رانيا إسماعيل: التمثيل دم يسري في العروق

أحمد الشوابكة

عمان- يشكل "البعد الجمالي والمعرفي" داخل النص المسرحي موطناً رحباً في توجيه رسالته الإنسانية بعيداً عن الابتذال الفني، وفق الممثلة رانيا إسماعيل التي تحاول أن تخط لنفسها مسارا مسرحيا مغايرا عن أقرانها داخل الحركة المسرحية بمواضيع جريئة، بعيدا عن ثقافة الاستهلاك.اضافة اعلان
ورغم المنغصات التي تواجهها الحركة الفنية، إلا أن إسماعيل لم تغب عن الساحة الفنية، فهي حاضرة مع زوجها الفنان حسن سبايلة ليشكلا ثنائيا في جميع أعمالهما المسرحية والتلفزيونية المشتركة.
وتكلل جهد رانيا إسماعيل في أدائها التمثيل في تقديم رسائل إنسانية عن واقع الحال المجتمعي، لاختيارها سفيرة النوايا الحسنة لمكافحة مرض السل في منظمة الصحة العالمية، والذي اعتبرته وساماً لتاريخها الفني الحافل على مدى أكثر من عقدين في عالم الفن الإبداعي.
وقطعت الفنانة إسماعيل شوطاً طويلاً من الحداثة في أدائها في عالم التمثيل المسرحي، حتى تمكنت من الوصول إلى مرحلة متقدمة على خشبة المسرح الهادف وبناء رسالة جذورها عميقة.
ووفق ما ذكرت لـ"الغد"، فإن التحكم بالشكل والأداء التمثيلي يؤدي إلى استيعاب المغزى للرسالة التوعوية، وبالتالي تؤدي أيضاً إلى الانصياع بفكر متعمق الجذور، وهذا فعلياً ما نسعى إليه في أعمالنا التلفزيونية والمسرحية كافة. ويشكل المسرح عند إسماعيل مرتجعاً لتحقيق أحلامها الثقافية والفنية الإبداعية، معتبره إياه فضاء واسعا يسهم في تكريس وإرساء دائم للفعل المسرحي الجديد ليوظف بطريقة التحام مع واقع وهموم المجتمع.
ورأت الفنانة رانيا إسماعيل، في حديثها لـ"الغد"، أن تجربة الثنائي "زعل وخضرا"، امتداد عميق لهذا النوع من أشكال العمل المسرحي المتكامل، بدون كلل أو ملل وبدون دعم مادي من جهة ما، ويتضمن مواضيع فكرية وسياسية مرتبطة بالتحولات السياسية والاجتماعية، التي شهدها المجتمع، ثائراً بذكاء على القوالب المسرحية.
وتطرقت رانيا إسماعيل إلى شخصيتي "زعل وخضرة"، ودور هاتين الشخصيتين في التوعية والتثقيف المجتمعي، وتأثير المسرح في مكافحة الإرهاب والحد من التطرف، مؤكدة أن هذه المبادرة تعد من أهم مبادرات الوطن في توعية الأطفال والشباب وتوجيههم للحيلولة دون الوقوع في شبكات التطرف الفكري والانضمام للعصابات التكفيرية الإرهابية. لتعود وتؤكد أهمية النص المسرحي الهادف، الذي يرتكن على جعل الخشبة فضاء رحبا، ومختبرا للتفكير ومساءلة للامفكر فيه داخل المجتمع.
واعتبرت إسماعيل التمثيل بمثابة الدم الذي يسري بالعروق، وتكلل ذلك بصقل خبرتها وموهبتها الأكاديمية، وعلى هذا الأساس أنهت دراستها في مجال الفنون الجميلة، مشيرة إلى أن الموهبة هي الأساس للفنان.
وتقول عضو نقابة الفنانين الأردنيين "نفتقر لوجود "صناع النجوم" على خلاف بعض الدول العربية التي نجحت في مجال الدراما والأفلام السينمائية، وأسهمت في تفرغ الفنان لعمله الإبداعي، واستثمرت طاقاتها الفنية، في خدمة اقتصادها ونجحت، ولكن في الأردن لا توجد هذه الآلية، ما أدى إلى عرقلة في تواجد اسم فنان أردني معروف على مستوى الوطن العربي، إلا بعض الفنانين الأردنيين الذين طرزوا أسماءهم في سماء الدراما العربية، واحتلوا مكانة مرموقة في هذا الجانب أمثال (إياد نصار ومنذر الرياحنة وصبا مبارك)، وهذا ما يثلج الصدر".
وتؤكد أهمية ما يفعله منتج القطاع الخاص بضخ الوجوه الجديدة في الدراما الأردنية، لأن المتلقي العربي يمل جداً من مشاهدة الوجوه نفسها كل عام حتى لو كانت متميزة، مشيرة إلى أن الدراما الأردنية بحاجة إلى ممثلين جدد ملائمين للأعمال الاجتماعية والبدوية على حد سواء.
وتضيف أن الدراما الأردنية بالذات بحاجة لوجوه جديدة من كلا الجنسين، لتكون امتداداً للنجوم الرواد الكبار ومساندة لهم، مؤكدة أن المشاهد أينما وجد يقتنع من خلال النص الجيد، والمصداقية في الأداء، والابتعاد عن الخداع والزيف وعدم الاستخفاف بذكاء المشاهد وذائقته.
