ربات البيوت وكسل الشتاء: هبوط في المزاج وكره للأعمال المنزلية

منى أبوحمور

عمان ـ نوع من الملل يرافق الروتين الذي يسيطر على المنزل في مثل هذا الجو الذي تسوده الأمطار وتعصف به حبات البرد، وبرودة الماء التي تكاد تحبس الدم في أصابع اليدين، فضلا عن العتمة التي تأتي مبكرا، ما يزيد من مشاعر الضغط والتوتر لدى الثلاثينية ليان المجالي، التي تعاني نوعا من الملل والكسل حيال القيام بأي عمل في المنزل، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الأعمال المنزلية عليها، بل حتى أصبحت تكره العودة إلى المنزل قبل وصولها إليه.

اضافة اعلان

وتقول "ما يضايقني في فصل الشتاء تلك الأعباء التي تزداد يوميا، فتناول الطعام يتضاعف، وكذلك المشروبات، ما يحتم زيادة الجلي".

ويسيطر الكسل على ليان حد أنها تصل إلى مرحلة من اللامبالاة إزاء الغبرة التي تغطي الطاولات والمقاعد، أو حتى حيال الجلي الذي يغطي معظم المجلى، "فقدت الأمل عندما أردت ملء كأس من الماء، حيث لم أجد كأسا نظيفة".

وحال الأربعينية هيفاء صالح، لا يختلف كثيرا، والتي تصف مدى الضغط العصبي الذي يولده عندها تراكم الأعمال المنزلية، على الرغم من أنها من النساء اللواتي لا يتقاعسن أبدا عن القيام بأعمال المنزل، مبينة "الشتاء وما يحدثه الشعور بالبرد الدائم والتراخي الذي يسيطر علي، هو الذي يؤدي إلى إهمالي للمنزل، وعدم رغبتي بالقيام بأي شيء".

وفي ذلك يرى اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة أن المرأة، في هذا الجانب، تملؤها حالة من الضغط، خصوصا المرأة العاملة، وذلك لتعدد المسؤوليات، إذ يقع عليها واجب داخل المنزل وخارجه، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي عليها، وسيطرة حالة من "الذهول" على أحاسيسها، والذي يولد لديها نوعا من الشعور بعدم الرغبة بعمل أي شيء، وفي هذه الحالة تتراكم عليها الأعمال.

ويشير إلى أن تراكم الأعمال يؤدي إلى طغيان شعورها السلبي بالتقصير، وعدم قدرتها على الإنجاز، نتيجة "انخفاضية المزاج"، التي تسيطر عليها داخل المنزل.

ويربط الحباشنة بين "انخفاضية المزاج" لدى المرأة، وبين حالة الجو التي تسود فصل الشتاء، الذي يبعث في الإنسان نوعا من الخمول، المترافق مع كثرة الأعمال، نتيجة ملازمة البيت لفترات طويلة، وقلة الفعالية والمشاركة في مناسبات اجتماعية، والإقبال الزائد على المشروبات والطعام، الأمر الذي يتطلب جهدا من المرأة في الإعداد والتنظيف.

وتقول هيفاء إن طلبات أولادها وزوجها المتكررة، والتي لا تتوقف خلال اليوم، تزيد من توترها وضغطها العصبي، مشيرة إلى لامبالاة عائلتها بعدم رغبتها بالعمل أو حتى ببرودة الجو التي تقاسيها خلال عملها.

وتستهجن هيفاء من استنكار أبنائها من رفضها تنفيذ بعض طلباتهم خلال اليوم، لاسيما فترة المساء، حيث تقول "ما إن تقارب الساعة السادسة مساء، وبعد أن ينهوا فروضهم المدرسية، حتى تنهال الطلبات والأوامر والشهوات، متجاهلين مدى التعب الذي يقع على كاهلي في الإعداد والتحضير والجلي".

أما العشرينية روان الجزازي فتقول "لا يوجد أي سبب لتقاعسي عن العمل، لكن لا أرغب بالقيام بأي شيء".

وترجع روان شعورها هذا إلى الجو الشتوي الذي ينمي عندها الرغبة بالدفء، ومتابعة التلفاز ليس أكثر، مشيرة إلى أنها عندما تشعر بالنشاط، فإنها تؤدي ما تراكم عليها من أعمال منزلية.

وتضيف أن الشتاء يفرض على شخصيتها جدولة معينة لحياتها، فهي لا ترغب إلا بالالتصاق بالمدفأة، وتناول الكستناء والحلوى، ومشاهدة برامج التلفاز مع زوجها، ولا تواتيها أي رغبة بالقيام بأي شيء، وفي كل يوم قبل النوم، تخاطب نفسها "أتمنى أن أستيقظ من النوم وأجد قوى سحرية قد أنجزت ما تثاقلت عن إنجازه".

وما يخفف العبء الواقع عليها في هذا المضمار، هو تفهم زوجها لهذا الملل الذي يسيطر عليها، لاسيما في فصل الشتاء.

وفي هذا الشأن، يرى الاستشاري الأسري أحمد عبدالله، أن شخصية كهذه، يمكن تناولها من زاويتين؛ الأولى هي الشخصية التوترية والوسواسية، المتجهة صوب ترتيب البيت ونظافته، فإذا ازداد ضغط العمل على الخطوات التي تتبعها في ترتيب المنزل، فإن ذلك يربك مثل هذه الشخصية، فيتملكها التوتر، لاسيما أن الأمر يتعلق بشخصية يستفزها الضغط ويؤثر عليها، ولا يمكن حل المشكلة من خلال تنظيم الزمن، بل من خلال احتواء الموقف ومحاولة فهمه.

أما على الجانب الآخر، فيتحدث عبدالله عن الشخصية العادية، والتي تصل إلى تلك المرحلة نتيجة تراكمات ناشئة عن عجزها عن تولي الأمور وحدها من دون مساعدة، ويزداد الأمر سوءا إذا كان الضغط مزدوجا من قبل المنزل والعمل، الأمر الذي يولد لديها الشعور باليأس، نتيجة تبعات المنزل، وكل هذا يخلق لديها نوعا من الشعور بضخامة العبء الواقع على كاهلها.

ويؤكد عبدالله أن هذا النوع من الناس غير مدرب على إدارة الأعمال؛ إذ إنه من غير الصحيح التأثر بالانفعالات والاضطرابات التي تحيط بالشخص، وأنه إذا توفرت المساعدة المنزلية من قبل الزوج والأبناء، وتدربت المرأة على إدارة التوتر، فبوسعها السيطرة على التوتر والانفعال وتلافي حدوثه.

ويشير إلى أن عدم قدرة المرأة على تفريغ الشحنات التي تسيطر عليها، والنابعة من ضغوط العمل المفروضة عليها، قد يؤدي إلى انبثاق جو من التوتر والمشاكل، يسود العلاقة بينها وبين أبنائها من جهة، ومع زوجها من جهة أخرى، مؤكدا أن "الموضوع يحتاج إعادة نظر من قبل الزوج والأسرة".

[email protected]