"راصد": 51 فجوة في الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان

هديل غبّون

عمّان- خلص تقرير مركز الحياة "راصد" الذي تم إشهاره الخميس الماضي، حول مراجعة للخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان 2016-2025، إلى رصد 51 "فجوة" متعلقة بمحتوى الخطة أو خلال تنفيذ نشاطاتها. اضافة اعلان
ومن بين أهم الفجوات التي رصدها المركز الذي أعد تقريره بطلب من الحكومة وبالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت، "أن الكثير من الأنشطة في الخطة تحتاج إلى قرارات مجلس وزراء عوضا عن تعديل قانون أو إصدار نظام، وأن سير تعديلات قانون العمل باتجاه معاكس لمضامين الخطة الوطنية، وعدم استجابة الموازنة العامة للحكومة الأردنية للنوع الاجتماعي، وإقرار تعديلات قانون الضمان الاجتماعي بما لم ينسجم مع الخطة، كعدم الاخذ بربط التقاعد المبكر بإرادة العامل وحرمان المرأة من راتب التقاعد الأعلى".
ومن أبرز الفجوات أيضا، "افتقار الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان لأدوات المتابعة والتقييم في قياس مدى الإنجاز في مجال حقوق المرأة، وضعف منظومة حماية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، وكذلك عدم التطرق إلى حقوق الملكية الفكرية واستمرار وقوع مسؤولية التحقيق في قضايا التعذيب على عاتق القضاء الشرطي ما يعني المساس الحياد والاستقلالية، وعدم وجود قانون يغطي كل ضمانات المحاكمة العادلة وكل حقوق النزلاء".
في الأثناء، أورد تقرير "راصد" العديد من مواقف ديوان التشريع والرأي التي استعان بها في تقييم الخطة عبر 4 لقاءات مطوّلة، منها ما توافق مع توصيات الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، ومنها ما لم ير ضرورة في بعضها، وهو ما حرص التقرير على نشره كما ورد من ديوان الرأي والتشريع، وفقا لما أكده مدير المركز، عامر بني عامر لـ"الغد".
ونوه التقرير إلى أن "الكثير من الأنشطة في الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، تحتاج إلى قرارات مجلس وزراء عوضا عن تعديل قانون أو إصدار نظام، ومثال ذلك ما رآه ديوان التشريع والرأي أن لا حاجة لتعديل تشريعي لإعفاء اللوازم الخاصة بالأطفال من الرسوم والضرائب ولكن الأمر يتطلب قرارا إداريا فقط".
ومن اللافت في بند رصد الفجوات، "إبداء ديوان الرأي والتشريع عدم تأييده لكثير من المطالبات بالتعديل على مجموعة من التشريعات ضمن الخطة الوطنية الشاملة، من بينها عدم تأييد تخصيص قانون لمكافحة التعذيب وأن قانون العقوبات يكفي لملاحقة مرتكبي التعذيب، واعتبار أن قانون منع الجرائم ليس القانون المعني بتوفير الحماية الاجرائية للموقوفين وأن قانون أصول المحاكمات الجزائية كفيل بتحقيق ذلك وإيجاد البدائل، وأنه لاحاجة لتعديل قانون العقوبات أيضا في هذا السياق".
ويرى "الرأي والتشريع" بحسب ما نقل "راصد" عنه، "أن الكثير من التشريعات والنصوص المطلوب تعديلها، قد تمت معالجتها في نصوص نافذة ضمن "تشريعات وأنظمة" حكومية مختلفة، وفي المحور الأول؛ محور الحقوق السياسية والمدنية رصد التقرير 15 فجوة، من أهمها اعتبار أن مسؤولية التحقيق في قضايا التعذيب ما تزال تقع على عاتق القضاء الشرطي وهذا يمس الحياد والاستقلالية في التحقيق، وعدم الافصاح عن مدونة السلوك القضائي بالرغم من تحديثها مدونة السلوك القضائي التي يتولى التفتيش الإداري تنفيذها وتطويرها، وعدم وجود أي قانون يغطي كل ضمانات المحاكمة العادلة وكل حقوق النزلاء".
ومن بين الفجوات أيضا في هذا المحور، "عدم مصادقة الأردن على البروتوكول الملحق بالعهد المدني والسياسي والذي يحظر على الدول أن تنفذ عقوبة الإعدام، وعدم المصادقة على البروتوكول الملحق الخاص باتفاقية مناهضة التعذيب"، فيما اعتبر التقرير أيضا "أن غياب نص قانوني في التشريعات الأردنية، ينص صراحة على حق الموقوف بتعيين محامٍ في مراحل التحقيق والتوقيف الاحتياطي يعد من بين الفجوات".
