رحلة الأمل والخوف تحمل 216 لاجئا سوريا إلى أميركا ضمن إعادة التوطين

لاجئون سوريون في أحد المراكز التابعة للسفارة الأمريكية بعمان قبيل توجههم للولايات المتحدة- (تصوير: محمد أبو غوش)
لاجئون سوريون في أحد المراكز التابعة للسفارة الأمريكية بعمان قبيل توجههم للولايات المتحدة- (تصوير: محمد أبو غوش)

نادين النمري

عمان – فيما حملتهم الطائرة تمخر عباب السماء متجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية فجر أمس، ضمن برنامج إعادة التوطين، يبدو أن حلم عشرات العائلات السورية اللاجئة في طي صفحة المعاناة والقلق قد تحقق، بعد حصولهم على فرصتهم في هذا البرنامج.اضافة اعلان
فجر أمس، وفي مبنى منظمة الهجرة العالمية، رصدت "الغد" خليطا من مشاعر الفرح والتفاؤل بمستقبل أفضل سيطر على 216 لاجئا سوريا خلال اللقاء، الذي جمعهم بالسفيرة الأميركية أليس ويلز التي حضرت لتوديعهم، بعد أعوام من عدم الاستقرار والترقب.
 هناك، كان 216 لاجئا سوريا ينتظرون أن تطأ أقدامهم بعد ساعات أرض الولايات المتحدة ليبدأوا حياتهم من جديد، ولسان حالهم يقول "وداعا لسنوات القلق والمعاناة التي جرّتها الحرب المجنونة في سورية".
بعض هؤلاء بدا وكأنما يتملكه الخوف والتردد من الحياة الجديدة التي ستبدأ اعتبارا من اليوم، فيما بدت الدهشة جلية على آخرين لم يتوقعوا أن يكونوا ضمن قائمة هذه "العائلات المحظوظة" التي استفادت من برنامج إعادة التوطين، ومن هؤلاء ايمان ابراهيم، التي قدمت إلى الاردن في العام 2014.
تقول ايمان، "نحن من القنيطرة السورية ورغم انها من المدن الآمنة نسبيا، لكن الخوف من تجنيد ابنائي الكبار كان السبب الرئيس لهروبنا من هناك".
وتتابع: "كنا نسمع دوي القصف في المدن القريبة.. هذه الاصوات كانت مصدر خوف لأبنائي الصغار، لكن الخوف الحقيقي كان على ابنائي الاكبر سنا، فالتجنيد اجباري ونحن لا نريد ان نكون طرفا في أي نزاع. نريد فقط العيش بالسلام".
وتضيف "عشنا حالة من الرعب قررنا بعدها اللجوء إلى الاردن. أقمنا لفترة في مخيم الزعتري ثم خرجنا منه إلى عمان حيث اقمنا في منطقة جبل الزهور"، وتسطرد قائلة: "انقطعت ابنتي (15 عاما) عن الدراسة منذ وصولنا إلى الأردن. إدارة المدرسة أبلغتنا أن الصفوف مغلقة وعلى ابنتي الانتظار لحين ايجاد مقعد في مدرسة قريبة. ابني الصغير كذلك لم يدخل المدرسة بتاتا. غادرنا سورية وهو في سن السادسة ولم يلتحق بالمدرسة منذ ذلك الحين".
وتعبر ايمان عن أملها في أن تتمكن من إعادة ادماج اطفالها بالتعليم لإيجاد مستقبل أفضل  لهم، فيما تبدي الابنة حماسة كبيرة لتعلم اللغة الانجليزية والعودة إلى مقاعد الدراسة، وتقول "احب اللغة الانجليزية كثيرا، كانت مادتي المفضلة في المدرسة".
في مقابل ذلك يبدي ابناء العائلة الاكبر رغبة في الحصول على فرص تأهيل مهني، فخلال اقامة العائلة في الاردن وبسبب نفاد مدخراتهم عمل الابناء محمد (21 عاما) ومازن (19 عاما) بشكل متقطع في محطات بيع المحروقات، معربين عن أملهما "في الحصول على فرصة عمل أكثر استقرارا وأمانا".
