رجال دين: الوصاية الهاشمية أساس الحفاظ على الهوية الإسلامية المسيحية العربية

مشاركون في جلسة "مجالس الغد"-(تصوير: ساهر قدارة)
مشاركون في جلسة "مجالس الغد"-(تصوير: ساهر قدارة)

زايد الدخيل ونهاد قاسم

أكد رجال دين ومختصون، أهمية الموقف الأردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ودعمه لكل حقوق الشعب الفلسطيني، وأهمية التنسيق والتشاور والتعاون وتكثيف جهود خدمة القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية، باعتبارها أساس الحفاظ على الهوية الإسلامية المسيحية العربية، وتُقدم تنوعًا فريدًا للمُجتمعات العربية، وتُعزز فيها روح الوئام والمحبة والسلام، فضلًا عن أنها مُساند قوي في الدفاع عن الأراضي المُحتلة في فلسطين.

اضافة اعلان


وأجمعوا في ندوة عقدتها "مجالس الغد"، أن حديث جلالة الملك عبدالله الثاني عن القدس خلال مقابلته مؤخراً مع محطة cnn، وأهمية الحفاظ على الوجود المسيحي فيها، هو تجديد تأكيده في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك، وكذلك دور الأردن ووصايته الهاشمية عليها.


وبينوا أن حديث جلالة الملك، بعث برسائل واضحة وحاسمة، تتمثل بأنه لن يقبل المساس بالحضور المسيحي في القدس، ولا بأي مُحاولات لتفريغ المنطقة من الوجود المسيحي، مُشيرين إلى أن موقف جلالته، ليس بجديد عليه، فهو يحمل الهم العربي المسلم والمسيحي معًا، وهو الوصي على المُقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، كما أن الأردن هي الدولة التي تعمّد فيها السيد المسيح، ويجب أن تكون دائمًا رمزًا للسلام.


وأكدوا ثبات الموقف الأردني بأن القدس الشرقية أرض مُحتلة والسيادة فيها للفلسطينيين، والوصاية على مُقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولاها جلالة الملك عبدالله الثاني، ومسؤولية حماية المدينة مسؤولية دولية، وفقًا لالتزامات الدول، بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية، مُشددين على أن الهاشميين، جيلًا بعد جيل، حافظوا على المُقدسات في القدس، وكذلك على مكانتها، وقاموا على رعايتها، مُستندين إلى إرث ديني وتاريخي.


وفيما يتعلق بتسلل خطاب تمييزي عنصري يحض على الكراهية إلى المجتمع الأردني، أكدوا أنه خطاب على قلته، لا يمثل الأردنيين ولا يعكس قيم المجتمع ومبادئه التي نشأت معه ونشأ عليها، ويدخل في باب الفتنة والطائفية المنبوذة مجتمعيا، مؤكدين أن خطاب الكراهية يشكل خروجا على مبدأ حرية التعبير التي كفلها الدستور، وبالتالي فإنه يعد جريمة وفقا لنصوص قانون العقوبات النافذ.


ودعا المشاركون في "مجالس الغد"، إلى عدم الانجرار وراء مختلف محاولات زرع الفتنة بين مختلف المكونات الاجتماعية الأردنية، والحفاظ على العيش المشترك، والتنبه للتحديات في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا وتواجه المملكة، بخاصة أن الأردن يسعى على الدوام وفي ظل انتشار قوى الإرهاب والتطرف، إلى نشر قيم التسامح والمحبة بين اتباع الأديان السماوية لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب العالم المختلفة.

 

وتاليا محتوى المقابلة:


قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق الدكتور وائل عربيات، إن "الأردن وفلسطين روحان في جسد واحد، وأن الاردن مع كل قضايا الأمة العربية، لم يفرط يوما بحق تاريخي ولم يفرق بقضية مصيرية، بل كان دائما قائما لأشقائه العرب من كل حدب وصوب".


