رتب المعلمين والمعلمات

لأننا من العالم الثالث أو الرابع فإننا نتطلع إلى الاقتداء بالعالم الأول أو بالعالم الثاني، لنصل إلى ما وصل إليه من تقدم، ونأخذ بالتعلم عنه أو منه ونقل ما نقدر عليه منه إلينا، فنظامنا التعليمي، ونظامنا الصحي، ونظامنا الإداري، ونظامنا الاقتصادي، ونظامنا الأمني، ونظامنا الإعلامي، ونظامنا العسكري... غربية الأصل: بريطانية أو فرنسية أو أميركية.... وهكذا. ومن ذلك أننا في الأردن العزيز نقلنا فكرة رتب المعلمين والمعلمات عنهم، وأشغلنا أنفسنا بالفكرة أو الموضوع بلجان شكلناها، ومناقشات وحوارات أجريناها، أخذت منا وقتاً طويلاً لإقرارها، مثل مساعد معلم، ومعلم، ومعلم خبير، ومساند تربوي، وهكذا. اعتقدنا أن بناء سلم أو هرم للمعلمين والمعلمات يتسلقون عليه ويتنافسون على الوصول إلى قمته، ضروري لتحسين التعلم والتعليم ولرفع معنويات المعلمين والمعلمات. وقد قمنا بذلك دون الاتصال بهم أو التواصل معهم، فقد كنا نعمل في غرف مغلقة في وزارة التربية والتعليم، وكنت أحد الذين شاركوا فيه. وأجد نفسي بعد الوقت الذي مر وبالحكمة بأثر رجعي كما يقال أعود عن هذه الفكرة أو الموضوع، وأتراجع عنهما انسجاماً مع منطقي وفكري التربوي الذي يتعلّم، أي بعد ما تبين لي بالملاحظة الانطباع والأسئلة، وأن ما يطبق في الجامعات قد لا يصلح للتطبيق في المدرسة. ولا فائدة له في تحسين التعليم والتعلّم، فتحسينهما يحتاج إلى اعتماد نظرية تعلّم وتعليم مؤاتية، وإلى إعداد مسبق أو في اثناء الخدمة للمعلمين والمعلمات، وإلى التزام بالواجب، فالمعلمون والمعلمات مرتبون أصلاً كل حسب مستوى تعلّمه، أو تخصصه، أو صفّه، أو مرحلة التعليم التي يعمل فيها، والدرجة الحاصل عليها على سلّم الخدمة المدنية، ويشعرون بالود والألفة بينهم، وقد تستفزهم الرتب، وتفرّق بينهم. إنهم دون الرتب مثل بقية أصحاب المهن الأخرى، فالأطباء في وزارة الصحة أطباء لا رتب بينهم غير تخصصاتهم وأقسام عملهم في المستشفى أو في العيادة الطبية، وكذلك المحامون، والمهندسون، وهكذا. أما الرتب أو المراتب عند طالبيها منهم فيحصلون عليها بانتقالهم إلى العمل الإداري في مديريات التعليم أو في وزارة التربية والتعليم في المركز، ويتوقف عددها على الشكل الإداري فيهما، عمودياً أو أفقياً. وتبدأ من عضو شعبة أو من رئاستها أو من عضو قسم أو من رئاسته، وقد تنتهي بأمين عام أو بوزير أو برئيس وزراء. إن كثيراً من أصحاب المهن الأكاديمية أو العلمية كالمعلمين والمعلمات في المدرسة، أو كالأساتذة والأستاذات في الجامعة أو كالأطباء والطبيبات في المستشفى أو العيادة... يفضلون مواصلة التعليم أو التدريس أو التطبيب على أي عمل إداري مهما علا. وهو ما حدث مع عميد كلية التربية في جامعة ميشغن الحكومية التي كنت أدرس فيها، فقد تخلى عن العمادة بعد مدة قصيرة وعاد إلى التعليم بعدما أدرك أن الإدارة تأخذ وقته وتُضعف علمه. العيب المعيب فينا قيامنا بالنقل الأعمى للصيغة (Figure) عن الغير - وهنا رتب المعلمين والمعلمات- دون الأرضية الناشئة فيها (Background) فلا تركب تماماً على أرضيتنا دون تعديلها، أو دون تعديل الأرضية وهو الأصعب، فتبدو الصيغة نشازاً أو الأرضية محفرة. أما العيب المعيب الثاني فينا فعدم قيامنا باستطلاع الفئة المستهدفة بالفكرة أو الموضوع أو القرار لمعرفة رأيها وموقفها من المعروض أو المفروض عليها قبل اتخاذ القرار. أما العيب المعيب الثالث فينا فعدم القيام بالبحث الجدي في نتائج القرار وتداعياته بعد نفاذه، كي يستمر، أو يُعدّل أو يُلغى. واقول لكل معلم/ة إنكما تقومان بأصعب وأهم الأعمال جميعاً وهو التعليم. فإما أن تبقى معلماً/ة للأجيال التي تعلم/ين تنمو وتكبر وتنضج على يديك، وترتفع رأسك بها في الميدان، أو أن ننتقل إلى ميدان آخر لا يؤدي إلى مثله أبداً.اضافة اعلان