رؤساء جامعاتنا الأردنية.. التراجع والتخبط في الاختيار

د. كامل محادين

جامعاتنا الأردنية مراكز علمية أسست للتعليم الجامعي وأنتجت على مدى خمسين عاما أجيالا من أبناء الوطن.. نعتز بهم ونفاخر بهم. ومع مطلع السبعينيات والثمانينيات ظهر جيل ممن تخرجوا وغادروا للحصول على شهادات عليا كمبتعثين لدول أوروبا والولايات المتحدة، وعادوا للتدريس ومنهم من أبدع ومنهم من تألق في العملية التعليمية.اضافة اعلان
ومنهم من ترأس جامعاتنا، وأخص بالذكر الأردنية والعلوم والتكنولوجيا ومؤتة واليرموك، واستمرت المسيرة لغاية العام 2005 وبدأ التراجع في الإدارة واختيار الأفضل، وبدأت مرحلة التلاعب فيمن يتبوأ المراكز المتقدمة، وأصبح من يملك مالا أو جاها أو واسطة هو الأفضل في أغلب الأحيان، حتى لو حالف بعض الأكفاء منهم أن يصبح رئيسا أطيح به لسبب أو لآخر. نحن لا ننكر المساءلة بل هي حق ولا نتعدى على القانون.. لرؤساء الجامعات احترام وخاصة لمن أجاد.. أما من لدينا عليه شبهة فساد أو اختلال فاضح في الإدارة فالأصل أن يترجل ويحاسب.
ويحضرني الآن مقالة مطولة كتبتها العام 2005 عندما تمت الإطاحة بسبعة رؤساء جامعات وتمت المناقلة بينهم من جامعة الى أخرى وتمت معاملتهم كرؤساء أقسام في دائرة حكومية، وهنا أذكر نصاً جزئياً من المقالة:
«وكغيري من زملاء جامعيين -وهنا لا أخفي شعوري بأنني لم أكن مرتاحاً بطريقة التبديل المفاجئ لرؤساء الجامعات في الشهر الماضي بهذه الطريقة التي لم تعتدها جامعاتنا، ولا تأتي ضمن الأعراف والعادات في التقليد الجامعي العريق. وأعتقد أنه ليس من العدالة الإطاحة بمجموعة مكونة من سبعة رؤساء لجامعات حكومية، ومن الممكن أن ذلك قد تم لأسباب معينة، وليس من حقي الدخول بتفصيلاتها. ولكن وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم أفهم معنى تغيير رئيس جامعة وتسمية زميل فاضل بديلاً له قبل ثلاثة أو أربعة أشهر من انتهاء دورته الثانية (أي أربع سنوات) أي يكون قد أمضى سبع سنوات ونيف. ألم يكن بالإمكان إيجاد طريقة أخرى أفضل من ذلك؟ أو الانتظار أربعة أشهور أخرى؟!
مع كامل التقدير والاحترام لهم جميعاً كرؤساء جامعات، ولكن كيف يمكن لنا أن نتعامل مع رؤساء الجامعات بهذه الطريقة؟ ألم يكن بالإمكان إيجاد طريقة أفضل وأكرم لهم؟ فرئيس الجامعة يعد بمثابة رأس الهرم الجامعي. وعلى أي حال فقد حصل ما حصل، وأصبح التغيير حقيقة واقعة، وجاءنا زملاء جدد يقودون المرحلة الجديدة المقبلة. ولكن هذا ليس موضوع حديثي ولكنني وددت فقط أن أنوه لهذا الموضوع لأن في النفس غصة».
إن المبدأ الأصح في اختيار رئيس الجامعة ولمدة طويلة في الأردن، اعتمد على الأسس والقوانين المتبعة وجرى في معظم الأحيان بسلاسة ويسر وكان انتقاء الرؤساء في معظم الأحيان يتم بطريقة جيدة حتى وإن لم تكن مقبولة من البعض. لأن الأصل في اختيار رؤساء الجامعات كما في الدول المتقدمة علمياً وحسب الأعراف الجامعية هو ترشيح مجموعة منهم لاختيار الأفضل لرئاسة الجامعة بعد عملية بحث ترتبط بالكفاءة العلمية والشخصية وإنجازاته على الصعيدين العلمي والعملي لوطنه وأمته».
يذكرني الآن عبدالسلام المجالي وناصر الدين الأسد ومروان كمال وعدنان البخيت وعيد الدحيات وعوض خليفات وفوزي غرايبة وسعد حجازي وكامل العجلوني وعلي محافظة وسليمان عربيات ووجيه عويس ووليد المعاني وسعد حجازي ممن طالت خدمتهم وتعدت الست سنوات لكل منهم على الأقل.. وآخرون.
رؤساء الجامعات قامات أكاديمية مهمة، الطريق الى التغيير تبدأ باحترام الذات… هل كنّا مخطئين عندما تم انتقاء البعض قبل سنوات… على سبيل المثال لا الحصر، الجامعة الأردنية وخلال 15 عاما تربع رؤساء عدة على رئاستها (وليد المعاني، عبدالله الموسى، خالد الكركي، عبدالرحيم الحنيطي، عادل الطويسي، اخليف الطراونة، عزمي محافظة، عبدالكريم القضاة).
هل يعقل أن يطلب رئيس جامعة المنصب ويسعى بطرق ملتوية وجهوية ليتبوأ المنصب، هكذا تخريج الأجيال، زملائي طالب الولاية لا يولى. جامعاتنا الأردنية تملك إرثا كبير فحافظوا عليها، وعلى كل المؤسسات العلمية، وإن شاب بعضها الظلم، فقد تأذى المجتمع وساءت المخرجات لأجيال نعتز بها.
أنتم بهذه الطريقة تسيئون لمفهوم العمل الجامعي والتعليم.. كلما جاء وزير تعليم عال يأتي بتعليمات جديدة ويفتي، وفي معظم الأحيان يتناسى كيف أصبح وزيرا أو كيف أصبح رئيسا لجامعة في وقت ما.. تارة لجنة لدراسة المتقدمين وتارة تنسيب مباشر وتارة أخرى مناقلة بين جامعة وأخرى… أهكذا أنتم؟
أفقرتم العمل الأكاديمي الجامعي محتواه.