وأضاف عربيات، ان الإرث التاريخي الذي يحمله جلالة الملك عبدالله الثاني، ممتد من الشريف الحسين بن علي والمغفور لهم نجله الأمير عبدالله الأول وحفيده الملك طلال وابن حفيده الملك الحسين بن طلال، وهو ممتد الى سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، والأمة لا تنظر اليهم على انهم زعماء، بل الى ان مصير الأمة معلق بهذه السلالة المباركة وهذا العبق التاريخي.


وأشار إلى أن اتفاقية الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات الموقعة في 2013، جسدت هذه المعاني، وتحمل في طياتها دورا للهاشميين لحماية المسجد الاقصى المبارك، ودورا يلعبه الهاشميون ليس في الداخل فقط، بل وعلى المستوى الدولي، مؤكداً أن الاتفاقية الهاشمية للوصاية، لم تنشئ امرا جديدا، لكنها أكدت أمرا قائما منذ عقود، فالوصاية والرعاية الهاشمية على المقدسات، بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي.


ولفت الى الخلفية التاريخية لها، إذ طلب الفلسطينيون من الشريف الحسين بن علي، بأن يشمل برعايته المقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين، مبينا أنه عندما وقع فك الارتباط في العام 1988 بين الأردن والضفة الفلسطينية بطلب من منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة الولاية السياسية القانونية والسيادية، طلب من المغفور له الملك الحسين، بان يبقي على الرعاية الاردنية للقدس والمقدسات، وألا يشمل فك الارتباط، القدس والمقدسات.


وأكد عربيات، انه لو رفعت الوصاية الهاشمية عن المقدسات آنذاك، لوضعت دولة الاحتلال يدها على المقدسات كاملة، ولقدمنا لها القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية على طبق من ذهب، مبينا أن انتزاع الملك الحسين للوصاية على المقدسات من اسرائيل، جاء بمباركة فلسطينية، لتكون وديعة بين يدي الهاشميين.


وأوضح أن الوصاية جاءت بصفة جلالة الملك عبدالله الثاني الشخصية، ولم تكن بصفة الدولة الاردنية، لأنها لو كانت للدولة، لفتحت الباب لتأويلات سياسية، وللخروج من كل هذا كانت الاتفاقية بشأنها بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجلالة الملك، على أن تكون الرعاية لجلالته شخصيا، مشيرا الى ان الاتفاقية لا تغلق الباب على الأمة العربية للمشاركة.


وأشار عربيات، الى ترحيب الكنيسة المسيحية والكنيسة في القدس بتوقيع هذه الاتفاقية، لأنها تحافظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية وعروبة القدس، ودلالة على التنسيق العربي، مضيفاً "اننا استطعنا ان نحل مشاكل كثيرة تخص المقدسات المسيحية بفضل جهود جلالة الملك نتيجة تحركه السياسي".


واكد انه حين يرفع جلالة الملك صوته عاليا بشأن هذه المشاكل، فإننا على يقين بأن له تأثيرا كبيرا، بخاصة أن الوصاية هي دور متصل للهاشميين حتى بعد فك الارتباط، وهذا الوضع قانوني، وجدته إسرائيل منذ بدء الاحتلال ولم تستطع تغييره برغم طول فترة الاحتلال.


وأشار إلى أن الأمم المتحدة أعلنت بأن الاجراءات الاسرائيلية بهذا الخصوص، باطلة، وطالبتها بالتراجع عنها، في حين لم تعترض الامم المتحدة على الدور الاردني والهاشمي المستمر، وبالتالي فالاتفاقية تمثل صفة قانونية لجلالة الملك في الوصاية، واتخاذ الاجراءات التي يراها في مصلحة القدس والمقدسات.


ودعا عربيات الى زيارة المسجد الاقصى وحج مسيحي للقدس، فهذه الزيارة والحج لهما معان مختلفة في الحفاظ عليها، واعطاء الدعم المعنوي والمادي للصابرين والمثابرين على ارضها، مطالبا بدعم المؤسسات في القدس، مثل المستشفيات والمدارس المسيحية والاسلامية والمؤسسات التي تخدم الانسان بغض النظر عن دينه وعرقه لدعم صمودهم.


