"ربيع البنفسج".. العلاقة بين الرواية عموما وكينونة الإنسان

figuur-i
figuur-i

عزيزة علي

عمان- صدر في القاهرة عن وكالة الصحافة العربية- ناشرون، كتاب بعنوان "ربيع البنفسج.. قراءة في روايات عربية" للكاتب المصري أحمد رجب شلتوت، يقدم قراءة في الفن الروائي منطلقا من مفهوم العلاقة بين الرواية عموما وكينونة الإنسان.اضافة اعلان
شلتون يعتبر أن الرواية صاحبة الإنسان في كل تجلياته، وتشبهه في قدرته على التطور والتجدد والاستمرار، وتمنح نفسها دائما حيوات جديدة، وتثبت خطأ التنبؤات بموتها.
يسلط المؤلف الضوء في هذا الكتاب على نماذج يراها مهمة للتدليل على نضارة "ربيع الرواية"، وذلك عبر تقسيم الكتاب لأجزاء، يركز الجزء الأول على المكان الروائي، من خلال وقوفه على المكونات الأربعة في كتاب "رباعية بحري" للكاتب محمد جبريل، الذي يؤكد أهمية المكان الروائي، الذي لم يعد مجرد وعاء حاو للأحداث والشخصيات بل هو شخصية موضوعية، كما أنه ذو بُعد اجتماعي؛ إذ يتأثر بحياة من حوله كما يؤثر في حياتهم.
القسم الثاني من الكتاب يتضمن قراءات لسبع عشرة رواية، تكون معا "لوحة فسيفساء"، تعبر عن الواقع العربي الحالي بكل أساه، فروايات "فتحي إمبابي"، تنبش في لحظات غائمة في تاريخ الوطن، فقد دفعته الهزيمة العسكرية في حرب حزيران "67"، إلى التاريخ ليس بحثا عن إجابات جاهزة لأسئلة محيرة، بل بحثا عن هوية اهتز اليقين بها كرد فعل طبيعي للهزيمة. هكذا تشكلت روايته الأولى "نهر السماء" التي استلهمت العقود الأخيرة من عمر دولة المماليك، ويرصد تغريبة المصري في بلاد النفط في روايتيه "العرس" و"مراعي القتل"، كذلك في "عتبات الجنة" تطرح الرواية بفترتها التاريخية، وبشخصياتها، سؤالا عن هزيمة الثورة.
أما عمار علي حسن، فيرسم في روايته "السلفي" لوحة كبيرة للوطن مختصرا في تلك القرية التي يطوف الأب بعتباتها مستحضرا لتاريخها ومنقبا خلف حكايات العتبات عن أصل الداء الذي حول الشاب الطيب إلى إرهابي.
أما رواية "حفر دافئة في متاهة الرمل" فيتلمس صورة باريس الرمادية كما رسمها التونسي الحبيب السالمي في رواياته، أما الروائي السوري فواز حداد، فيتوقف الكتاب عند روايته "الشاعر وكاتب الهوامش".
وفي رواية "حصن الزيدي" للروائي اليمني محمد الغربي عمران، يشكل الحصن فضاء يحتوي أغلب أحداثها، فهو بؤرة الأحداث باعتباره رمزا للسلطة، وتوضح الرواية تماثل السلطات، فلا تختلف سلطة عن أخرى، سواء انتمت إلى قبيلة تقسم الناس إلى سادة وعبيد، أو أئمة يطوعون الدين لمصلحتهم الشخصية أو ثوار لا يملكون سوى الشعارات وإطلاق الوعود التي لا يستطيعون الوفاء بها، فلم يتغير في الحقيقة إلا اسم الحصن في تبعيته للسلطات المتعاقبة على حكمه، بينما أحوال الناس ظلت مقيمة على بؤسها.
وفي رواية "كيميا" يعمل وليد علاء الدين على تذويب الحدود بين الواقعي والتاريخي من جهة، وبين التخييلي والتسجيلي من جهة أخرى.
وقد بدت التحولات التي شهدتها الرواية العربية أكثر من أن تكون مجرد صدى لجملة التحولات الاجتماعية المربكة التي شهدها الوطن العربي في العقد الأخير من القرن العشرين وفيما انقضى من القرن الذي تلاه، فتوقف الروائي العراقي وارد بدر السالم عند الراهن العراقي في رواية "شظية في مكان حساس" التي تسرد رحلة أسرة عراقية مع الألم الذي صهرها، وأعاد تشكيلها وصياغة حياتها عقب تعرضها لمحنة استثنائية في زمن الحرب.
ومن الكتابات النسائية يعرض الكتاب رواية "وطن الجيب الخلفي" لـ منى الشيمي التي تعالج فكرة الاغتراب وتشظي الهوية وتأثيرها على تعريف الوطن عند المواطن المستلب، وفي رواية "104 القاهرة" ترصد الروائية ضحى عاصي تفتت عوالم المدينة التي تشهد أفولها، وتستشرف تحول العلاقات بين الفضاءات المتجاورة بما ينذر بنشوب صراع قد يزيد من اتساع الشروخ التي تتسرب منها أرواح أولئك المتمتعين بقوة الرأفة.
ويذكر أن أحمد رجب شلتوت كاتب مصري، حاصل على بكالوريوس تجارة من جامعة القاهرة، وهو حصل على جوائز أدبية عدة منها جائزة جريدة الشعب المركز الأول في القصة العام 1989 ونادي القصة المركز الأول العام 1997 وجائزة إحسان عبد القدوس العام 2008 وجمعية الأدباء العام 2007 وجائزة ساقية الصاوى للقصة القصيرة جدا في العام 2010، فاز مرات عديدة في مسابقات الثقافة الجماهيرية ووزارة الشباب في القصة القصيرة والرواية والمسرحية.
صدر له في مجال القصة القصيرة أربع مجموعات قصصية "العائد إلى فرحانة"، "السعار والشذى"، "دم العصفور"، "ساعة قبل النوم"، وفي مجال الرواية صدر له "حالة وشحن"، ومجموعة قصص للأطفال "العش للعصافير".