وأعربت عن تفاؤلها بدعم الحكومة للفن الأردني، والذي يقدم رسالة توعوية مهمة، مؤكدة ضرورة أن يلاقي الفنان الأردني الدعم بأشكاله كافة، حتى يستطيع أن يبرز مكنونه الإبداعي، وينقل الصورة الحقيقية للفن الأردني الذي هو مرآة الوطن وسفيره في المحافل العربية والدولية. وأشارت إلى أهمية التفاعل الإيجابي بين الحكومة والقطاع الخاص للإنتاج الفني من تخفيف الأعباء والضرائب، وتسهيل مهمة عملية الإنتاج، كي لا تتوقف حركة الإنتاج الفني في الأردن، وتعاد الحركة الفنية إلى التراجع، بعد عملية الانتعاش.
وتناولت إسماعيل المحاور والأبعاد الأساسية للمسرح التفاعلي الكوميدي التوعوي، الذي يهدف إلى بث رسائل توعوية للطلبة بمخاطر الظواهر السلبية، وعدم السماح للآخرين باستغلالها من أجل ترويجها.
وتقول "إن المسرح التفاعلي التوعوي لاقى من الدول والمجتمعات الكثير من الاهتمام والعناية؛ حيث أخذ مسرح الأطفال طابعا جديدا، ولم يعد المسرح وسيلة للتسلية والترفيه فحسب، بل أصبح وسيلة فعالة للتعليم والتثقيف، ونشر الأفكار، وصار يستخدم أداة فاعلة في مساعدة المعلمين على تدريس كثير من المواد العلمية والمنهاجية، ونقلها إلى الأطفال بأسلوب يعتمد عنصري التشويق والتبسيط، بما يعود بالنفع والفائدة على الأطفال في مراحل طفولتهم المختلفة".
وترسل مسرحية "ديروا بالكو على حالكو"، التي تستهدف فئة الشباب من الصف السابع تقريبا الى مرحلة الثانوية العامة، رسائل تفاعلية عدة، مشيرة إلى دور الفنان بالوصول الى فكر الشباب الذي يقدمه لهم العمل الفني.
وأضافت أن المسرح يعمل على إكساب الطلبة الكثير من أساليب السلوك والاتجاهات الإيجابية نحو الذات والمجتمع والأمة، وأن الحاجة قد غدت ملحة الآن أكثر للاهتمام بالمسرح في المدارس والجامعات لخلق جيل يحمل أفكاراً تصالحية مع الذات والآخر، تقوم على التعايش والسلم الاجتماعي، فنحن بحاجة إلى ربيع ثقافي في كل دولة عربية ينتج عنه مؤتمر ثقافي عربي يحمل خطاباً تنويرياً يعالج مشكلات الشباب، ويمنع الأسباب التي تؤدي إلى التطرف، فالمعركة في العالم اليوم ثقافية.
وحول دورها بمكافحة مرض السل في الأردن كونها سفيرة النوايا الحسنة في منظمة الصحة العالمية، فقد أكدت أن الوضع في الأردن مستقر لمكافحة مرض السل من خلال البرنامج الوطني الأردني لمكافحة السل بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية ووزارة الصحة الأردنية وجمعية مكافحة السل الأردنية، ومصحة النور لتقديم خدمات مرضى السل للاجئين السوريين.
وعملت رانيا مع العديد من المنظمات الدولية، بمواضيع متعددة، كمرضي السل والإيدز، وحقوق المرأة وحقوق الطفل، وتنظيم الأسرة، والتوعية المرورية، ومكافحة الإرهاب، والثقافة البيئية، والطاقة، وترشيد استهلاك المياه، وتمكين المجتمعات.
ودربت العديد من الشباب والشابات في عدد من المحافظات على أساسيات المسرح، وشكلت وزوجها فرقا مسرحية عدة تطرح قضايا معاصرة.
يشار إلى أن سفيرة النوايا الحسنة رانيا إسماعيل حاصلة على البكالوريوس من جامعة اليرموك تخصص فنون جميلة، وعلى درجة الماجستير من كلية العلوم التربوية تخصص إرشاد نفسي من الجامعة الأردنية وتم قبولها في كلية الدراسات العليا بالجامعة الأردنية ببرنامج الدكتوراه، تخصص إرشاد نفسي، ومن أهم الأعمال الدرامية التي شاركت فيها: "الطريق إلى كابول"، "نقطة في سطر"، "سلطانة"، "وادي الغجر"، "مخلفات الزوابع الأخيرة"، "مدرسة الأستاذ بهجت"، "شو هالحكي"، وسلسلة "زعل وخضره" بحوالي 12 جزءا.
كما قدمت العديد من ورشات توعوية وعروض مسرحية تفاعلية من خلال شخصيتي "زعل وخضرة" حول مرض السل، في مدارس وجامعات المملكة الأردنية الهاشمية، وداخل مراكز الإصلاح والتأهيل، كما قدمت أيضا بالآونة الأخيرة فيديوهات درامية توعوية حول مرض فيروس "كورونا" المستجد.