وبشأن من أسماهم بـ"دعاة الفتنة والطائفية والكراهية" في الأردن، قال "اننا في الأردن سنبقى مسلمين ومسيحيين أسرة واحدة، وأصحاب هذه الأرض الطاهرة على الدوام، نواجه التحديات معا"، داعياً الى عدم الانجرار وراء أي محاولات لزرع الفتنة بين المكونات الاجتماعية الأردنية، والحفاظ على العيش المشترك، والتنبه للتحديات في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا وتواجه المملكة.


وأضاف عربيات "ان الاردن يسعى دوما وفي ظل انتشار قوى الإرهاب والتطرف، لنشر قيم التسامح والمحبة بين اتباع الأديان السماوية، لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب العالم"، مؤكداً اننا في الأردن نفخر بأن منّ الله علينا، بقيادة هاشمية حكيمة، كرست جهدها لنشر ثقافة العيش المشترك، والمحبة والوئام، وتعزيز القيم الإنسانية النبيلة ونبذ ثقافة الكراهية، فجعلت من الاردن عنوانا لأخوة إنسانية، تعظم الجوامع المشتركة بين البشر، وتتجاوز الاختلافات في الأجناس والأعراق والأديان.


وأضاف، ان الديانات السماوية، وبما تحمله من قيم إنسانية وروحية، تدعونا جميعا للسمو الروحي والأخلاقي، لذا فأي ممارسات مهما كان شكلها ومضمونها، تحاول الإساءة للأديان السماوية وأصحابها وأتباعها، هي محاولات بائسة ومنبوذة، مؤكدا أن الأردن بقيادة جلالة الملك، يُمثل نموذجًا في العيش المشترك والتآخي بين المكونات الاجتماعية والدينية والعرقية، إذ "شكل اختلافنا في الأردن دائما مصدر قوة لنا، وخطابنا لم يكن يوما إلا جامعا، يُعظّم القواسم المشتركة بين الأديان السماوية".


وبين أننا في الأردن دعاة لنشر ثقافة المحبة والوئام، وتعزيز القيم الإنسانية، ونبذ خطاب الكراهية والعنف، مشكلين بذلك عنوانا لإخوة إنسانية نفاخر بها، لافتاً إلى أن الأردن، يؤكد أهمية حوار الحضارات، فجلالة الملك أول من دعا لتشجيع الحوار بين الأديان، والسعي لبناء ثقافة الوئام والاحترام بين أتباع الديانات، وهذا نابع من إيمان جلالته والأردنيين، بالعمل المتواصل لتعزيز مناخات الوئام، واحترام الإنسان وخصوصيته وكرامته وحريته، لذلك جاءت رسالة عمّان التي تدعو لقبول الآخر، وتؤكد أهمية تعظيم قيم المحبة والتسامح والاعتدال، ونبذ العنف والتطرف.


وأضاف أنّ على الكنيسة دورا تجاه المسلمين، وعلى المسجد دور تجاه المسيحيين، لأنّه إذا بقي دور كل جهة متركزا فقط على أتباعه، فهذا يزيد من معضلة تقبل وفهم الآخر، مؤكدا أهمية أن يكون هناك رواية أردنية رسمية مسيحية، تصف الواقع الحالي للأردن في هذا النموذج التعايشي، كرواية ممنهجة وليست فرديّة ضمن خطة واضحة، وجهود جماعية "تصف حال المسيحيين في الأردن ودورهم في تعظيم الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية في القدس، فالعالم ينتظر جوابا حول امكانيّة الأردن في رعاية المقدسات المسيحية في القدس أم لا؟


وأضاف "الأردن يرعى المقدسات الاسلامية، لكن يجب أن نثبت للعالم بأنّ الأردن قادر أيضا على رعاية المقدسات الأخرى"، موضحا بأن هذا النموذج من التعايش بين المسلمين والمسيحيين حينما يشرح بأنّه كان في المملكة على مدى الـ100 عام الماضية، من بكنائسه ومساجده ومقدساته وغيرها، يؤكد على أن الأردن مؤهل يرعى المقدسات المسيحية في القدس.


