ربط السعادة بالمظهر سبب رئيسي للاكتئاب

مريم نصر

عمان- كثيرون هم الذين يدخلون في اكتئاب شديد بسبب نظرتهم الدونية لأنفسهم الناجمة عن عدم رضاهم عن أوزانهم، الأمر الذي يجعلهم لا يستطيعون العيش بسلام مع ذاتهم.اضافة اعلان
والنساء يشعرن بعدم الرضا من صورة جسدهن أكثر من الرجال بعشرة أضعاف، فالنساء يربطن الجمال بالجسد النحيل والبشرة النضرة وليس بالجسد الصحي، وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها صناعة الجمال في العالم التي خرجت على السيطرة وجعلت النساء ضحية الصناعة بحيث أصبحن يبحثن عن طرق للاحتفاظ بمظهر الشباب بشكل جنوني.
ويتفق علماء النفس أن فكرة التخلص من إعلانات والمطالبة بالتوقف عن إنتاج المنتجات التي تعد بالجمال وبالوزن المثالي، فإننا ننكر أنفسنا فالناس يهتمون بمظاهرهم، والإنسان يزين نفسه منذ العهد الحجري وهذه مسألة لا تتعلق بالغرور ولا تتعلق بالنساء فحسب فهذه هي الطبيعة البشرية.
وتقول اختصاصية علم النفس ليما ساندرسون، إن الأشخاص الذين يركزون كثيرا على مظهرهم باعتباره مصدرا رئيسيا لاحترام الذات يميلون الى أن يكونوا أقل سعادة من الذي يركزون مثلا على حياتهم الاجتماعية.
وتضيف أن الإنسان حيوان اجتماعي، فالإنسان من دون علاقات جيدة يميلون الى الاكتئاب، وينطبق الشيء ذاته على الإنسان الذي لا يعمل ولا ينتج ولا ينخرط في نشاط يسعده يكون تعيسا، وهذه هي المصادر الحقيقية الدائمة للسعادة وليس المظهر الخارجي أو حتى المال.
وتشير المعالجة النفسية في كلية الطب بجامعة هارفارد د. نانسي ايتكوف مؤلفة كتاب "البقاء للأجمل: علم الجمال"، أن على المرء إدراك حقيقة أن الثقة الإيجابية بالنفس تجعل المظهر أكثر جاذبية، فعندما نشاهد شخصا ما يدخل وهو رافع الرأس مبتسم مشدود الظهر كأنه يرسل لنا رسالة مفادها "أنا شخص مهم أنا جديرة بالاهتمام".
وتضيف "طريقة المشي وتعابير الوجه ترسل إشارات للآخرين بأن هذا الشخص والإنسان منذ أن يولد ينظر مباشرة الى وجه الأم وينظر مباشرة في عينها وعندما لا تنظر الأم اليه ينزعج ويبكي، وهذا التصرف يبقى معنا الى الأبد، ونقول "العالم كبير جدا كيف يمكن أن أحظى بالاهتمام؟".
وأجرى العلماء المتخصصون بصورة الجسد العديد من الدراسات حول تتبع العين؛ إذ طلب من الناس التحديق في المرآة وتبين أن المرء لا ينظر الى الأشياء الجيدة في نفسه بل يحدق دائما فيما يطلق عليه العيوب، وهذا ما يجب على المرء أن يتوقف بالعمل به ويجب أن يدرب المرء نفسه على النظر الى ما يحب في وجهه أو جسده، فمثلا يقول "أحب شفتي كيف يجب أن أزينها وأي لون يجب أن أختار كأحمر شفاه؟".
كما على المرء أن يدرك أن الناس يأتون بأشكال وأحجام متنوعة وهذه هي طبيعة الحياة ويجب على المرء أن يعتز بجسده، وهنالك حقيقة لا بد من إدراكها أن 2 % من نساء العالم فقط يصنفن عارضات أزياء.
ومن ناحية أخرى، تشير اختصاصية العلاج السلوكي د. دنيس مارتز، إلى أن التحدث بإيجابية مع النفس له دور كبير في تحسين صورة الجسد، فمثلا بدلا من رؤية بروز البطن والتحدث عنه بسلبية يجب على المرء أن يقول "أحتاج الى قليل من الرياضة لأحصل على جسد مشدود وصحي"، فمثل هذه العبارة تساعد في تحديد المشكلة والحل في آن واحد، ما يجعل الدماغ لا يفكر بصورة سلبية.
كما يجب على المرء أن يركز على الجوانب الجميلة التي يحبها في نفسه سواء كانت جمالية مثل جمال العيون أو الأنف أو الشعر أو جمال الروح مثل الطيبة والتحلي بحب المساعدة. فمثل هذه الأمور تعزز الثقة بالذات، كما على المرء شراء الملابس وعدم تأجيل ذلك الى أن يخسر بضعة كيلوغرامات.
ويميل الإنسان الى الاعتقاد بأن الدعم الاجتماعي يجلب السعادة، فتقديم الدعم لبعضنا بعضا أمر في غاية الأهمية، هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن أولئك الذين يتطوعون لتقديم الدعم يكونون أكثر سعادة من غيرهم.
فالشعور بأنك جزء من شيء أكبر مما أنت عليه هو أمر في غاية الأهمية، وعندما تفعل شيئا جيدا لشخص آخر، يبدأ نظام المكافأة في الدماغ بالعمل، بيد أن المرء يميل الى عدم المساهمة أو الانخراط في الأمور التي تجلب السعادة الحقيقية، وننخرط في الأمور السطحية  كجلب السيارة، فنبحث عن الكمال في الأماكن الخاطئة.
لذا على المرء أن يبحث في داخله عما يجلب له السعادة حقا بماذا يستمتع وماذا يجيد فعله، وهذه الأشياء هي ما تجعل المرء سعيدا الى الأبد.