رانة نزال في "بيت العين": أصداء الحنين والتوق إلى التجسد الإنساني

رانة نزال في "بيت العين": أصداء الحنين والتوق إلى التجسد الإنساني
رانة نزال في "بيت العين": أصداء الحنين والتوق إلى التجسد الإنساني

شاعرة أردنية مقيمة في البحرين تصدر ديوانها الثالث

 

عمان ـ الغد ـ تقدم الشاعرة رانة نزال في مجموعتها الشعرية الثالثة "بيت العين" مزجا بين الأجواء الصوفية، والصور الشعرية المشغولة بالحنين، والتوق إلى التجسد الإنساني بلغة تحتفي بالتفاصيل اليومية.

اضافة اعلان

"هذا البوح لوردته شوكة

لنحلته الملكيّة

لسعة

تقرصنا في عزِّ البرد

ونظلُّ لها

نسعى".

وبهذه الافتتاحية تقدّم الشاعرة رانة نزال مجموعتها التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للعام 2008م بعد مجموعتيها الصادرتين عن نفس الدار "فيما كان" 1998م و"مزاج أزرق" 2007م.

وتوزعت مادة الديوان الشعرية بين القصائد القصيرة والقصائدة المطولة التي حملت عناوين منفصلة أدرجتها الشاعرة تحت عنوانين هما

"فسيفساء لابن عربي" و"مذاق التراب"، وقصائد الديوان التسع وخمسون قصيدة توزعت على صفحاته المائتين وثماني عشرة صفحة صدرتها الشاعرة بإهداء جاء فيه:"ما ثمّة غير خيط القصيد أعمد به الأرق، أحوكه نطاقاً أزيّن به عمري، فأتوب يا أمي دفعة واحدة" وختمته بقولها:

" عاد الورد

صبّحَ عليّ

وبين يدي

تمدد

تعربش الكتف اليمنى

لثغ باسمه

بالأبيض

حبا على وجنة الخاطرة

قبل خالي الأيمن

ويلي

أخشى أن يتبدد"

وتحركت أجواؤه الشعرية بين الصوفية التي جسدتها تجربة "فسيفساء لابن عربي " بعنوان فرعي " الخمسة البيوتات" بيت العين، بيت الشّم، بيت السّمع، بيت الجلد، بيت الذوق" وفي الأخيرة تقول:

" لا تقصص رؤياك

أمتني لأنتبه

لأذوق نوري

وأرى عينَ ظلي فيك

أقبضُ عليه

أتفَطّنُ

إذ لا أدري

وتدري

ما يفعلُ حين يسري بنا

الذوقُ

فليتَ كلُّ نفس ذائقةٌ ما أذوق

فسَجِّ ذوقَك

ولأسري عنك

وأصدّق مابك حين تريد

فكم كنت وهماً لديّ

وذوقك همّ

موصولٌ غير منفكّ"

وبين القصيدة المكثفة المختزلة التي تزدحم عوالمها بالتأويل والاحتمالات تاركة للقارئ فعل المشاركة والاسهام بقوله وحسه تقول:

" أناشد بيت الشّجرة

رحِم أمي أن يظلني

حيث لا ظليل ... ولا يغني من اللّهب".

وتضيف:

" ماء كلامها يلذع

طلتها واهية

وورقها مصفرٌ

تلك الظهيرة المرجومة

سقطت

فمد غصن قامته

واستلقى ليلقفها

فتساقطت حلاوة اللّهب".

وقد نشرت مجموعة من القصائد في عدد من الدوريات والصحف والمجلات العربية منها "دورية البحرين الثقافية"، "جريدة القدس العربي"، و"الرأي" و"الغد" و"الدستور"، و"الحياة "، و"الأيام" وفي عدد من المواقع الالكترونية، والشاعرة بصدد نشر الديوان الثالث "بيت العين" على موقعها الالكتروني www.ranahnazzal.ws.

وإذ ترّن في الديوان أصداء الحنين إلى المحلوم والتوق إلى التجسد الإنساني والتمظهر والتحقق للمعاني الغزيرة التي يشتاقها الإنسان في رحلته، فإن الشاعرة تظل مسكونة بأرق يشدها نحو الغيبي الذي عبرت عنه في قصائد المجموعة من مثل قولها في قصيدة حملت عنوان " ذات عطر" :

" مشتاقةٌ نحلاتُها المبللاتُ

بكركرات الضحى

للحارّ من أنفاسها التي أسلمتها

للحقل

لصورته الراعفة

لمجده الغامض

ويده الباهرة

تلك الوردة التي نَدَهَت جمرتَها

فانهمرت

حين زمّلتها يدُ القاطف

الباكية

لاحت عند شامتها

ممالك قرمطية

شاردة

ساحرة

تلك الوردة

جذرها

يطلقُ عريه

لجذره

للصوت المجروح

في ترنيمة حبل الوريد

سياطاً

عينُ عينها

كائنٌ عطريُّ المزاج

أقام في ضلوعها

مدينة الإنجاب

وجنائن الطفولة

الأزلية"

وليتقاطع في المجموعة صوت الجواني بالتفاصيل اليومية لا من حيث كونها تفاصيل، بل من حيث امتدادها في الحياة، وارتدادها في التعبير عن المعاني الأعمق، وإن غلبت على بعض القصائد نزعة تصالحية تسامحية:

" هلم نجرجر حكمتنا وصبوتنا

ولتَرْتَحْ

كما جئتك

مرصوداً

موعوداً

بما شئت لك

أحمِلُ الكلام خفيفا

وآتيكَ ريشةً تخط بمدادها

لحن الحياة على خاصرتك المتعبة

تزمّلُ أفكار الليل

ترسمُها

وتزفُّ عرائس قصائدك إليّ".

فإن أخرى تنبري للتصدي والتساؤل المخدوش بحدّة لاذعة عن المعنى والقيمة والمغزى تقول:

"واكتنزتُ بلؤلؤ التيه

لا رايتي سوداء

ولا عندي عظة

معفّرة من بلاد التين

زيتونها اليشارف البحر

لا ينسى

يمزج النار بالنور

ولا ينسى زيت الاسلاف الرباني

اللاشرقي

واللاغربي

فينهرُ عدم الاصلاب الموات".