ورأى التقرير "أن تحديد الخطة لقانون رعاية الثقافة كأحد القوانين المتعلقة بحق حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، هو أحد الفجوات، إذ رأى أصحاب المصلحة أن لا علاقة لهذا القانون بحق حرية التعبير عن الرأي".
وأشار التقرير إلى "أن هنالك الكثير من الممارسات المخالفة للقانون بالنسبة لحق التجمع السلمي تندرج أيضا ضمن الفجوات،على سبيل المثال؛ منها منع الفعاليات من قبل الحاكم الإداري هي ممارسة مخالفـة لقانون الاجتماعات العامة، وهذا يعود إلى التشريعات التي تعطي مساحة فضفاضة للسلطة التنفيذية بحيث تؤَول الحقوق والتشريعات حسب الحاجة".
وقال التقرير، "إن ديوان الرأي والتشريع، الذي استعان راصد به لإجراء المراجعة، لايرى أن هناك داعيا إلى استحداث تشريع خاص لمكافحة التعذيب، وأن ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب يتم أمام محكمة مدنية، لأن قانون العقوبات يحقق الهدف المرجو من النشاط".
وفيما يتعلق بديوان الرأي والتشريع أيضا، رأى أنه "لا علاقة لمراجعة قانون منع الجرائم لتوفير الحماية الإجرائية والموضوعية لمن يتعرض للتوقيف، وأن قانون أصول المحاكمات الجزائية هو القانون المعني بالتعامل مع الموقوفين أثناء التوقيف بغض النظر عن مصدر قرار التوقيف"، وفقا لراصد.
ورأى ديوان التشريع والرأي كذلك، "أن قانون أصول المحاكمات الجزائية يستطيع توفير الحماية الإجرائية الموضوعية المثلى لمن يتعرض للتوقيف وحصر حالاته وإيجاد بدائل عنه، ولا داعي لتعديل قانون العقوبات لتحقيق هذا النشاط".
وفي السياق ذاته، رأى ديوان التشريع والرأي، أنه "لا حاجة لمراجعة قانون هيئة مكافحة الفساد بهدف توفير الضمانات القانونية اللازمة في مرحلة التحقيق الأولي بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحام، لأن قانون المحاكمات الجزائية تضمن مسالة التوقيف بغض النظر عن مصدر التوقيف".
وأيد ديوان الرأي والتشريع، "عدم الحاجة لتعديل قانون الأمن العام لتوفير الضمانات القانونية اللازمة في مرحلة التحقيق الأولي بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحامي، لأن المادة 85 من قانون الأمن العام أحالت أي مسألة لم يرد عليها نص في قانون الأمن العام إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون المحاكمات الجزائية نظم هذا الموضوع".
ونقل "راصد" عن ديوان الرأي والتشريع، رأيه "بعدم الحاجة أيضا لاستحداث تشريع خاص بهدف " ضمان الدولة لحق ضحايا نظام العدالة الجنائية في التعويض وجبر الضرر لأن القانون المدني تضمن الموضوع بكل جوانبه".
وأوصى ديوان التشريع والرأي، "أن يتم فصل نشاط تدريب العاملين على تطبيق العقوبات المجتمعية والتوسع في إنشاء مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري إلى نشاطين مختلفين، فيتم الفصل كالآتي، العقوبات المجتمعية من مهام وزارة عدل، ومكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري من مهام القضاء الشرعي".
أما في محور الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، فقد بلغ عدد الفجوات المرصودة 16 فجوة، من أهمها أن "تعديلات قانون العمل من حيث السياق العام بعكس اتجاه الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الانسان، حيث ان العناصر الأساسية للقانون مخالفة لتوجهات الخطة، وأن تعديلات قانون العمل المرتبطة بالمرأة غير مجدية نظرًاً لتقديمها الحد الأدنى من الحقوق".
ومن بين الفجوات المرافقة في هذا المحور، إشارة "راصد" إلى أن "غالبية تعديلات قانون الضمان الاجتماعي للعام 2019، لا تنسجم مع المعايير الدولية ولا الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الانسان".
