتفاق مستقبلي، وليس فيها اخلاء قسري لاي مستوطن او مستوطنة.
مدماك مركزي واحد في "القدم الامنية" للخطة هو استكمال الجدار الامني في مسار امني من خلال اغلاق ثغرات كبرى فيه، وفرض نظام حدودي متشدد على طوله. فلا تبقى ثغرات تدعو الماكثين غير القانونيين. النهاية لظاهرة الماكثين غير القانونيين، الى جانب الانفاذ الحازم للقانون والنظام في الاحياء والقرى الفلسطينية في شرقي القدس سيساهم في امن كل اسرائيلي يعيش غربي الجدار.
ويفترض بـ "القدم الاقتصادية" اساسا ان تزيل ا لحواجز امام تنمية اقتصادية وتشغيلية فلسطينية. يخيل انه في عصر وباء الكورونا من جهة والبالونات المتفجرة التي لا تطاق من الجهة الاخرى لا حاجة للاستطراد في الكلام بالنسبة لاهمية الاستقرار ونجاعة قدرة حكم السلطة وتأييد الجمهور الفلسطيني لها، مثلما هي تهدئة المنطقة في القطاع. وبالتالي، اضافة الى الاعتبارات القيمية والانسانية، فان صحة الجمهور في اسرائيل تستوجب التأكد بانه في الطرف الاخر من الانفصال يقل الدافع لضعضعة الاستقرار ويزيد التأييد للجهات المعتدلة. سياسة اسرائيلية تجسد بالملموس جدية النوايات للانفصال وللتسوية المستقبلية لا يكون من الصعب ان تقنع الدول المانحة – من المنطقة وخارجها – لاستئناف استثماراتها في البنى التحتية وفي ا لاقتصاد الفلسطيني. وفي الاختراق السياسي مع الامارات تكمن الفرصة لتجنيدها لاداء دور اساسي في هذا ا لسياق.
ما يأتي بنا الى "القدم السياسية"، والتي اساسها احياء الامل في التسوية واعادة بناء المصداقية الاسرائيلية في هذا السياق. حقيقة أنه في واقع ادارة امريكية مؤيدة لاسرائيل بل ومؤيدة للمستوطنات لم يخرج الضم الى حيز التنفيذ، وحقيقة ان ابا الفكرة قرر التخلي عنها في صالح العلاقات مع دولة هامة في الخليج، تشهدان على أنه لا مفر من العودة الى مخطط الدولتين.
على اسرائيل ان تعلن عن التزامين: الاول، لتسوية الدولتين القائمة على اساس المبادئ المعروفة، ولكن ليس فيها مساومة على التسويات الامنية التي ستصر عليها اسرائيل في المفاوضات المستقبلية. كما يجدر أن تعلن اسرائيل انها ترى بالايجاب مبادرة السلام العربية وتبعا للايضاحات، ترى فيها اطارا لمفاوضات مستقبلية. اما الالتزام الثاني فهو عدم اتخاذ خطوات من طرف واحد.
ان السبيل الى تسوية سياسية مع الفلسطينيين ما يزال طويلا، وحكومة اسرائيل لم تتبنى بعد خطة الانفصال التي وضعها القادة (او كل مبادرة اخرى في السياق الفلسطيني). والاتفاق مع الامارات والغاء الضم يعطيان ذرة امل للتغيير الضروري في أرضنا الصغيرة هذه وفي المنطقة كلها.
*لواء احتياط، رئيس حركة "قادة من أجل أمن اسرائيل"