رجل الإطفاء من شارع بلفور

الداد ينيف: هآرتس

لم يشأ بنيامين نتنياهو أن يصبح رئيس حكومة عندما يكبر. فقد حلم منذ الطفولة بأن يصبح رجل اطفاء. وقد عرضت له في الايام الاخيرة فرصة لا أن يكون رجل اطفاء فقط بل قائد اطفاء أعلى. رأى في التلفاز أن الكرمل يحترق وأدرك انه حانت لحظة تحقيق الأحلام. استقل مروحية، وحادث الاصدقاء والقادة في أنحاء المعمورة، وطلب أن يساعدوا ويُرسلوا وحدات اطفاء طائرة وانشأ لنفسه جيشا جويا.

اضافة اعلان

غير ان نتنياهو، لم يدرك أن ما يستمتع به يُبكي الشعب. ففي الوقت الذي ظن فيه نتنياهو أن الكرمل هو الذي احترق ويجب اطفاؤه، استوعب الجمهور انه لا يوجد رب بيت وان حكومة كاملة انهارت إزاء ناظريه. أحب بيبي عمله الجديد كثيرا – لتعليم شمعون رومح، مفتش الاطفاء والانقاذ كيف ينبغي القضاء على النيران وكيف نهزم العدو من الجو – الى أن نسي انه تم انتخابه لتدبير دولة والاهتمام بأن تكون ثمة وحدات اطفاء حديثة في عسفيا، تعلم كيف تصل سريعا لاخماد نرجيلة قبل أن تحترق دولة كاملة.

منذ سنتين يستعد نتنياهو للحرب الكبيرة. فهو يراها رسالة حياته. سنمحو ذرية عمليق ونمنع هتلر الجديد من التسلح بالسلاح الذري وسيرد بآلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية. من المؤكد أن عددا منها كان سيُشعل الكرمل وغوش دان والضواحي من جديرة الى الخضيرة، وكانت البلاد تحترق كلها.

وكيف كانوا سيطفئون الحرائق التي تسببها الصواريخ؟ هل بسيارات اطفاء تحمل خمسة ارقام ترخيص، تذكارا بأنها ولدت في الستينيات؟ هل بـ 1500 رجل اطفاء في كل أنحاء اسرائيل ما كانوا كافين لاخماد حريق واحد في الكرمل؟.

صحيح أن جهاز الاطفاء أُهمل عشرات السنين. وصحيح أن الحريق شب في نوبة حراسته. لكن صحيح ايضا أن المسؤولية مسؤوليته. هذا ملف نتنياهو. خطط في نوبة حراسته لاشعال حريق كبير في البلاد كلها بحرب يأجوج ومأجوج مع ايران. خطط للاشعال ولم ينظم نفسه للاخماد.

أراد نتنياهو أن يُنتخب لرئاسة الحكومة لان "الليكود وحده يعلم ادارة الدولة". وبعد أن أنهى نصف ولايته، تبيّن انه يعلم التكلم على نحو ممتاز لكنه يستحق بالفعل درجة فاشل. اذا كانت اسرائيل مستعدة على هذا النحو بقيادته لحرب إيران، فيحسن أن يتزود كل مواطن بسفر المزامير. فمن لا يؤمن ايضا سيحتاج رحمة السماء.

من المغري جدا الانقضاض على ايلي يشاي، وزير الداخلية الفاشل، بل سيكون ذلك حقا. لكن المسؤولية هي مسؤولية القائد الأعلى. وقد حدث الامر في نوبة حراسته. نشبت حرب يوم الغفران في نوبة غولدا مئير. إن من كف عن العمل برغم النقش المنقوش في الجدار يتحمل المسؤولية عن التقصير.

ليس داحضا أن نفترض ان التقصير في الكرمل هو حرب لبنان الثانية لنتنياهو. لقد انتشى اهود اولمرت ايضا بالمشايعة في استطلاعات الرأي التي بلغت عنان السماء في بداية الحرب. وسيتمتع نتنياهو ايضا بمشايعة الجمهور لكن لا لوقت طويل. استمرت شعبية اولمرت الى أن عاد الجنود الى البيوت ورووا ما حدث وكيف تم التخلي عنهم وكيف أُرسلوا الى النار بلا طعام وبلا ماء وبلا دروع وبلا قادة، فضلوا البقاء قرب شاشات البلازما.

عندما يتم نشر تقرير مراقب الدولة، الذي يصف كيف تم تخريب جهاز اطفاء النار والانقاذ؛ وعندما يبدأ سكان الشمال في مشاجرة مندوبي ضريبة الممتلكات ومندوبي شركات التامين للحصول على تعويضات عن أملاكهم التي احترقت، وعندما ينكشف للمتنزهين لأول مرة ان سويسرا الاسرائيلية في الشمال الاسود – سيكون ذلك اللحظة التي يُحسم فيها الامر ويدرك مواطنو اسرائيل أن هذه الحكومة يجب أن تمضي الى البيت.

سيبدأ ذلك همسا لكنه سيقوى بعد ذلك كلما تبين أن لدولة اسرائيل شعبا رائعا لكن ليس لها رئيس حكومة. وان ثمة خيطا يصل بين دولة كاملة خصخصت في جنون في فترة ولاية نتنياهو لوزارة المالية وبين النتيجة في ايام نتنياهو نفسه في رئاسة الحكومة: التربية الخاصة للأغنياء فقط، والصحة الحديثة لمن يوجد قرش في جيبه فقط وخدمات أساسية لدولة كانت ولم تعد موجودة. لا شرطة ولا رجال اطفاء ولا سبب يدعو للتصويت لنتنياهو. لانه لا يوجد رب بيت في القدس. يسكن شارع بلفور رجل اطفاء هاو يحقق أحلام الطفولة.