ودعا عربيات لمخاطبة العالم بهذا الخطاب وإسماعه بإمكانية الدولة الأردنية بنظامها الهاشمي المتسامح الوسطي المعتدل القائم على احترام الرأي والرأي الآخر وصون المقدسات، بهذه الرعاية، لافتا إلى أن بعضهم يرى بأن "قوتك تكون بإحداث الثنائية" والتخويف من الآخر، ليحمي ويعزز مكانته ووجوده.


ورأى أنه لا يمكن المطالبة بمواد من الديانة المسيحية تدرس في الجامعات، ما لم نستطع تغيير العقلية، وأن نمهد لهذه الخطوات كمسلمين، فممثل مثل هذا الطرح الآن مباشرة سيتعرض للهجوم، موضحا أن الحاجة لمادة "الإسلام وقضايا العصر" أو ثقافة إسلامية كمناهج، يشرف عليها نخبة أساتذة من خارج الأقسام الأكاديمية وكلية الشريعة، تضع المنهج ويجري تبنيه كمادة إجبارية، لكل طلبة الجامعة.


مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعـت بدر، قال إن جلالة الملك، يبرهن على أرض الواقع بأن الوصاية الهاشمية والدفاع عن المقدسات في مدينة القدس، شأن هاشمي بامتياز، موضحا أن تحقيق السلام في القدس، يتطلب الحفاظ على طبيعتها والثوابت التاريخية العربية والفلسطينية مسيحية وإسلامية، والوصاية الهاشمية.


وأشار بدر إلى أن الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية في القدس، تحافظ على الوجود التاريخي والديني والقانوني للكنائس المسيحية بالقدس، وتمثل الوصاية استمراراً للعهدة العمرية، وأساساً في المحافظة على الهوية والوجود المسيحي بالمنطقة برمتها، مبينا أن المسيحيين في المنطقة، يحملون هم الهوية العربية التي ومنذ فجر التاريخ، قدموا التضحيات ضد المستعمرين، حفاظاً على هويتهم ووجودهم، وأن المسيحيين والمسلمين اليوم، أكثر حاجة لمزيد من الوئام والتكاتف للدفاع عن قوميتهم العربية وحقوقهم في القدس وسائر المنطقة، بعيداً عن الفرقة أو الخلاف أو إثارة النعرات التي يقوم بها فئة قليلة.


وأشار إلى أن الدين المسيحي الذي يحمل رسالة إنسانية، انطلق من هذه الأرض، موضحا أن وجود المسيحيين بالشرق، وخصوصاً في المنطقة العربية وفلسطين والأردن، يحافظ على الهوية المسيحية العربية التي تضفي تنوعاً فريداً في المجتمعات العربية.


وقال بدر إن الحديث عن الوجود المسيحي يأتي في ظل المئوية الثانية للدولة الأردنيّة التي تبذل جهوداً كبيرة بقيادة جلالة الملك في الدفاع عن المسيحية وحمايتها، وكفالة حقوقها وحريتها الدينية، وصد أي محاولة تسيء للوجود المسيحي الذي سبق الوجود الإسلامي، مشيراً إلى أن الأردن، كما هو دائمًا، مصدّرًا للرسائل الحواريّة المبنيّة على قيم السلام والأخوّة والتعاضد والتعاون.


وأضاف "نصل إلى نتيجة قالها صاحب الوصاية الهاشميّة جلالة الملك خلال مقابلته مؤخرا مع محطة cnn، بأن المسيحيين جزء لا يتجزأ من أبناء المنطقة"، مضيفاً أن المسيحيين منخرطون في أحداث وقضايا أمتهم، وساهموا بالدماء لبناء مستقبل أفضل، ليس لهم وحدهم، بل للمواطنين، وبخاصة شركاء الحضارة من المسلمين.


