رأس السنة الهجرية.. فرح بمناسبة دينية تحوي عبرا ومواعظ

يحتفل المسلمون اليوم برأس السنة الهجرية - (أرشيفية)
يحتفل المسلمون اليوم برأس السنة الهجرية - (أرشيفية)

تغريد السعايدة

عمان- يصادف اليوم رأس السنة الهجرية الذي يحتفل فيه العالم الإسلامي بحدث يُعد الأبرز في تاريخ الإسلام، ويجسد بداية فترة زمنية تؤسس للدولة الإسلامية، ليكون الأول من محرم من كل عام هجري، بداية جديدة لعام في التقويم الإسلامي.
في هذا اليوم، الذي يستذكره المسلمون في العالم أجمع، لما له من أهمية تتحدث عن الفترة التي هاجر فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ يتبادل المسلمون التهاني والزيارات، والبعض يتهادى الحلويات.
تقول غيد أحمد إنها تقوم في كل عام بإرسال الرسائل للتهنئة برأس السنة الهجرية، وخاصة لصديقاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مثل “فيسبوك” وعبر “الواتس اب”، إذ تعتبر أن هذه المناسبة “عظيمة في تاريخ الدولة الإسلامية، وعلى الجميع أن يتذكرها، كونها تذكرنا بهجرة الرسول عليه السلام وقيام الدولة الإسلامية آنذاك”.
وتبين أحمد أن بعض صديقاتها يعمدن إلى الاجتماع في منزل إحداهن للقيام بـ “جلسة ذكر” تحضرها الصديقات والمدعوات، وبحضور إحدى الواعظات التي تقدم درساً دينياً يتناسب والحدث، ومنهن من يقمن بصنع الحلويات المختلفة لتقديمها في هذه المناسبة.
العشريني عصام جبرين يقتصر احتفاله بهذه المناسبة على إرسال الرسائل للتهنئة بالعام الهجري الجديد، والتي تحمل عبارات دينية وتذكيرية بالمناسبة، ويرى أن الاحتفال برأس السنة الهجرية “صورة جميلة تعيد المسلمين للأحداث الدينية التي مرت في التاريخ الإسلامي، ومدى الاهتمام بها”.
ويحرص جبرين على وضع صور دينية عبر مواقع التواصل الاجتماعي في هذه المناسبة، وتبادل التهنئة مع اصدقائه.
وكغيرها من المناسبات الدينية التي يحتفل فيها المسلمون يقول استاذ الشريعة الاسلامية في الجامعة الاردنية الدكتور أحمد العوايشة إن أغلب الدول الاسلامية تحتفل بهذه اليوم كل واحدة على طريقتها، ومن هنا، يأتي الاحتفال برأس السنة الهجرية “نوعا من التذكير بهذه المناسبة”.
ويرى العوايشة أنه من الأفضل أن يتزامن الاحتفال بهذه المناسبة بالتعريف ببدايات الدولة الإسلامية وكل ما قام به الرسول عليه السلام من أعمال قيادية لوضع الأسس لرأس السنة الهجرية.
ويعتقد العوايشة أن أهمية التذكير برأس السنة الهجرية نابع من أهمية الدروس والعبر التي يجب علينا كمسلمين أن نأخذ بها ونستفيد منها وخاصة فيما يتعلق ببناء الدول والمحافظة عليها، ومن أبرز تلك الدروس التي يجب على المجتمع الإسلامي أن يطبقها هي أن “ابناء المجتمع الواحد بحاجة إلى المؤاخاة ومواجهة الصعاب من أجل الاستمرار والعيش بحياة كريمة متماسكة”.
وفي الأردن، كما في غيره من الدول العربية، فإن الكثير من العائلات تحتفل بهذا اليوم من خلال شراء الحلويات الخاصة للاحتفال بالمناسبة، وهو ما تؤكدة غدير قاسم، إذ ان والدتها تشتري حلويات خاصة في هذا اليوم، وهي حلويات “المشبك”، التي تتعمد بعض محلات الحلويات إنتاجها خلال هذه الأيام نظراً لزيادة الطلب عليها.
وتعتبر قاسم أن الطقوس التي تقوم بها والدتها في هذا اليوم تعتبر صورة جميلة لمدى تعلق الأجيال بالمناسبات الدينية، والحرص على التذكير والاحتفال بها، إذ إن والدتها تقوم منذ الصباح الباكر بعمل القهوة السادة وتحضير حلو المشبك الذي تشتريه مُسبقاً من محال الحلويات، ما ينعكس على الأجواء المفرحة في البيت.
وفي ذات الوقت، تحتفل الدول الإسلامية بطرق مختلفة بمناسبة السنة الهجرية، ففي مصر فإن الاحتفالات تكون بإقامة الموائد الكبيرة، والتي يغلب عليها تناول الحلويات ومنها حلوى المشبك، كما في الأردن، بينما في السعودية، وخاصة في مكة المكرمة فإن الاحتفال يكون من خلال التلاوات القرآنية وتبادل التهاني، لدرجة أن بعض المناطق تأخذ طابعا احتفالياً، كما في الأعياد.
كما أن أهل مكة المكرمة يحرصون على تناول طبق الملوخية من باب التفاؤل بحلول سنة جديدة ويتناولون الحليب “أبو الهيل” الذي يجلب أيضا التفاؤل والخير لهم عند اطلالة العام الجديد ببياضه الذي يرمز الى الطهارة والبركة.
ويضيف العوايشة أن الهجرة “لم تكن فراراً من أذى قريش بل هي هجرة بأمر الله لينتقل بالدعوة إلى مكان آمن يستطيع أن يبلغ فيها رسالة الله إلى الناس”، والدليل على ذلك قوله عليه السلام “إني أُريتُ دار هجرتكم أرضٌ سبخة بين لابتين”، أي ذات نخل أو بين جبلين، وهذا دليل على أن الله أمر الرسول عليه السلام بالهجرة إلى المدينة من أجل الدعوة للاسلام.
وكان عمر بن الخطاب هو من قرر، وفق العوايشة، أن يكون بداية محرم بداية رأس السنة الهجرية، على الرغم من أن الوقت الفعلي للهجرة كان في ربيع الأول، لأنه كان في ذلك الوقت يسير العرب على التقويم العربي الذي يبدأ بشهر محرم.
ومن العبر والدروس المستقاة من التذكير بالهجرة النبوية في هذا اليوم، يقول العوايشة إن ابرز ما يستنبطه الشخص المسلم أن “الأخذ بالأسباب بعد التوكل على الله، من أسباب التوفيق والنجاح”، وكذلك “التخطيط والتنظيم في أمور الحياة”، لافتا إلى أن الرسول عليه السلام والصحابة “لم يهملوا الحياة العامة بالإضافة إلى الدعوة لله”، إذ حرص عليه السلام أن “يُنشئ سوقاً للمسلمين في المدينة بعد أن كانت التجارة حكراً على اليهود آنذاك”.
ويضيف العوايشة، أن الرسول بعد الهجرة “أعطى اهتماماً للزراعة من خلال إعطاء بضعة دونمات للشباب المسلمين لاستصلاحها ومن ثم تملكها”، بالإضافة إلى “القطاع الصناعي حيث أمر بإرسال بعض الشباب إلى اليمن من أجل تعلم المهن والحرف والعودة للمدينة لتعليمها للمسلمين”.

اضافة اعلان

[email protected]

@tagreed_saidah