وفي سياق آخر، اعتبر التقرير أن "هنالك ضعفا في صلاحيات وزارة البيئة فهي لا تستطيع السيطرة على نشاطات المؤسسات الاقتصادية الكبرى ذات الممارسات الضارة بالبيئة، مثل حصول مصفاة البترول على استثناء من القواعد الفنية مما ساعدها في تجاوز قانون المواصفات والمقاييس وقانون الصحة العامة وقانون حماية البيئة".
وبين التقرير أن "أوجه القصور في الخطة أيضا ضمن الفجوات المرصودة قياسا على المنجز، فقد ما يزال جزءا من المنظومة التشريعية يكرس نوع من أنواع التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، ومثال ذلك أن نظام اللجان الطبية يفترض بأن الأشخاص ذوي الإعاقة غير لائقين حكما صحيا للعمل".
ولم تشتمل الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، على ما ينظم حقوق المرأة الريفية العاملة في القطاع الزراعي، وأن هنالك خللا في تطبيق قانون حماية البيئة، حيث أصبح هذا القانون منزوع الدسم نتيجة عدم إعطاء صفة الضابطة العدلية للمفتش البيئي، كما ان الخطة لم تتطرق الخطة إلى الحق في الملكية ضمن قانون الملكية الفكرية، وفق "راصد".
وفيما يخص إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور والرواتب التقاعدية والتأمينات وربطها بالتضخم، نوّه التقرير إلى أن ديوان الرأي والتشريع، رأى "أن قانون التقاعد المدني وقانون التقاعد العسكري هي قوانين قاربت على الانتهاء في غضون فترة قصيرة وقانون الضمان الاجتماعي يحقق الهدف المرجو من النشاط ، وأن من المهم مراجعة المؤشر الخاص بالنشاط بما يفيد إلغاء نشاط مراجعة قانون التقاعد المدني والعسكري والضمان الاجتماعي واقتراح التعديلات اللازمة حول ذلك والإبقاء على قانون الضمان الاجتماعي".
أما في محور الفئات الأكثر عرضة للانتهاك (الأطفال والمرأة وكبار السن وذوي الاعاقة)، والذي تضمن رصد 20 فجوة، فقد اعتبر التقرير أن "تركيز بعض مؤسسات المجتمع المدني على النشاطات الخيرية عند استهدافهم لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة، يتعارض مع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة والمعايير الدولية التي صادق الأردن عليها والتي تعنى بالتمكين وليس بالأعمال الخيرية".
ورأى "راصد"، أن "التعديلات الجديدة لقانون الضمان الاجتماعي، حرمت المرأة من راتب التقاعد الأعلى، مع وجود مادة تسمح للمرأة بسحب ضمانها بأي وقت، وتستطيع العودة بأي وقت ولكنها تعود للضمان من الصفر مما سيضعف راتبها التقاعدي".
وأشار التقرير إلى "عدم تضمن الخطة لتأسيس قاعدة بيانات شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة على الرغم من أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قد أوجب على دائرة الإحصاءات العامة القيام بتطويرها، وأشار إلى وجود ضعف واضح في جهود مؤسسات المجتمع المدني في مجال تدريب وبناء قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة".
وفي السياق ذاته، رأى التقرير أنه "ما يزال جزء من المنظومة التشريعية يكرس نوعا من أنواع التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، ومثال ذلك يفترض نظام اللجان الطبية أن الأشخاص ذوي الإعاقة غير لائقين حكما صحيا للعمل، وأن عدد المراكز الأمنية المهيئة وسهلة الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن قليل جدا، وأن هذا ينطبق على الكثير من المحاكم ايضاً اضافة إلى ضعف كفاءة القضاة في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، على الرغم من وجود نص قانوني صريح ضمن قانون الأشخاص ذوي الاعاقة أوجب أن تكون كافة مراحل التقاضي مهيئة
وواضحة للأشخاص ذوي الإعاقة مثل أن تكون مهيأة بطريقة برايل وترجمة لغة الإشارة وأن يتوفر خبراء للتواصل مع ذوي الإعاقات النفسية والذهنية".
وفي ملف المرأة ضمن هذا المحور، أشار التقرير إلى أن "الخطة الوطنية لحقوق الإنسان لأدوات المتابعة والتقييم، حيث يصعب معرفة مدى الإنجاز في مجال حقوق المرأة، إضافة إلى عدم استجابة الموازنة العامة للحكومة الأردنية للنوع الاجتماعي".