وأضاف إن ما يواجه مسيحيي الشرق من تحديات متصل بما يواجه المنطقة من تحدّيات ايضا، مبينا أننا لا نستطيع الحديث عن المسيحية في الشرق دون الحديث عن مدينة القدس، إذ "لا توجد مسيحيّة من دون المدينة المقدسة، راجيا زيادة دعم الحضور المسيحيّ عبر المؤسسات الروحيّة والتعليميّة والاجتماعيّة".


وبشأن خطاب الكراهية والتطرف، قال بدر إن الجهل مفتاح العداوة وكراهيّة الآخر، مشيراً الى أنّه قبل 10 أعوام كان المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام قد نفذ دراسة عن "المناهج الأردنيّة ودورها في احترام الآخر الديني"، وقد جدنا خلالها أنه لا ذكر للحضور المسيحي في هذا الوطن، ولا في أي منهاج، وكانت المناهج الأردنيّة أحاديّة التفكير.


ولفت إلى أن هذا الفكر كان قبل 10 أعوام، ليجري بعدها تصويب بعض الأخطاء في المناهج، فمثلا كانت في كتاب الاجتماعيات للصف الرابع جملة تقول "جميع المواطنين في الأردن مسلمون"، ثم غيرت لاحقا بأن "الغالبيّة العظمى للمواطنين مسلمين، وهناك بعض المسيحين"، موضحا بأن المناهج الأردنية لا تعلمنا احترام الآخر"فالآخر غير موجود"، معولاً على تعديلات المناهج الأخيرة، ضمن الخطة التحديثيّة للمناهج، بخاصة اللغة العربيّة والاجتماعيات والفلسفة.


وقال بدر، إنه يجب على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أن تحترم تاريخ الآخر كما هو وليس كما تريد أن يكون، مشيراً إلى أن التعصب والتطرف موجود في وسائل الإعلام، موضحا بأن ما يحدث أحيانا وفي خلال الأعياد عندما يبث قداس عيد الفصح أو عيد الميلاد، بسبب كمية التعليقات "المخيفة"، جعلت وسائل إعلام توقف بث القداس عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، وتكتفي بالنقل المباشر دون إتاحة التعليق عليه، فوسائل التواصل تكون أحيانا "متوحشة".


وأكد انه علينا الاعتراف بأن مجتمعاتنا تحتوي خطاب الكراهية، وأنّ المشكلة الأساسيّة ليست في أنّ هذا الخطاب موجود أم لا، وأنّه مستورد من الخارج أم لا؟ بل لا بدّ من البحث عن حل عبر الاعتراف بوجود الخلل، ومن ثمّ البحث كمفكرين ورجال دين ومثقفين وجامعات عن كيفية تقليص وتخفيف من هذا الخطاب.


وأوضح أننا لم نعد قادرين على القول إنّ خطابات الكراهيّة مستوردة، ولا بدّ من الاعتراف بأنّ هناك مشكلة حقيقيّة داخليّة في أسس التربية والتنشئة في المدارس والأسر وغيرها، مشيرا الى أنّه وفي أحد الحوادث (تمثال الفحيص)، كان هناك 3600 تعليق، 100 منها إيجابي، و3500 سلبيّ.


وقال إن "المناهج لا تعلم الكراهية، لكنها تغيب وتجهل بالآخر الديني"، مشيرا إلى أن المركز الكاثوليكي للإعلام كان قد أقام عدة ندوات تدريبية لطلبة الجامعات حول كيف نحسن استخدام وسائل الإعلام أخلاقيا، مضيفا إنه "مع الأسف، تقدمنا تقنيا وتراجعنا أخلاقيا في وسائل الإعلام والتواصل"، متسائلاً متى سنصل إلى التركيز على إنسانية الإنسان وروح المواطنة الحقيقية التي تتخطى كل الفروقات؟


وبين أنه في عهد الخليفة المأمون، كان هناك 12 ألف كنيسة على أرض الإسلام تصان وتحترم، لنتساءل اليوم: من أين أحضرنا إذا خطابات الكراهية التي تتفشى هنا وهناك، مؤكداً أنه لن نصل لتعايش حقيقي ما لم نعد إلى جذور التطرف من أين نبتت، ومن أين جاءت، ثم نفكفكها ونحلحلها بالمنطق والعلم والفكر السليم.


