ذوو إعاقة يختبرون تجربة ساحرة بين رمال ‘‘وادي رم‘‘

جانب من نشاطات مبادرة "هدب" في وادي رم- (من المصدر)
جانب من نشاطات مبادرة "هدب" في وادي رم- (من المصدر)

معتصم الرقاد

عمان- كان حلما يراودها أن تزور المكان الأحب على قلبها "وادي رم"، كانت تشاهد صور هذا المكان الساحر الذي يأتيه السياح من كل بقاع الأرض. هي تعشق تضاريسه ورماله وجماله وألوان وديانه، لكنها تدرك بداخلها أن إعاقتها الحركية ستقف عائقا أمامها لزيارة هذا المكان والاستمتاع به.اضافة اعلان
غير أن حلمها تحقق، واستطاعت مؤخرا زيارة وادي رم والاستمتاع برحلة تمنتها كثيرا وبتجربة فريدة رسمت بمخيلتها ذكريات ولحظات لن تنسى، كل ذلك كان برفقة فريق مبادرة "الهدب" والمتطوعين لما قدموه من مساعدة لها مع رفاقها الآخرين، مؤكدة أن كرسيها المتحرك لم يقف حاجزا مع تعاون الموجودين هناك.
مبادرة "الهدب" كانت قد أطلقت مجموعة من الفعاليات لتجوب مناطق المملكة السياحية، برفقة مجموعة مميزة من متحدي الصعوبات سواء أكانت حركية أو بصرية؛ إذ إن هدفها الأساسي دمج العمل الخيري بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الأفراد والمجتمع المحلي.
ومؤخراً، نظمت المبادرة رحلة سياحية تعريفية ترويجية بمنطقة وادي رم في جنوب المملكة، التي تعمد منظمو الرحلة أن يكون الفريق المرافق لهم من ذوي الإعاقة، الذين أظهروا قدرة وتفاعلا كبيرا على مواجة التحديات التي من الممكن أن يواجهها أي سائح في المنطقة، سواء من ناحية الحركة والسير لمسافات طويلة، عدا عن المتعة التي وجدها الفريق في تلك الزيارة.
وعبرت وئام حسن التي تعاني من إعاقة حركية عن سعادتها الكبيرة لوجود مثل هذه المبادرات التطوعية التي أسهمت بنثر الفرح على قلوب الموجودين، من خلال أشخاص يقدمون أشكال المساعدة كافة لمن هم على الكراسي المتحركة بدون كلل ولا ملل، ما كان له كبير الأثر في نفوس الجميع بزيارتهم الأولى لوادي رم.
هذه الرحلة كانت الانطلاقة لهذه المبادرة السياحية في الأردن، والسعي لتبني من يعانون إعاقات حركية وفاقدي البصر، ليكونوا جزءا من هذه المبادرة وإظهار قدرتهم على تمثيل بلادهم في الترويج السياحي لها من خلال مشاركتهم، وفق محمد عبد السلام المعايطة المسؤول في مبادرة "الهدب".
وبين المعايطة أن فكرة مبادرة "الهدب" تهدف لتمكين ذوي الإعاقة في المجتمع وترويج فكرة "سياحة ذوي الإعاقة" من جهة، ومن جهة أخرى توفير التسهيلات البيئية من مواصلات ومرافق عامة في الاستراحات وتهيئة المناطق السياحية لهم وإفساح المجال للجميع للاستمتاع بجمالية الوطن.
وخلال زيارة رم، سلطت "الهدب" الضوء على التراث الأردني والمنتج السياحي في الأردن، وتعريف ما يقارب 25 شابا وفتاة من ذوي الإعاقة وممن فقدوا بصرهم وممن يعانون من مرض السرطان، ولديهم إعاقات حركية، على المناطق السياحية المختلفة وبخاصة وادي رم، والبترا التي تعد إحدى عجائب الدنيا.
وسعت المبادرة إلى تأكيد فكرة أن الإعاقة لا يمكن أن تكون عائقا للسياحة والمشاركة المجتمعية ليكون هؤلاء الأشخاص جزءا من الترويج السياحي للأردن.
وعبر تواجد الفريق المشارك من ذوي الإعاقة، يمكن لمختلف المتابعين من دول العالم كافة أن يصلوا لقناعة بأن وادي رم، على الرغم من تضاريسه المختلفة وصعوبتها أحيانا، لا يشكل عائقا على استمتاع ذوي الإعاقة بين رماله وصخوره.
وأضاف المعايطة، أن من الأهداف الرئيسية للمبادرة ترسيخ دور الشباب في المجتمع من خلال الأعمال التطوعية وورشات العمل من خلال عقد دورات تنموية، بالإضافة إلى إقامة مشاريع لمن لا تتوفر لهم فرص عمل وليس لديهم القدرة على إعالة أسرهم.
كما عبر الشاب العشريني محمد المجالي، عن سعادته بالمشاركة مع فريق مبادرة "الهدب" بعد تغلبه على مرض السرطان، وبتر قدمه اليمنى وتركيب طرف صناعي، ليصبح محارب السرطان وقاهره، وحصل مؤخرا على أفضل عزيمة في مهرجان ذوي الإعاقة لفريق "عزيمتنا".
وتحدثت باندا مساعدة من فريق مبادرة "الهدب"، أن الفريق عازم على أن يكون هناك "توأمة تطوعية مع جميع المبادرات والجمعيات" في سبيل التركيز على مساعدة الأسر العفيفة من خلال تقديم المساعدات الخيرية لهم، وخاصة في ظل الظروف الراهنة واقتراب فصل الشتاء، مع التشديد على تسليط الضوء على ذوي الإعاقات، وإقامة نشاطات عديدة مع مراكز الأيتام ودور المسنين.
وبينت مساعدة، أن سبب تسمية المبادرة بـ"الهدب"، لكونها مرتبطة بالشماغ الأردني ارتباطا وثيقا، والمعروف أن جمال الشماغ بجمال هدبه، وهذه المبادرة تحمل هدب الخير والمحبة والعمل، مشيرةً إلى أنهم كفريق واحد يسعون لخدمة الوطن وترك بصمة إيجابية في العديد من الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياحية والإنسانية والخيرية.
وأضافت "نحرص كل الحرص على تسليط الضوء على المناطق السياحية في الأردن من خلال هذه المبادرات الهادفة من أعماق التراث الأردني الأصيل وسيتم مواصلة المشوار حتى تحقق الهدف المرجو منها في المناطق السياحية كافة في المملكة".
وبسعادة غامرة بدت واضحة على وجهها، قالت المتطوعة سماهر العدوان، إن شعورها لا يوصف وهي تمد يد العون لأصدقاء لا يستطيعون الحركة، ونشر السعادة فيما بينهم من خلال مساعدتهم على التنقل وهم على مقاعدهم.