ذريعة الاحتلال

عاموس جلبوع- معاريف

منذ وقت غير بعيد نشرت "العصبة ضد التشهير" استطلاعا شاملا عن حجم اللاسامية في العالم. وأشارت النتائج إلى أن المنطقة التي تتركز فيها أعلى نسبة لمن يتبنى مواقف لاسامية هي الشرق الاوسط وشمال افريقيا – 74 في المائة (الثانية بعد أوروبا) وفي داخل الشرق الاوسط، يحتل سكان الضفة الغربية وغزة المرتبة الاولى، مع 93 في المئة.اضافة اعلان
واضح أن الفلسطينيين في الضفة وفي غزة يحتلون المرتبة الاولى في اللاسامية في العالم بسبب النزاع مع إسرائيل وبسبب حقيقة أن أكثر من نصفهم يخضعون لـ "الاحتلال". كما أنه ليس مفاجئا انه في أوساط الدول العربية المختلفة تنتشر اللاسامية في الاغلبية الساحقة من السكان، بسبب "القضية الفلسطينية" والنزاع الإسرائيلي – العربي. ولكن، برأيي يوجد مستوى آخر لدى الفلسطينيين والدول العربية، وهذا هو مستوى اللاسامية العربية – الإسلامية الذي هو جديد نسبيا. و"يستولي" هذا المستوى على العنصر الوطني الفلسطيني – العربي، وهو الذي يمنح بعدا عميقا للعداء العربي – الإسلامي للدولة اليهودية، ويجعل من الصعب انهاء نزاعنا مع الفلسطينيين. فماذا يعني هذا؟
في العالم الإسلامي لم تكن في الماضي لا سامية في الصيغة الأوروبية – المسيحية. ومع أن اليهود عانوا تحت حكم الإسلام من التمييز والملاحقة بين الحين والاخر، ولكنهم كانوا بشكل عام رعايا محميين من الاغلبية الإسلامية التي ضمنت حياتهم وأملاكهم. وفي القرن التاسع عشر فقط عندما تسلل الغرب إلى الامبراطورية العثمانية، جلب معه اللاسامية المسيحية "الكلاسيكية" أيضا. وفي القرن العشرين، على اساس النزاع القومي مع الحاضرة اليهودية في بلاد إسرائيل وعلى خلفية صعود النازية بدأت اللاسامية المسيحية – الأوروبية تكتسب لها مكانا في العالم العربي، ولا سيما في أوساط رجال الحركة الوطنية العربية.
في العقود الأخيرة، ولا سيما عندما تعزز الإسلام الراديكالي في العالم العربي، تلقت اللاسامية أيضا طابعا إسلاميا بارزا. وقد اخذ هذا الطابع مباشرة من التقاليد الإسلامية عن تصدي النبي محمد للقبائل اليهودية التي رفضت قبول الإسلام في شبه الجزيرة العربية. ولما كان هكذا، فقد حكم عليهم بحياة المسكنة والمهانة، ناهيك عن أنهم كفروا بما ورد في القرآن، قتلوا أنبياءهم وأغضبوا الرب الذي انتقم منهم. وما يميز أيضا اللاسامية الإسلامية هو نكران الكارثة أو تقزيمها، وتشبيه إسرائيل بألمانيا النازية واتهام إسرائيل بتنفيذ كارثة ضد الفلسطينيين.
في جانب الطابع الإسلامي، تتضمن اللاسامية العربية أيضا كل لازمات المسيحية – الأوروبية الكلاسيكية: الادعاء بأن اليهود يسيطرون على العالم وعلى وسائل الإعلام، هم محدثو الحروب والثورات وغيرها. وكقاعدة فإن اللاسامية العربية الإسلامية موجهة ضد إسرائيل كدولة صهيونية يهودية وتجاه الشعب اليهودي بمفهومه الديني.
النقطة المهمة هي أن اللاسامية العربية الإسلامية تعطي أيضا الأساس الايديولوجي لفهم منظمات متطرفة مثل حماس والجهاد الإسلامي لدى الفلسطينيين (أو حزب الله والقاعدة على المستوى الدولي)، وبموجبه ينبغي العمل ضد إسرائيل واليهود بالعنف والإرهاب وإدارة حرب شاملة ضدهم حتى الإبادة النهائية.
من يعتقد أن كل المشكلة بيننا وبين الفلسطينيين هي فقط نزاع إقليمي يمكن مع النية الطيبة و"الزعامة الشجاعة" إنهاؤه والعيش بسلام تحت كروم العنب والتين – فإنه على ما يبدو يعيش في وهم جميل.