النائب الأسقفي العام للروم الكاثوليك الارشمندريت بسام شحاتيت، قال ما أحوجنا حاليا للوحدة والالتفاف خلف جلالة الملك، صاحب الوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والذي يبذل قصارى جهده للدفاع عن الأردن وفلسطين، ونؤكد على دور الهاشميين وجلالته بدعم الوجود العربي المسيحي في فلسطين والأردن، لافتا إلى أن المبدأ الأساسي في قوتنا يكمن في وحدتنا، وسيبقى جلالته الأمين على القدس ومقدساتها، والسند الحقيقي للمسيحيين في المشرق العربي.


وأضاف "أن جلالة الملك ما يزال وسيبقى، الحارس الأمين وصاحب الوصاية الهاشمية على القدس، الذي يُجسِّد بالفعل لا بالقول، أسس العيش المشترك بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، كما أن الدور الأردني في حماية الوجود المسيحي واضح للعيان، لا يستطيع أحد إنكاره".


وزاد "كما أن مساعي الأردنيين جميعاً، وعلى رأسهم جلالة الملك بزرع بذور المحبة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين، نجني ثمارها في هذا الزمن، وهذا ليس غريباً على جلالته، فهو ديدن الهاشميين".


وقال شحاتيت، إننا كأردنيين حريصون كل الحرص على تعزيز روح التعاون والاحترام بين الجميع ممن يعيشون على هذه الأرض الطيبة والمقدسة، والتي سار عليها الكثير من الأنبياء والمبشرين برسائل السلام، مؤكداً أن المسيحيين العرب، مكوِّن أساس من مكوِّنات الوطن العربي، ولهم دور في بناء الحضارة العربية والإسلامية.


وأشار إلى أن الغرب ليس كله النسخة نفسها، فهناك فصل بين الدين والدولة، لذلك فإن مواقف حكوماته تختلف عن بعضها، وهنالك دول ذات توجه ديني مسيحي، وأخرى منفصلة كليا عن الدين، مضيفا "حتى الشعوب الغربية، هناك من هو مؤمن مسيحي ملتزم بالكنيسة، وهناك شعب مؤمن بالله لكنه لا يؤمن بالكنيسة ورجال الدين، وهناك من لا يؤمن بالله ولا بالكنيسة، لكن هناك احترام للإنسان الآخر ولمعتقداته وأصله ولونه، بغض النظر عما هو معتقده الديني"، مبينا أن الخطاب الموجه للغرب يجب ألا يوجه من ناحية دينية فقط، بل ومن ناحية إنسانية، وأن يخاطب الغرب كإنسان، بخاصة وأننا بحاجة لخطاب أوضح وأفضل للتعبير عن مسيحيي الشرق العرب.


وبشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال "أصبح لدى الغرب اليوم وعي ومعرفة أكثر بالقضية الفلسطينية، وهناك أوروبيون يدافعون عنها بقناعة"، مضيفا "علينا ألا نكذب على أنفسنا، فكلما كنا صادقين مع أنفسنا والآخرين، كان هناك تصديق لروايتنا كمسيحيين عرب في الغرب"، موكداً أن العمل معا مسيحيين ومسلمين، مهم جداً، مشيرا إلى أن العالم، يرى ما يحدث على أرض الواقع، فقد أصبح قرية صغيرة.