وفيما كان الخوف من التجنيد دافع عائلة ابراهيم لمغادرة سورية، فإن الخوف من القصف والنزاع داخل قريتهم البياضة كان دافع نديم جورية للهرب من بلاده.
يقول جورية "كنا نعيش في منطقة نزاع في قرية البياضة. خوفي على أطفالي الاربعة "8، 13، 14، 15 عاما" دفعني إلى النزوح لمدينة حماة، "لم تكن الحياة في حماة سهلة تعرضت هناك لسوء معاملة وإهانة وضرب. قررت بعدها اللجوء إلى الأردن".
"اقمنا لفترة بمخيم الازرق للاجئين، انتقلت بعدها للعيش بمنطقة ماركا بعمان، عملت بمصنع للبلاستيك براتب مائتي دينار، وإضافة إلى ذلك كنا نحصل على كوبونات الغذاء. الراتب والكوبونات لم يكونا كافيين لتلبية حاجات العائلة"، كما يروي جورية.
لكن اطفال عائلة جورية كانوا أوفر حظا من ابناء عائلة ابراهيم، فقد التحق أطفاله الاربعة في المدرسة فور وصولهم إلى الأردن، لكن الأب يبدي تخوفا من ضعف ابنائه في اللغة الانجليزية، قائلا "في البداية تخوفت ولم ارغب في السفر، العيش في أميركا يعني لغة جديدة وثقافة وعادات جديدة، لكن خلال لقاءاتنا طمأننا الموظفون بأن فرص الحياة هناك ستكون افضل بكثير وأن حاجز اللغة يمكن التغلب عليه بسهولة".
السفيرة ويلز قالت خلال وداعها لهذه العائلات: "اليوم وبفضل التنسيق بين وزارتي الخارجية والأمن الوطني، والصحة والخدمات الإنسانية، نعلن أننا حققنا الهدف بإعادة توطين 10 آلاف لاجئ سوري إلى الولايات المتحدة منهم نحو 8300 من الاردن وحده".
واكدت أن "استقبال 10 آلاف لاجئ لم يكن على حساب التدقيق الامني، فالعائلات المسافرة خضعت لتدقيق امني شامل وشديد".
وتابعت "بالرغم من ان الولايات المتحدة رائدة في إعادة التوطين، حيث قمنا بإعادة توطين للاجئين أكثر من دول العالم مجتمعة، لكننا نعترف أيضا أن إعادة التوطين هو جانب هام ولكنه محدود في حل العديد من الأزمات في جميع أنحاء العالم التي تسبب النزوح". 
واكدت ويلز الدور الذي يقوم به الأردن في تقديم الحماية والرعاية للاجئين السوريين، قائلة "ندرك حجم التضحيات الاستثنائية التي قدمتها دول مثل الأردن في التعامل مع أزمة اللاجئين. نحن جميعا نقدر سخاء الأردن والشعب الأردني في استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المسجلين".
وزادت "هدفنا الأساسي هو دعم بلدان مثل الأردن من خلال توفير المساعدة الإنسانية والحماية للاجئين في الأماكن التي هربوا اليها بحيث يمكن عودة اللاجئين إلى منازلهم عندما ينتهي الصراع"، متابعة "هذا الهدف هو السبب وراء الالتزام الكبير لتقديم المساعدات الانسانية في سورية والمنطقة. قرابة 5.6 مليار دولار منها نحو 795 مليون قدمت للاردن منذ العام 2012 بهدف مساعدة اللاجئين والنازحين سواء كان داخل سورية أو خارجها".
وبحسب ارقام مركز اعادة التوطين فإن الولايات المتحدة عملت خلال السنة المالية الحالية والتي تنتهي نهاية الشهر الجاري على اعادة توطين 85 الف لاجئ من جميع أنحاء العالم منهم 10 آلاف لاجئ سوري، كانوا يقيمون بشكل اساسي في الاردن والعراق ومصر والامارات، ولفتت ويلز إلى ان "قرابة 83 % من اللاجئين السوريين الذين تم توطينهم هم من المقيمين في الأردن".