راشيل كوري.. وأوباما!

عتب الفلسطينيون على الرئيس الأميركي باراك أوباما، لعدم زيارته ضريح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في حين زار كلاً من قبر إسحق رابين، ونُصب المحرقة، وضريح مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل. ولم يتوقف عتب الفلسطينيين على أوباما عند هذا الحد؛ فالرئيس الأميركي لم يلتفت إلى معاناتهم الشديدة جراء الاحتلال الإسرائيلي، وتَغزّل بالكيان الصهيوني بشكل لا مثيل له، مؤكدا على الحلف الاستراتيجي الذي لا تنفصم عراه مع هذا الكيان.اضافة اعلان
وطبعا، فإن هذا ليس غريبا أو مستغربا. بل كان يبدو غريبا لو انتقد أوباما الكيان الصهيوني بكلمة، أو حتى بإشارة، ولكن أن يتغزل بالكيان ويعلن دعمه للأبد، وأن هذا الكيان سيبقى بدعم أميركي، ولن يستطيع أحد إزالته؛ فهذا هو الأمر المتوقع "الطبيعي" من أوباما.
ولذلك، فهو لن يلتفت إلى معاناة الفلسطينيين التي لم تتوقف منذ العام 1948 وقبل ذلك بسنوات، وحتى الآن. ولكنه، طبعا، سيلتفت إلى معاناة اليهود أثناء الحرب العالمية، ويزور نُصب المحرقة، وسيبكي على الضحايا اليهود، ويقول إن معاناتهم آنذاك ستكون الأخيرة.. في حين أن معاناة الفلسطينيين ستستمر، لأن أوباما غير معني بها بالأساس.
وقد تحدث الرئيس الأميركي عن السلام، وعن حل الدولتين، ولكن بخجل، وبدون أي محاولة لإيجاد حل حقيقي وعادل؛ فالأهم هنا هو الكيان الصهيوني وبقاؤه متفوقا على كل دول الجوار والمنطقة، محميا بدعم أميركي على كل المستويات.
لكن، لن يستطيع أوباما، مهما كانت قوة بلاده، أن يحمل السلام لهذا الكيان. فبالرغم من كل الدعم الأميركي، إلا أن الشعب الفسطيني يواصل نضاله، ولن يتوقف. وهذه هي رسالة الفلسطينيين اليوم إلى أوباما. فالشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال المدعوم من أميركا ومن غير أميركا، لم يستسلم، ولن يستسلم، مهما كانت المعاناة والاعتداءات والمؤامرات.
الإرادة تكسر التفوق العسكري.. والإرادة تكسر الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل.. وهي الإرادة التي تتجلى اليوم من خلال الأسير سامر العيساوي؛ المضرب عن الطعام منذ الأول من آب (اغسطس) الماضي، أي منذ أكثر من 245 يوما، فلم ينكسر ولم ينحن، ويواصل إضرابه وتحديه للاحتلال.
الفلسطينيون، وبالرغم من عتبهم على أوباما، إلا أنهم يعرفون تماما أن السياسة الأميركية الرسمية لا تتغير فيما يتعلق بإسرائيل. سينسى الفلسطينيون بسرعة هذه الزيارة التي تركت في ذاكرتهم ذكرى سيئة، ولكنهم لن ينسوا الناشطة الأميركية راشيل كوري؛ فقبل أيام أحيوا ذكرى استشهادها العاشرة.
هذه الفتاة الأميركية استشهدت وهي تدافع عن الفلسطينيين في غزة خلال الاحتلال؛ إذ رفضت أن تبتعد من أمام جرافة إسرائيلية تهدم بيتا فلسطينيا، فلم يتوان المحتل المجرم عن دهسها تحت جنازير جرافته المعتدية.. إنها الذكرى الأميركية العطرة.