وبشأن خطاب الكراهية، قال شحاتيت، إن مواجهته تجري عبر التربية والتعليم والمعرفة، موضحاً أنه ليس هناك ما يمنع من أن يتضمن التعليم الجامعي لمادة حول الأحوال الشخصية المسيحية، للتعرف أكثر وبشكل مباشر على الديانة المسيحية، واصفا ما شهدته المناهج الحالية من تطوير، بأنه إيجابي، مضيفا "أنا مع حرية التعبير. حتى الشخص الذي يكتب سلبيا يعبر عن نفسه، ويرى تعليق الآخر عليه فيجد جوابا"، مؤكداً أن الانغلاق أمر سلبي ويجب أن نكون على تواصل حتى مع المغلقين والمتعصبين، لأن التواصل والحوار يؤدي للوصول للمعرفة والاحترام والمحبة.


وقال شحاتيت، ندخل في المئوية الثانية و100 عام من الوئام يكتب بماء من الذهب، موضحا أننا بحاجة لأن نسجل لـ100 عام من الوئام والانطلاق للأمام، فالانطلاقة للعمل معا مسيحيين ومسلمين في الأردن، وأيضا فلسطينيين وأردنيين والشعوب العربية، فذلك يؤدي للقوة، فالوحدة في التنوع والتنوع في الوحدة.


وتابع إنه "كلما كان هناك وحدة وعمل وشراكة، كان هناك قوة، والنقطة التي تؤدي للضعف هي التفرقة، وغالبا يجري العمل على هذه الجزئية خصوصا في فلسطين، اذ يجري العمل على التفرقة بين المكونات المسيحيية والإسلامية، ما يضعف قوة المسيحي العربي الفلسطيني، مشيرا لأهمية توحيد جهود الجميع، ما يساعد بالنهوض في وجه الاحتلال.


وأوضح أنه في فلسطين والشرق عموماً، هناك صعوبات وتحديات تواجه المسيحيين، بخاصة الاقتصادية منها، بالإضافة للتحدي السياسي، فالحروب كما رأينا أدت لهجرات خارج البلاد العربية، وشكرا لله من أن الأردن ينعم بالأمان والسلام، والأردن ابتعد عن الحروب، ودائما بقيادة جلالة الملك يتعامل بحكمة، نائيا بنفسه عن الحروب التي تؤدي للدمار كما حصل في العراق وسورية، بخاصة أن هناك كثيرا من أبناء الكنائس في لبنان وسورية والعراق هاجروا للغرب، وحياتهم ليست سهلة.


ويعتقد شحاتيت بأن العمل الذي يجب التركيز عليه، دعم الأسر المسيحية المحتاجة في دولنا العربية اقتصاديا، فشريحة الشعب الذي يحتاج، أصبحت أكبر، ونحن على تواصل معهم، وهناك منهم من لا يستطيع دفع فواتير الكهرباء أو الماء أو الأدوية أو العلاج.


وأضاف "أعتقد بان التكاتف والتعاون ماديا مهم جدا، وكذلك التعاون في حرية التعبير، ونحن نرى الكنسية ومجمع الفاتيكان الثاني والانجيل والكتاب المقدس يدعون لحرية التعبير الديني"، مبينا أن هذه الحرية مسؤولية، ويجب أن يكون من يتكلم أو يعمل مسؤولا عن عمله، وغير مسيء للآخرين.


ودعا مسيحيي المشرق للتعاون، وأن يكون لدينا ولاء لقيادة البلد، خصوصا في الأردن لجلالة الملك والأسرة الهاشمية.


وأوضح أنه في حال كان هناك ظلم ضد أي شخص، أكان مسلما أو مسيحيا، فيقف جلالته مع المظلوم ضد الظلم، لذلك ندعو ربنا منح جلالة الملك وافر الصحة ودوام العافية، وكذلك الأسرة الهاشمية، كما ندعو للتكاتف والتعاون مسلمين ومسيحيين، لنرتقي بالأردن وتقدمه.

وزير الأوقاف الأسبق الدكتور وائل عربيات
النائب الأسقفي العام للروم الكاثوليك الارشمندريت بسام شحاتيت
مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعـت بدر

اقرأ المزيد :